ما معنى النفاق
تعريف النفاق
يُطلق مصطلح النّفاق على الأشخاص الذين يدّعون الإسلام، ويُظهرون عكس ما يُخفون، وفيما يأتي تعريف النّفاق في اللّغة والاصطلاح:
- النّفاق لغةً
هذا اللّفظ في اللّغة مأخوذٌ من الفعل نافَقَ، وأصله من النّفق؛ لأنّ المُنافق يُخفي أمرَه، كمن يدخل ويختبئ في النّفق، وقيل إنّ اللفظ مأخوذٌ من نافقاء اليربوع، وهو جُحْره الذي يحفر الأرض ليخرج منه، حتّى يوشكُ أنْ يبلغَ سطح الأرض، فيترك طبقةً خفيفة لكي لا يعلمَ أحد بمكان مخرجه.
وإذا خاف من شيءٍ، أو شكّ في وجود شيءٍ، رفع رأسه ليُبعد هذه القشرة ويخرج منها، فكان النّفاق مُشتقًا منها؛ لكوْنِ المُنافق يُخفي أمرًا ويُظهر غيره، فالجُحر الذي يخرج منه اليربوع في الظّاهر يكون ترابًا يُغطي مكانًا صغيرًا من الأرض، وتحت هذا التراب حفرة لا يراها أحد، وكذلك النّفاق.
- النّفاق اصطلاحًا
يُعرّف النّفاق اصطلاحًا بأنّه: إظهار الإسلام وإخفاء الكفر، وقد سمّى بعض الفقهاء المنافقَ زنديقًا.
أنواع النفاق
كان النفاق في عهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مُنتشرًا بين فئة معيّنة من النّاس، وظهر النفاق بعد هجرة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى المدينة، ووضّح رسول الله -عليه الصلاة والسلام- النفاق وما دون النّفاق في أحاديثه، وقد قُسّم النفاق إلى قسمين، وفيما يأتي بيان ذلك:
النفاق الأكبر الاعتقادي
يشمل النّفاق الأكبر كلّ ناقص للشهادة، كما يعدّ النّفاق الاعتقادي مُخرجاً من الملّة الإسلامية، وهو المقصود في قول الله -سبحانه وتعالى-: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
وللنّفاق الاعتقاديّ أنواع عديدة، وجميعها عقوبتها شديدة ومغلّظة عند الله -تعالى-، فهي تجعل صاحبَها من أصحاب الدّرك الأسفل من النّار، وفيما يأتي ذكر أنواع النفاق الأكبر أو النفاق الاعتقادي:
- أن يكونَ المنافق مكذبًا للنبي -صلَّى الله عليه وسلّم- ولما جاء به.
- أن يكونَ المنافق يبغض رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، أو يبغض شيئًا من الذي جاء به.
- أن يكون المنافق فَرِحًا بانتكاسة الدين الإسلامي أو تراجعه، وأن يكرهَ علوّ الإسلام وانتصاره.
النفاق العملي
يشتمل النّفاق العمليّ على أنواع خمسة؛ وهذا النوع من النّفاق لا يعد مُخرجًا من المِلّة، فهو يأتي دون النّفاق الاعتقادي، وقد ذكره النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في سنته حيث قال: (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ).
وقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنّه قال: (آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)، وأنواع النفاق العملي هي:
- الكذب في الحديث.
- إخلاف الوعد.
- خيانة الأمانة.
- الفُجور في الخصام.
- غدر العهد.
الفرق بين النفاق والرياء
هناك ثمّة فرق بين الرّياء والنّفاق، فالرّياء كلمة مشتقّة من الرّؤية، وهو أن يعملَ الإنسان العمل ليراه النّاس، وأمّا النّفاق فهو فعل المنافق، وهو في الشّرع أن يُظهر من الإسلام والإيمان خلاف ما يُبطن من الكفر والعداوة للإسلام.
أمّا الرياء فهو محاولة إظهار الأفعال الحسنة لكسب مديح الناس ، ولا يقصد المُرائي من فعله نيل رضا الله وكسب الأجر والثواب منه، وإنما ليكسب رضا الناس، وليسمع منهم المديح والثناء، فيكون بذلك مفهوم الرياء مُختلفًا عن مفهوم النّفاق.
أسباب النفاق
إنّ للنّفاق أسباباً كثيرة ومتعددة تدفع صاحبها نحو إظهار النفاق، وأن يُبديَ للنّاس عكس ما يُخفي، والأسباب التي تدعوه لذلك كثيرة، منها ما يأتي:
- أن يكون مُحبًّا للشّهوات، أو واقعًا تحت تأثيرها، ومنها شهوة التّعلّق أو التّمسّك بالحياة.
- أن يكون الدّافع هو حبّ المناصب والرّئاسة، والخوف على نفسه من انتزاع جاهه وزعامته وسمعته بين النّاس، فيُشعر من حوله بتمسّكه بالإسلام؛ كي لا يزول منصبه.
- أن يكون الدّافع هو التعلّق بالدّنيا وحظوظها، وما فيها من ملذاّت وغنائم، فكان الكثير من الكفّار يُظهرون الإسلام في وقت المعارك والغزوات؛ طمعًا في الفيْء والغنيمة.
- أن يكون الدّافع هو الفِتن والشّبهات؛ ليعلمَ الله -تعالى- من يُؤمن به ويعبده حقّ عبادته، ومن تمكّن الإيمان في قلبه من الذي يعبدُه من غير إخلاص ولا صدق.
صفات المنافقين
وصف الله -سبحانه وتعالى- المنافقين في كتابه الكريم بعدة أوصاف ، وأكّدها النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في سُنته، ومن صفات المنافقين ما يأتي:
- أنّهم يُظهرون الودّ والمحبّة للمسلمين، ويُخفون العداوة والبغضاء، فالمنافق لا يعادي أعداء الإسلام، بل يبقى على مودّة معهم، ويُضمرون في أنفسهم العداوة للمسلمين، ويتجلّى ذلك في مواقفهم عند وقوع الفِتن، فتكون قلوبُهم مليئةً بالحقد على الإسلام والمسلمين.
- أنّهم يُظهرون إعراضهم واستغناءَهم عن أهل الإيمان، فهم لا يكترثون لدعوتهم لهم، ويتعمّدون إظهار الإعراض أمامهم.
- أنّهم يُوالون الكفّار ويُصادقونهم، ويحبّونهم ويركنون إليهم، ويحرصون على بقاء الودّ قائمًا بينهم.
- أنّهم يُخادعون الله تعالى، ويخدعون المؤمنين.
- أنّ في قلوبهم مرضٌ، فقيل إنَّ قلوبهم مَرضى بسبب الرياء الذي يفعلونه، وقيل بسبب الشّكّ الذي يتملّك قلوبهم.
- إفسادُهم في الأرض، وتذبذبِهم بين الكفر والإيمان، فعند وجودهم مع المؤمنين يدّعون الإيمان، وعند وجودهم مع الكافرين يُظهرون كفرهم.
- أنهم يُكثرون من الأَيْمان الكاذبة، خشيةَ أن يُقتلوا أو يُعاقبوا.
- بعدهم عن الحقّ والنّور والهداية، فالله -تعالى- قد ختم على قلوبهم، وقد وصفهم الله تعالى بالأوصاف الحسيّة من ضخامة الأجساد، وانتقاء الكلام، وحُسْن الخطاب، والخوف والهلع الذي يسكن قلوبهم.