ما معنى السياسة الشرعية
معنى السياسة الشرعية لغة
السَّوْسُ في اللغة من الرياسة، والسياسة تعني القيام على الشيء بما يصلحه، وهي من ساس أي قام بالأمر ودبره، وتأتي بمعنى الرياسة.
معنى السياسة الشرعية اصطلاحا
تعرف السياسة الشرعية في الاصطلاح بعدة معانٍ، فقيل في تعريفها أنها تدبير شؤون الدولة الإسلامية بما لم يرد في النص، أو في ما يتغير أو يتبدل في سبيل مصلحة الأمة، وبما يكون متفقا مع أصول الشريعة الإسلامية العامة وأحكامها، وقيل في معناها كذلك أنها ما يصدره الحاكم من القرارات زجرا لواقع فاسد، أو علاجا لوضع خاص، أو وقاية من فساد متوقع، وقيل في تعريفها كذلك أنها تحقيق الحاكم لمصالح الأمة الإسلامية أفرادا وجماعات، وذلك بتطبيق أحكام تم استباطها بأسس سليمة فيما لم يرد به نص، وفيما أقرته الشريعة، ومن هذه الأسس السليمة المصالح المرسلة، وسد الذرائع، والعرف، وقد عرفها العلامة القرضاوي بأنها السياسة الشرعية التي تقوم وتستند على قواعد الشريعة وأصولها وأحكامها وتوجيهاتها، فلا تنطبق على السياسات التي ينطلق أصحابها من تصوراتهم الخاصة وأهواءهم.
شروط العمل بأحكام السياسة الشرعية
يجب أن لا تكون أحكام السياسة الشرعية مخالفة لما جاءت به الأدلة التفصيلية في الشريعة الإسلامية وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وإن عدم ورود النص في الكتاب والسنة بشكل تفصيلي على أحكام السياسة الشرعية لا يضر، بل العبرة في عدم مخالفة تلك الأحكام لنص من النصوص التفصيلية، والعبرة كذلك في تماشي تلك الأحكام مع الشريعة الإسلامية وعدم مخالفتها، وكما قال ابن عقيل الحنبلي أنه متى ما كان الفعل أقرب إلى تحقيق صلاح الناس، بعيدا عن الفساد يتعتبر نظام إسلاميا وسياسة شرعية نأخذ بها.
أحكام السياسة الشرعية
من أحكام السياسة الشرعية:
- جمع القرآن الكريم على عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقد رأى الخليفة الصديق أن جمع المسلمن على مصحف واحد مما يحقق مصلحة المسلمين، ولا شك بإن المصلحة هي من ضمن السياسة الشرعية.
- إنشاء عمر بن الخطاب للدواوين، والدواوين لم تكن على عهد النبي عليه الصلاة والسلام والصديق، وهي تشبه الدوائر الحكومية في عصرنا الحاضر حيث كانت تعنى بتوثيق وتسجيل أسماء الجند ورواتبهم، كما قام عمر رضي الله بفرض الخراج وهو ضريبة على رقاب الأرض، ولم تعرف من قبل، وكل ذلك من السياسة الشرعية، لأن الخليفة قد راعى فيها تحقيق مصالح الأمة، ومن الأمور التي فعلها عمر رضي الله عنه كذلك عدم دفع سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة، على الرغم من أن سهم المؤلفة قلوبهم منصوص في كتاب الله، قال تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ )، ولكن عمر اجتهد في النص، وأنه لم يأت ليكون في كل زمان ومكان، ولكن متى توفرت علته وسببه، والحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، وكان مما قاله رضي الله عنه في ذلك (هذا وقد أعز الإسلام فقد أغنى الله عنهم).
- حرق عثمّان بن عفان رضي الله عنه المصاحف، مع جمع الناس على مصحف واحد، فقد رأى عثمّان رضي الله عنه تعدد القراءات مما قد يحدث فتنة بين المسلمين، وبالتالي فإن المصلحة تكمن في جمعهم على مصحف واحد.
موضوعات السياسة الشرعية
هنالك مواضيع تتعلق بالسياسة الشرعية وهي:
- علاقة الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول في حالات السلم والحرب.
- نظام بيت المال ، ومواد الدولة وما يجبى إليها وما ينفق.
- علاقة الحاكم والمحكوم، ومعرفة حقوق كل طرف ومسؤولياته وواجباته.
- السياسة القضائية في الإسلام.
- استثمّار الأموال في الدولة وطرق تنظيم ذلك، وفيما يطلق عليه النظام الاقتصادي في الإسلام.
مصادر السياسة الشرعية
تعد أحكام السياسة الشرعية هي أحكام شرعية، وبالتالي فإن مصادرها هي نفس مصادر الشريعة الإسلامية، وهذه المصادر هي:
- القرآن الكريم، وهو كتاب الله تعالى المتعبد بتلاوته، ومن الأمثلة على أحكام السياسة الشرعية في القرآن النصوص القرآنية في القرائن والأمارات، قال تعالى (إن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. وَإن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ )
- السنة النبوية، وقد وردت أدلة كثيرة في السنة على أحكام السياسة الشرعية، ومنها على سبيل المثال كتب الإمارة في السنة.
- اتباع سنة الخلفاء الراشدين ، وهم أبو بكر وعمر وعثمّان وعلي رضي الله عنهم، والمقصود بسنتهم ما اتفقوا عليه من الأحكام، أو ما أصدره أحدهم من حكم ولم يخالفه فيه الآخر، ومن الأمثلة على السياسة الشرعية في سنتهم فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه حينما أختار عمر رضي الله عنه لحكم الأمة بعد مشاورة أهل الحل والعقد، أو ما فعله عمر حينما جعل اختيار الخلافة بين عشرة من الصحابة توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو راض عنهم.
- الإجماع، وهو ما اتفقت عليه الأمة بعد نبيها من الأحكام التي عدت من الشريعة.
- القياس، ومعناه إلحاق حكم مسألة معينة لم يرد بخصوصها نص، بحكم مسألة أخرى منصوص عليها أي قد ورد فيها النص، بسبب اشتراك المسألتين في نفس علة الحكم.
- الاجتهاد والاستدلال، ويكون من خلال طرقه المعروفه في أصول الفقه ، ومنها المصلحة، وتقوم على فكرة جلب المصالح، ودفع المفاسد، والاستحسان ومعناه عدم إلحاق مسألة في الحكم بحكم نظائرها لدليل يقتضي ذلك، وسد الذرائع وفتحها والعرف.