ما هو البيكنج باودر
البيكنج باودر
تُعدّ المخبوزات جزءاً أساسيّاً من غذاء الإنسان؛ إذ لا يخلو طعامه من تناول نوع أو أكثر منها في اليوم، وتتكوّن بشكل أساسيّ من الطحين والسكر والبيكنج باودر الذي يعتبر وجوده أهم شرط لنجاح عمليّة الخبز. والبيكنج باودر هو بديل كيماويّ للخميرة، مكوّن غالباً من صودا الخَبز والتي تُسمّى بيكربونات الصوديوم NaHCO3، وكريم التارت المصنوع من طرطرات البوتاسيومC4H5KO6، ونشا الذرة . ويتم خلط المكوّنات مع بعضها البعض، ثم تعبئتها وتغليفها.
تاريخ البيكنج باودر
في عام 1830 أضاف الخبّازون كربونات الصوديوم والأملاح الحمضيّة إلى عجينة المخبوزات، وعند إذابتها في الماء ومع ارتفاع درجة الحرارة داخل الفرن انطلق غاز ثاني أكسيد الكربون من العجين مسبباً انتفاخه.
لكن المشكلة كانت تتمثّل في الحليب الحامض ، إذ كان من الصعب تحديد مقدار حموضته، فتمّ حل هذه المشكلة عن طريق استبدال الحليب الحامض برواسب هيدروجين البوتاسيوم أو ما يُعرف بكريمة التارت، والتي تنتج عن عمليّة تخمير العنب وتحويله إلى نبيذ. لكنّ استخدام الصودا والكريمة واجه مشكلةً أخرى، حيث إنّه كان يتوجّب تخزينهما بشكل منفصل؛ إذ إنّ تخزينهما معاً في مكان واحد يؤدّي إلى حدوث تفاعلات، وخصوصاً في حال تعرّضهما للرطوبة.
لذلك توصّل العالم إيبين هوسفورد لحلّ هذه المشكلة عن طريق استبدال حمض التارت بفوسفات حمض الكالسيوم، وتمّ الحصول عليه عن طريق طحن عظام المواشي مع الحمض الكبريتيّ، ونتج عن هذه العمليّة كلٌّ من الحمض الفسفوريّ، وسوبر الفوسفات، وسولفات الكالسيوم، وتمّت معالجة هذا المزيج للحصول على فوسفات حمض الكالسيوم.
أنشأ إيبين هوسفورد مصنعه الخاصّ، ولكن بقيت هناك مشكلة بسيطة ألا وهي ضرورة خلط الصودا وفوسفات حمض الصوديوم للحصول على النتيجة المرغوبة، فعمد هوسفورد إلى حل هذه المشكلة عن طريق تجفيف المكوّنات وإضافة نشا الذرة للحفاظ على جفافها، وبعدها أنتج المصنع مسحوق البيكنج باود بشكله المعروف حاليّاً.
صناعة البيكنج باوردر
تبدأ العمليّة من صناعة كربونات الصوديوم، والتي تُسمّى عمليّة أمونيا-صودا، حيث يتمّ تعريض الأمونيا وثاني أكسيد الكربون لمحلول ماء مالح، وتنتج عن هذه العمليّة بيكربونات الأمونيوم والتي تتفاعل مع الملح مُنتجةً بلورات بايكربونات الصوديوم بشكلٍ خام، بالإضافة إلى كلورايد الأمونيوم، ويتمّ التخلّص من بلورات البايكربونات عن طريق فلاتر وأجهزة طرد مركزيّ، ثم تُغسل للتخلّص من الكلورايد المتبقّي، والناتج يتم تحويله إلى عمليّة التكلُّس، ويُسخّن ثمّ يحدث تفاعل بينه وبين ثاني أكسيد الكربون ليتم الحصول في النهاية على كربونات الصوديوم أو رماد الصودا.
عند إذابة رماد الصودا يُضاف إليه الكربون، ومن ثمّ يتم تبريده، لتُنتج عنه بلورات بايكربونات الصوديوم، والتي يتم تجفيفها لإزالة الرطوبة منها، ثم تُمرّر على شاشات معدنيّة لتشكيل جسيمات بالحجم المناسب، وبعدها تُخزن في براميل.
أما عن الجزء الحامضي في البيكنج باودر فهو حامض التارت والمكوّن من طرطرات هيديروجين البوتاسيوم الناتج من عمليّة صناعة النبيذ، يتم تكرير هذه الطرطرات وتحويلها لطرطرات الكالسيوم ، وباستخدام الحمض الكبريتي تتحلّل لإنتاج سولفات الكالسيوم وحمض الطرطريك، ثم يتم فصلهما ويُكرّر حمض الطرطريك ويُجفّف.
