ما معنى الحب
معنى الحب
يَعتبر الفلاسفة أن كلمة الحُب كلمة غير مُرتبطة بأمر واقعي أو حقيقي، إلا أن الحُب مُنذ زمن الإغريقيين القُدماء كان ركيزة من ركائز الفلسفة الأساسية، إذ ظهرت العديد من النظريات الفلسفية التي تَعتبر الحُب ظاهرة فيزيائية والتي تُعبِّر عن الرغبة الجينية الحيوانية لسلوك الإنسان، وقد نصَّت نَظريات أُخرى على أنَّ الحُب عِبارة عن مادَة روحيَّة تَرفع من شأن البشر وترفعهم إلى مستوى الألوهيَّة، كما قد وصف الفيلسوف أرسطو الحُب على أنَّه عِبارة عن جسدين وروح واحدة.
يُمكن تعريف الحُب اصطلاحاً على أنَّه الشعور الإعجابيِّ القوي الذي يشعره الشخص اتجاه أحد أصدقائه أو أقاربه أو اتجاه شيء ما، وتعريف الحُب الأكثر شيوعاً هو شعور الإعجاب بشخص آخر بالِغ، والانجذاب إليه رومانسياً.
إن جميع الحقائق التَّاريخية التي سَعت لتبرير الحُب وتفسيره غير كافية على الإطلاق، لأنَّ جميع خصائص الحُب يُمكن تفسيرها وترجمتها بالعِلم إلَّا أن الحُب بذاتِه لا يُمكن تفسيره، كما أنَّ بعض خصائص الحُب ليست مُشتركة ومُتبادلة بين جميع المُحبين إذ إنَّ طبيعة الحُب الشَّخصية مُختلفة.
سيكولوجية الحب
أُجريت العديد من الدراسات حول الحُب وكيفيَّة حدوثه، ومِن ضمنها الدِّراسة التي أجراها فريق بحثي بقيادة العالمة هيلين فيشر (بالإنجليزية: Helen Fisher) في عام 2005م، إذ قام هذا الفريق بعمل صور باستخدام تِقنية الرنين المغناطيسي الوظيفي (بالإنجليزية:first functional MRI) لِأدمغة مجموعة من طلاب الجامعات، إذ سمح العلماء لهؤلاء الطلبة برؤية صور زملائهم بالجامعة وتصويرهم باستخدام تقنية الرنين المغناطيسي الوظيفي، ثُمَّ إعادة تصوريهم مرَّة أخرى بعد رؤيتهم لصور شخص يُحبونه، وقد تمَّ إجراء هذه العملية على ما يُقارب ال 2,500 طالب، ولوحِظَ بالصور أنَّه عند رؤية الطالب للشخص الذي يُحبُّه أصبح دماغه أكثر نشاطاً في المناطق الغنية بالدوبامين (بالإنجليزية: dopamine)، والذي يُسمى أيضاً بالناقِل العصبي المسؤول عن الإحساس الجيد (بالإنجليزية: feel-good neurotransmitter)، كما أظهرت منطِقتان مِن مناطِق الدِّماغ نشاطاً في فحوصات الرنين المغناطيسي الوظيفي، وهي منطقة النواة الذَّنَبِيَّة (بالإنجليزية: caudate nucleus) وهي منطقة مُرتبطة باكتشاف المكافآت والتنبؤ بها ودمج التجارب الحسيَّة مع السلوك الاجتماعي للفرد، والمنطقة السقفية البطينيّة (بالإنجليزية: the ventral tegmental area) وهي منطقة مُرتبطة بالمًتعة والاهتمام المُركَّز، والحوافز المُساعدة على الحصول على المكآفئات.
من الجدير بالذِّكر أن هناك مواد كيميائيَّة أُخرى تَعمل أثناء وقوع الشخص في الحُب، وهما هرمون الأوكسيتوسين (بالإنجليزية: oxytocin) وهرمون فاسوبريسين (بالإنجليزية: vasopressin)، وتُعد هذه الهرمونات ذات دَور كبير عِند الحَمل والرِّضاعة إذ تؤدي إلى التَّعلُّق الرضيع بالأم والعكس، كما يُقوي هرمون الأوكسيتوسين مِن مشاعر التعلق بين الأزواج ، إذ يُطلَق على هرمون الأوكسيتوسين اسم هرمون الحُب (بالإنجليزية: love hormone) وذلك لأنَّه يزيد مِن مشاعر الرِّضا والهُدوء والأمان، أمَّا عن هرمون فاسوبريسين فهو يَرتبط بالزواج الأحادي (بالإنجليزية: monogamous relationship) طويل الأمد، ويتم تفسير الاختلاف في السلوك عند الوقوع في الحُب باختلاف الهرمونات، فمن المحتمل أن تتلاشى هذه الهرمونات مع زيادة مُدة الارتباط بين الفردين.
