ما معنى حي على الفلاح
شرح نداء (حيَّ على الفلاح)
أمر الله -تعالى- عباده بالصلاة وجعلها أعظم ركن بعد الشهادتين من أركان الإسلام ، وجعل للصلاة أذاناً وإقامة، ومن عبارات الأذان والإقامة عبارة "حي على الفلاح"، ومعنى حيّ: هلمّ وأقبل، ومعنى الفلاح: الفوز والبقاء.
ومنه قوله -تعالى-: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، أي أولئك هم الفائزون، أو أولئك هم الذين كتب لهم البقاء في الجنة، فمعنى "حي على الفلاح": هلمّوا وأقبلوا على سبب البقاء في الجنة، أو هلموا وأقبلوا على سبب النجاح والفوز في الدنيا والآخرة.
ما يقول من سمع (حي على الفلاح)
شرع الله -تعالى- الأذان؛ ليكون إعلاما للناس بدخول وقت الصلاة ، وقد شرع الله -تعالى- لعباده أن يرددوا خلف المؤذن، فقد ثبت في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ المُؤَذِّنُ). ومعنى الحديث أن المسلم عندما يسمع المؤذن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا إذا قال: "حي على الفلاح"، فإن المسلم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا استثناء من عموم الحديث.
فقد ثبت في حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قالَ المُؤَذِّنُ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، فقالَ أحَدُكُمْ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، ثُمَّ قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قالَ: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ قالَ: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، ثُمَّ قالَ: حَيَّ علَى الصَّلاةِ، قالَ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: حَيَّ علَى الفَلاحِ، قالَ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، قالَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، ثُمَّ قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِن قَلْبِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ).
ولا يقول بعد قول المؤذن حي على الفلاح: حي على الفلاح، لأن معنى حي على الفلاح؛ هلمّوا وأقبلوا على أسباب الفوز في الجنة ، فلا يتناسب أن يقولها السامع، وإنما ناسب أن يتبرأ من حوله وقوته ويستعين بحول الله وقوته.
معنى الفلاح في القرآن
ذُكر آنفا أن معنى الفلاح الفوز والبقاء، وقد ورد لفظ الفلاح في القرآن الكريم كثيراً، ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
- قول الله -تعالى-: (أُولَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
- قول الله -تعالى-: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
- قول الله -تعالى-: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
ومعنى ذلك أنهم الفائزون، وأنهم ممن كُتِب لهم البقاء في الجنة خالدين فيها، وجاء لفظ الفلاح بصيغة المضارع في القرآن كقول الله -تعالى-: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)، وقال الله -تعالى-: (وَلا يُفلِحُ السّاحِرُ حَيثُ أَتى).