ما معنى الوسواس القهري
الوسواس القهري
يُصنّف اضطراب الوسواس القهري ضمن الاضطرابات النفسية التي تندرج تحت فئة اضطرابات القلق حسب تصنيف الدليل التشخيصي الطبّي الرابع، ويُعبّر اللفظ وسواس -وهو المكوّن الأوّل من المصطلح المعروف بالوسواس القهري- عن القلق الناتج عن تفاعلات نفسية واضطرابات تصيب الفرد نتيجة تداخلات التفكير السلبي وما يتراءى له من الخواطر التي تحمل بداخلها الشر، ومصدرها وسوَسَ بمعنى حديث الذات الذي لا طائل منه ولا جدوى، أمّا لفظ القهر أو القهري وهي المكون الثاني للمصطلح، فإنّه يشير إلى الاضطرار والغلبة والخضوع، ومن مرادفاتها الإلزام والإكراه والإجبار.
تعريف الوسواس القهري
من الممكن شرح معنى الوسواس القهري من خلال تعريفاته المختلفة؛ حيثُ يُعتبَر من أكثر الأمراض العصابية انتشاراً فقد أشارت الدراسات إلى إصابة شخص واحد من بين كلّ أربعين فرد بالغ، ويُعرِّف علم النفس الوسواس القهري على أنه إصابة الفرد بالأفكارالسلبية والدخول في دائرة الهواجس والمخاوف غير المنطقية بشكل متكرّر، فتُسيطر على تفكير الفرد وتقتحم عالمه الداخلي؛ فتسيطر على أفعاله، وتقف في وجه سير حياته بشكل طبيعي ومستقر بفعل التصرفات والاستجابات القهرية، وقد تظهر هذه الأفعال والاستجابات القهرية النمطية على الجانب الجسمي أو على الجانب العقلي ، والتي يقوم بها الفرد ليتخلص من حالات القلق الناتجة عن الوسواس، وتظهر تأثيراته السلبية على حياة الفرد الاجتماعية وعلاقاته مع الآخرين، أما الفرد الذي يعاني من هذا الاضطراب، فغالباً ما يعي بأنّه يعاني من الوسواس والتصرفات القهرية المتكررة والتي لا يستطيع التخلُّص منها.، بالإضافة إلى ما سبق فقد ظهرت الكثير من التعريفات للوسواس القهري، والتي من أهمها:
- تعريف الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع: عرّفت الجمعية السعودية الوسواس القهري على أنّه نوع من أنواع أمراض واضطرابات القلق العصابية النفسية؛ حيث ينمو عند الفرد العديد من الأفكار والمخاوف غير المنطقية وغير المُبرّرة تدفعه إلى القيام بالتصرفات والأفعال النمطية والمتكررة، وفي أغلب الحالات يكون المريض على علم بأنّ الأفكار والمخاوف التي تسيطر على ذاته وعقله هي أفكار غير سوية، فيحاول بدوره تجاهلها؛ ممّا يزيد من فرصة دخوله في حالات القلق والاكتئاب، وفي وقت لاحق تصبح التصرفات والاستجابات القهرية وسيلة لتخفيف حدة التوتر الذي يتعرّض له.
- تعريف حامد زهران: وقد عرّف حامد زهران الوساوس على أنّها مجموعة الأفكار المتسلطة على الفرد، كما عرّف القهر بأنّه السلوكيات الاجبارية الناتجة عن هذه الأفكار؛ حيثُ يظهر السلوك الإجباري بشكل متكرّر وقوي على المصاب، فيسيطر عليه ويستحوذ على استجاباته دون أن يستطيع مقاومته ومجابهته، كما ويشعر الفرد المصاب بغرابة الأفكار التي يعاني منها والتي تسيطر على تفكير الفرد بمدى سخفها وعدم واقعيتها وعدم فائدتها وجدواها، وبالتالي فهو يشعر بالقلق والتوتر من مقاومة هذا الوسواس وهذه الأفكار، مع الإلحاح الداخلي المستمر في مجاراتها والاستجابة لها.