يُحول كل من حامض الطرطرات وكربونات الصوديوم والنشا إلى مرحلة الخلط؛ حيث يُصبُّ كل من المكوّنات بكميات مناسبة في أوعية خلط ذات شفرات فولاذيّة كبيرة الحجم، تجعل من المسحوق مزيجاً واحداً متجانساً، وينقل بواسطة أنابيب شفط إلى ماكينات تقوم بتعبئتها في عبوات ذات أحجام مختلفة.
أنواع البيكنج باودر
للبيكنج باودر نوعان: الأول ثنائي التفاعل وتعود سبب تسميته إلى تفاعله مرتين؛ المرة الأولى عند تفاعل الأحماض القابلة للذوبان مع الماء، والثانية عند ارتفاع درجة حرارة الأحماض غير القابلة للذوبان بسبب التسخين، وتنتج عن هذا النوع من البيكنج باودر كميّة قليلة من الغاز عند مزجه في السّائل، كما يمكن حفظه لمدة طويلة قبل استخدامه، ومن الجدير بالذكر أنّ معظم أنواع البيكنج باودر هي ثنائيّة التفاعل.
أما النوع الثاني فهو أحاديّ التفاعل، ويُطلق ثاني أكسيد الكربون بمجرد تفاعله مع الماء، لذلك يجب استخدام الخليط الذي يحتوي على هذا النوع من البيكنج باودر مباشرة قبل زوال مفعوله، كما أنّه لا يُباع منفرداً لاستخدامه في الصناعات.
الفرق بين البيكنج صودا والبيكنج باودر
إنّ استخدام البيكنج باودر يؤدّي إلى انطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون وانتفاخ العجين، وهذا الأمر ناتج عن تفاعل الحموض مع القلويّات، أما البيكنج صودا فهي ذات صفات قلويّة، لذا لا يمكن استخدامها بديلاً عن البيكنج باودر في الوصفة إلا إذا كانت تحتوي على أحماض كعصير الليمون أو اللبن لضرورتها في حدوث التفاعل، كما أنّ تأثيرها أضعف من تأثير البيكنج باودر، فبالتالي عند استخدامها كبديل عنه فإنّنا سنضطر لزيادة الكميّة المستخدمة، مما يُكسب العجينة طعماً مُرّاً. وأيضاً لا يُمكن الاستعاضة عن البيكنج صودا بالبيكنج باودر؛ وذلك لأنّ كميّة البيكنج صودا المستخدمة في الوصفة غالباً ما تكون كبيرة، واستخدام مثلها من البيكنج باودر يؤدّي إلى انتفاخ العجين بشكل كبير.
تخزين البيكنج باودر
يجب حفظ البيكنج باودر في مكان جافّ محكم الإغلاق بعيداً عن مصادر المياه والحرارة : كالفرن وصنابير المياه وأشعة الشمس، كما أنه يُمنع حفظها في الثلاجة؛ وذلك لأنّ هذا يساعد على حدوث تفاعلات داخل العلبة.
التحقق من صلاحيّة البيكنج باودر
مع مرور الزمن يمكن للبيكنج باودر أن يفقد خصائصه نتيجة تعرّضه للظروف والعوامل المختلفة، لذلك لا بدّ من التحقّق من صلاحيّته قبل استخدامه، وذلك عن طريق تحريك العلبة للتحقّق من عدم وجود الكتل؛ وذلك لأنّ الكتل دليل على تعرّض البيكنج باودر للرّطوبة وتفاعله داخل العلبة، كما يجب التحقّق من تاريخ الانتهاء، والتي تستمر لمدة أربعة وعشرين شهراً، ويُنصح بإذابة ملعقة صغيرة من البيكنج باودر في ثلث كوب ماء ساخن، وفي حال تكوّنت فقاعات فهذا دليل على صلاحيّة البيكنج باودر.
طريقة صنع البيكنج باودر
في حال عدم توافر البيكنج باورد فإنّ بالإمكان صنعه في المنزل، مع التأكيد على أنّ النتيجة لن تكون كنتيجة البيكنج باودر الأصلي، وذلك بمزج نصف ملعقة صغيرة من كريم التارت وربع ملعقة من الصودا، وفي حال عدم الرغبة في استخدامه مباشرةً فإنّه يُضاف إليه النشا؛ وذلك لمنع حدوث تفاعل بين الحموض والقواعد، ومنع امتصاص الخليط للرّطوبة.