ما معنى العلماء ورثة الأنبياء
العلماء ورثة الأنبياء
العلماء العاملون هم النّور الذي يُضيء العالم ويخرجه من ظلام الجهل، وهُم الخلفاء بعد الأنبياء على أُممهم، وهُم ورثة الأنبياء، قال الله -تعالى-:(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)، قال الزمخشريّ في الكشّاف: "ما سماهم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله"، ولا يكون العالِم بهذه الصفة إلا إذا صفى علمه وعمله، وارتقى إلى معالي الكمال، وابتعد عن الشهوات التي تُخفضه، قال الحسن: "من طلب العلم يريد ما عند الله، كان خيراً له ممّا طلعت عليه الشمس"..
ولا رتبة فوق رتبة النبوّة، ولا شرف أعظم من هذا الشّرف، ولم يُقال عنهم أنّهم ورثة الرّسل، وإنّما ورثة الأنبياء لتكون أعمّ وأشمل، وإنّ الأنبياء لم يُورِّثوا شيئاً من الدّنيا، وذلك مصداقاً لما جاء في الحديث الذي رواه أبو الدرداء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)، ولذلك ما بقي بين أيدي العلماء إنّما هو ميراث الأنبياء، حيث تنتفع بهم الأمة في إظهار الإسلام، ونشر الأحكام، وصلاح الأحوال الظاهرة والباطنة.
فضل العلماء
العلماء هم خير خلق الله، وهم سادة الناس وقاداتهم، والناس في حاجتهم، وللعلماء الكثير من الفضائل منها ما يأتي:
- العلماء الذين أوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة ، وهداية النّاس، لهم الخيرية بين النّاس، وذلك مصداقاً للحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه).
- العلماء هم أهل الخشية الحقيقيون، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
- العلماء صمام أمان الأمّة، فإن غاب العلماء ضلّ النّاس، فهم الذين يدلّون النّاس على ما يُصلح معيشتهم في الدّنيا والآخرة.
- العلماء موعدون بالأجر العظيم في الدّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
- العلماء هم ورثة الأنبياء، فقد ورثوا منهم العلم الذي يُعدُّ طريقاً إلى الجنّة.
- العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض، والحيتان في البحر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع.
مكانة العلم في الإسلام
وجّه الإسلام الناس لتعلُّم العلوم النافعة، وفتح لذلك النوافذ وأزال العقبات والمعيقات، وما من طريقٍ موصلٍ للعلم النّافع إلا ودلّ عليه، ولذلك جاءت النصوص صريحة وقوية في الحثّ على طلب العلم، وما يترتّب عليه من الأجر العظيم، وقد صنّف العلماء كتباً في فضل العلم وطلبه، وقد أفرد الكثير من العلماء أبواباً في مقدّمات كتبهم تذكر فضل العلم، وهذا دليلٌ على مكانته العظيمة في الإسلام.
وقد وقف الإسلام موقفاً فريداً لا مثيل له تجاه كلّ العلوم، ووضع العلم في مكانةٍ عالية، فبوّابة الإسلام هي العلم، وأعظم دلالة على ذلك أنّ أول آية نزلت في القرآن الكريم هي قول الله -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، وفيها توجيهٌ للبشريّة إلى أهميّة ونعمة العلم.
ومن رَِفعة العلماء في الإسلام أنّه لا يتساوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد فضَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجالس العلم على مجالس الذِّكر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة)، والعلم يرفع العالِم ويشرّفه، وقد أشار الإمام الغزالي إلى أنّ أصل السّعادة في الدّارين هو العلم، وهو من أفضل الأعمال، ولذلك نرى انتقال العلماء من مكانٍ إلى آخرٍ لطلب العلم، ونشره بين النّاس.