ما هو الحكم الوضعي؟
ما هو الحكم الوضعي؟
قسَّم جمهورُ علماءِ أصول الفقه الحكمَ الشرعي إلى قسمين اثنين هما؛ الحكم التكليفي والحكم الوضعي ، وعرّفوا الحكم التكليفي بأنه: "خطاب اللَّه -تعالى- المتعلق بفعل المُكلّف اقتضاءً أو تخييرًا، ويشمل الأحكام الخمسة، وهي الوجوب والندب والإباحة والكراهة والتحريم"، كقوله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، فالحكم التكليفي في هذه الآية هو الوجوب، لأن كلاً من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أمران واجبان، أما الحكم الوضعي فهو: "خطاب اللَّه -تعالى- الذي اقتضى جعلَ أمرٍ علامةً لحكم تكليفي وجعله مرتبطًا به بكونه سببًا له أو مانعًا له أو صحةً أو فسادًا أو عزيمةً أو رخصة"، كقوله -تعالى-: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}، فدلوك الشمس حكم وضعي لأنه سببٌ لوجوب الصلاة.
أقسام الحكم الوضعي
قسّم علماء الأصول الحكم الوضعي إلى خمسة أقسام، وهي: السبب، والشرط، والمانع، و الرخصة والعزيمة ، والصحة والبطلان، وسيأتي بيان كل قسمٍ منها فيما يلي.
السبب
وتعريفه هو: "المعنى الظاهر المعلوم المحدد الذي ثبت بالكتاب والسنة أنه علامة على وجود الحكم، أو هو ما ارتبط به غيره وجودًا وعدمًا"، أي هو ما جعله الشارع علامةً على وجود الحكم التكليفي وربط وجود الحكم بوجوده، مثال: غروب الشمس سببٌ لصلاة المغرب، فإن لم تغرب الشمس فلا توجد صلاة المغرب، إذاً فالسبب ما يلزم من وجوده وجود الحكم، ومن عدمه عدم الحكم.
الشرط
وتعريفه هو: "ما يتوقف وجود الحكم وجودًا شرعيًّا على وجوده، ويكون خارجًا عن حقيقته، ويلزم من عدمه عدم الحكم"، ومعنى ذلك أن الحكم لا يتحقق بشكل شرعي إلا بوجود الشرط، مثال: الوضوء شرطٌ لصحة الصلاة وليس جزءاً منها، فإن وجد الوضوء صح أداء الصلاة فوجدت، وإن لم يوجد الوضوء لم توجد الصلاة.
المانع
وتعريفه هو: "وصفٌ ظاهر منضبط يستلزم وجوده عدم الحكم أو عدم السبب"، ومعنى ذلك أن المانع هو الأمر الذي يُبطل الحكم ويوقفه على الرغم من توفر جميع الأسباب والشروط الموجبة له، مثال: أن يُمنع حكم القصاص إذا كان القاتل هو الأب، فالقتل هو سبب القصاص وقد وُجد، والفعل العمد هو شرط القصاص وقد وجد أيضاً، لكن الأبوة هي المانع الذي منع من تنفيذ الحكم.
الرخصة والعزيمة
تعريف الرخصة: "هي ما شرعه الله من الأحكام تخفيفاً على المكلف في حالات خاصة تقتضي هذا التخفيف"، وأما العزيمة فهي: "ما شرعه الله أصالة من الأحكام العامة التي لا تختص بحال دون حال ولا بمكلف دون آخر"، فالرخصةُ هي عبارة عن إباحةُ الأمر المحظور عند الضرورة أو الحاجة، ومن الأمثلة على الرخصة: إباحة التلفظ بلفظ الكفر للشخص المُكره على ذلك مع اطمئنان قلبه بالإيمان، وإباحة أكل الميتة لمن اضطر لذلك إذا وصل إلى حد الموت من الجوع، أما العزيمة فهي كل الأوامر التي أمر بها الله -تعالى- العباد، وهي تشمل الأحكام التكليفية الخمسة عند جمهور العلماء، وهي الواجب والمندوب والمكروه والحرام والمباح.
الصحة والبطلان
الصحة هي ترتب ثمرة الحكم المطلوبة منه شرعاً، فإذا قام المكلف بالفعل المأمور به على الوجه المطلوب شرعاً، بأن حقق شروطه وأتم أركانه، فيكون فعله صحيحاً ويُحكم عليه بالصحة، وتترتب عليه آثاره، حيث يسقطُ عنه الواجب وتبرأ به الذمة، أما البطلان فهو عكس ذلك تماماً فهو الذي لا يسقط عن المكلف ولا تبرأ به الذمة لأنه فعلٌ باطل غير صحيح لم تكتمل أركانه أو لم تتحقق شروطه، مثال: من صلى دون وضوء، أو من صلى ولم يتم جميع أركان الصلاة ، كعدم الطمأنينة في الصلاة، فصلاته غير صحيحة ويجب عليه إعادتها لأنها لم تسقط عنه.