يقول الدكتور نيدل (بالإنجليزية: Needle) مُنسِّق التجارب السريرية في جامعة ساوث ويست: أنَّ الوقوع في الحُب مُرتبِط بزيادة الطاقة، وتقليل التركيز العقلي، وفي بعض الإحيان تَعرُق راحة اليد، ودُوار خفيف، بالإضافة إلى تَسارع نبضات القلب ، والعديد من المشاعر الإيجابية، كما يقول الدكتور دانييل آمين أن الشعور بالحب هو جزء من نظام المكافآت في الدماغ، وتوافقه بالرأي الدكتورة إليزابيث كين والتي تقول أن الدماغ يدعم هذا الشعور مسبباً استجابة فسيولوجية عند الانجذاب لشخص ما.
أنواع الحب
لقد تمَّ تحديد مفهوم الحُب بالعديد من الأشكال والأنواع عَبر التاريخ الفلسفي العَريق، حيث تتميز أنواع الحُب عن بعضها البعض بأشكال مُختلفة من الرَّغبات والعواطِف التّي تُرافق كُل شكل من هذه الأشكال، وبوجود أنواع مُختلفة من الحُب، مِن الطبيعي أن تكون بعض أنواع الحُب جيدة للشخص وصحته، والبعض الآخر قد يكون مُضِرّاً له، ومن الجدير بالذّكر أن الثقافة الغربية تَقوم على أربع أنواع رئيسية لِلحب والتي أُخِذت من الثقافة الإغريقية القديمة وتمَّ تَسمية كُل نوع بكلمة يونانيَّة مُعينة، ويُمكن ذِكر هذه الأنواع كالتالي:
- إيروس (بالإنجليزية: Eros): إنَّ حُب إيروس مُرتبِط بِالحُب الجِّنسي أو العاطِفي أو الإغرائي، ويتعلق هذا الحُب بالرَّغبات، إذ يُحب الشخص شخصاً آخراً نَظراً لجاذِبيته الجِّنسية وإغراءاته، ويُمكن أن يُسبب هذا النَّوع من الحُب الفرح الكبير في حال تمَّ على شكل يَسير، وقد يؤدي إلى كَسر قلب الشخص بسبب عدم تمامِه.
- فييليا (بالإنجليزية: Philia): إنَّ حُب فييليا هو حُب الأصدقاء والزُملاء، ويُمكن تولُّد هذا النَّوع مِن الحُب أيضاً في حال بقاء العُشاق مع بعضهم البعض لفترات طويلة، ويُمكن تسمية هذا الحُب بِالحُب الأخويّ، ويُعتبر حُب فييليا مُفيد للصِّحة، إذ يُساعد على تقليل ضغط الدَّم، كما أنَّ الأشخاص الذين يدخلون في علاقات حُب فييليا قد تُصبح زياراتهم الطبيَّة أقل، بالإضافة إلى مشاعرهم الإيجابية الدائمة.
- ستورج (بالإنجليزية: Storge): إنَّ حُب ستورج هو حُب الوالدين لإطفالهما، إذ يوصف بأنَّه أكثر أنواع الحُب طبيعية، كما أنَّه حُب عاطفي غير مشروط، فلا ينظُر الآباء لأولادهم لِمعرفة إذا ما كانوا يستحقون الحُب أم لا، فعلى سبيل المِثال تستمر الأُمهات في حُب الأطفال الخاصة بِهن بِغض النَّظر عن السلوكات السيئة التي قد يقومون بها والتي لن يتمكن أي من أصدقائهم أو أزواجهم على مُسامحتهم عليها.
- أغابي (بالإنجليزية: Agape): إنَّ حُب أغابي هو حُب الجِّنس البشري بشكل عام، إذ يميل الإنسان للتعاطف مع جميع البشر ومُسامحتهم وغفران زلَّاتهم، وهو حُب مُفيد للصِّحة حيث إنِّه يُقلل من غَضب الأشخاص، ويزيد من الشعور بالسَّعادة والرِّضا .
فيديو تقاليد الحب القديمة
شاهد هذا الفيديو لتعرف بعض تقاليد الحب القديمة :