أعراض مرض الوسواس القهري
تظهر أعراض الوسواس القهري بشكل عام على هيئة العديد من صور السلوك المتكرر؛ كالمراجعة والتدقيق وعدّ الأشياء بشكل قهريٍّ ومتعب، بالإضافة إلى الأفكار العدوانية والطقوس الخاصة بعملية النظافة والتنظيم والترتيب والتخزين، كما تظهر هذه الأعراض بشكل متفاوت بين الأفراد، فالبعض قد يعاني من الأعراض الوسواسية المتعددة، والبعض الآخر قد يعاني من عَرَض أو فكرة وسواسية واحدة، كما أنّ بعض المصابين قد يعانون فقط من الأفكار الوسواسية دون وصولها إلى مرحلة الأفعال والممارسات السلوكية القهرية،، وبشكل عام فقد قُسِّمَت أعراض اضطراب الوسواس القهري إلى قسمين رئيسين، هما: الوساوس القهرية والأفعال القهرية، وفي ما يلي شرح مُختصَر عن هذه الأعراض:
الأعراض الوسواسية (الوساوس القهرية)
وهي الأعراض التي تظهر على هيئة أفكار وخواطر لا إرادية غير مرغوبة، وتكون بشكل ثابت ومتكرر، وتقتحم هذه الأفكار والوساوس عقل الفرد بشكل مفاجئ وتسيطر عليه، ومن أبرز هذه الأعراض ما يلي:
- خوف الفرد المصاب من الإصابة بالعدوى بمجرد مصافحة الأخرين، أو تصديق الفرد بإمكانية تعرُّضه للتلوث بمجرد ملامسته للأشياء من حوله.
- حالات الشكّ المرضي؛ حيثُ يكون المصاب يعاني من العديد من الشكوك تجاه بعض الأشياء بشكل غير منطقي، كالشك المستمر بإحكام إغلاف الأبواب؛ ممّا يؤدّي به إلى التأكد بشكل متكرر ولمرات متعددة من إغلاقها.
- سيطرة الأفكار العدوانية التي تدور حول إيذاء الآخرين والأفراد المقربين منه.
- الشعور المُلحّ بضرورة ترتيب وتناظر أماكن الأشياء، وتحري الدقة والترتيب البالغ بها بشكل قهري.
الأعراض السلوكية (الأفعال القهرية)
وهي السلوكيات والعادات القهرية التي يعاني منها الفرد، ومن أبرزها ما يلي:
- غسل اليدين بشكل روتيني ومتكرر بطريقة مفرطة؛ ممّا يؤدي إلى إصابة الفرد بجفاف اليدين والتشقُّقات الجلدية.
- القيام بالعد والحساب بشكل قهري وثابت ومستمر.
- التأكد من ترتيب الأشياء بأنماط وطرق معينة.
علاج الوسواس القهري
إنّ عملية علاج الوسواس القهري تُعتبَر عمليّةً معقدة وغير سهلة، وقد تستمر بعض الإجراءات العلاجية مدى الحياة، ومن الممكن أن تكون تكون غير مضمونة النجاح؛ إلّا أنّه هناك العديد من الأساليب العلاجية التي تُساعد المريض على التكيف مع الأعراض المصاحبة له، ويوجد هناك نوعان رئيسيّان للعلاج، وهما كالتالي:
- العلاج النفسي: أو ما يُسمى بالعلاج السلوكي، والذي يكون بتعريض الفرد إلى المواقف التي تستدعي خوفه وقلقه، ومساعدته في التعامل معها، والتفكير تجاهها بطريقة مختلفة، ومحاولة ضبط الاستجابات الناتجة، وتقليل الرهبة والمبالغة التي يشعر بها المريض تجاه بعض المثيرات.
- العلاج الطبي: أو العلاج الدوائي؛ فعادة ما يصف الأطباء لمرضى الوسواس القهري الأدوية الخاصة بالاكتئاب؛ لما أظهرته من الأثر الكبير في تخفيف حدة الأعراض القهرية، ورفع مستوى بعض الهرمونات التي قد تكون منخفضة لدى مرضى الوسواس القهري، بالإضافة إلى ظهور العديد من العلاجات الطبية الأخرى في حال عدم الاستجابة للأدوية؛ كالتحفيز العميق للدماغ والتحفيز المغناطيسي.