آلات الطرب المغربي الأصيل
الثقافة المغربية
المغرب وهي من الدول العربية التي تزخر بالكثير من الفنون الشعبية والفلكلورية بسبب تعدّد العادات واللهجات فيها؛ وذلك بسبب موقعها الجغرافيّ الذي ساهم بشكل واضح على الانفتاح فالمغرب تتّصل مع أوروبا، وترتبط أيضاً بالشرق مع الدول العربية، ويمكن القول أن المغرب دولة غنيّة بالحضارة منذ الحضارات القديمة وحتى الفتوحات الإسلامية، وكلّ حضارة تركت أثراً واضحاً في مجال العادات والموروثات ولهذا تتعدّد الموسيقى، ويقام في المغرب الكثير من المهرجانات الموسيقيّة التي تعنى بالطرب والموسيقى المغربية، وأيضاً المعارض التي تهتم بالآت الموسيقية المغربية وذلك للمحافظة على التراث المغربيّ الذي على وشك الاندثار في ظلّ العولمة، فالطرب المغربي الأصيل له سمعته العالمية والعربية، ولهذا سنتحدّث عن الآت الموسيقى التي رسخت معنى الطرب المغربيّ.
أنواع الموسيقى في المغرب
تتنوع الموسيقى المغربية كما ذكرنا نتيجة تعدد اللهجات واللغات وتعدد المناطق الجغرافية في مملكة المغرب، فكلّ لهجة لها آلاتها الموسيقية الخاصة بها ولباسها الخاص وكذلك الإيقاعات والنغمات، فالمغرب غنية حضارياً وعرقياً مما صنع تنوعاً كبير جداً في الألوان الموسيقية، ومن أبرز أنواع الموسيقى المغربية نذكر الموسيقى الأندلسية والطرب الغرناطي فالمغرب شهدت فتح الأندلس وغرناطة، والدقة المراكشية، وكذلك العيطة الجبلية، وموسيقى الملحون، وعيساوة، والغينيين، وفن الحمدوش، والموسيقى الحسانية، والموسيقى الصوفية من المديح والسماع، وموسيقى أمازيغ المغاربة وغيرها من الموسيقى الأخرى فكل ما تحنّ وتروق له الأذن تجده في المغرب، وكلّ نوع من أنواع الموسيقى يوجد آلات موسيقية خاصّة ساهمت في تشكيل النمط الموسيقي، فهذه آلات قديمة جداً وتمّت المحافظة عليها عند توراثها من جيل إلى جيل، فعندما تتنقل بين الموسيقى المغربية ستأخذك إلى البيئة الأندلسيّة أو إلى التراث الإغريقيّ أو إلى مصر القديمة وغيرها.
آلات الطرب المغربي الأصيل
الآلات المغربية الموسيقيّة متنوّعة جداً وكلّ آلة لها تاريخها الخاص بها، ومن هذه الآت الموسيقية التي ترافق الطرب المغربيّ نذكر:
آلة الكنبري
تشبه آلة الكنبري العود المصري وهي من الآلات الوترية، فهو عود بدائي قديم جداً فشكله عبارة عن صندوق صوتي كدرع السلحفاة مغلف بجلد مقوى وله زناد طويل مزوّد بثلاثة أوتار، فالعود المغربي أو الكنبري أصله من مصر قدم إلى المغرب خلال عهد الرومان، ودلّت عليه الرسومات والنقوشات التي عثر عليها في المغرب، ومن أبرز أسماء الكنبري الهج هوج، وكناوة، وسوس، ولهذا له دور واضح في صنع إيقاع خاص أثناء العزف.
البندير
هي نوع من الآت الإيقاعية وهي آلة تشبه الدّف الكبير، وتصنع من الخشب وجلد الماعز، فعند شدّ الجلد على محيط الخشب تتحمل قوة الإيقاع عند ضرب عليها، ويستخدم البندير في المديح والغناء الصوفي.
الكنبوز
هي آلة وترية وراثت من الشعوب التي تناقلتها من اليمن، والهند، والباكستان خلال الحضارات القديمة ولها طابع فارسيّ قديم، فتتكون هذه الآلة من صندوق خشبي على شكل الإجاصة أو الكمثرى، وهذا الصندوق قطعة واحدة من الخشب وأمّا الزند فهو طويل قليلاً عليه مشد للنغمات ومحبس مسطّح، ويحتوي على وترين ومشبك للمفاتيح مائل للخلف، فهذه الآلة لها نغمة خاصة جداً.
الطعريجة
تعتبر من آلات الإيقاع وهي من أهمّ آلات التراث المغربيّ الأصيل، تتمّ صناعتها من الجلد والطين، وتنقش عليها زخارف متعددة جميلة حسب المنطقة التي تصنع فيها الطعريجة أو التعريجة، ويتم العزف عليى الطعريجة في الطرب الندلسي والدقة المراكشية والعيطة فهي حاضرة في كافّة المناسبات الاجتماعية المختلفة خصوصاً في الاحتفالات الشعبية، وتختلف التعريجة عن الدربكة أو الدربوكة بأنّها صغيرة الحجم وزخرفتها، وكذلك نوع الجلد المستخدم فيها، فهي قريبة في شكلها الدربكة في منطقة الشرق العربي.
الرباب أو الرّبابة
الرباب من الآلات القديمة جداً وهي آلة وترية كان يستخدمها الرعاة والبدو الرّحل، فالربابة تشبه مبدأ عمل العود ولكنها بوتر واحد، فهي تتكوّن من صندوق خشبيّ مسطّح أو بيضوي مغطّى بجلد حيوان وله زند طويل يتمّ شد الوتر عليها، ويتم العزف عليها باستخدام قوس على شكل نصف دائري يتم صناعته من شجر الزيتون وسبيبه مصنوع من شعرذنب أو ذيل الحصان وعند العزف يحتك بالوتر الموجود على الربابة، ويطلق على الرباب اسم النوبلي وهو الرباب العربي الأندلسي ويستخدم في الموسيقى الأندلسية وتم دخول الرباب للمغرب في القرن الثاني عشر من خلال العرب الذين قدموا من الأندلس، وأمّا في جنوب المغرب يطلق عليه اسم الرباب السوسي، ويستخدم في الموسيقى الأمازيغية، فالربابة آلة يتمّ تناقل أناشيد الرعاة وأحاديث الحكايات الشعبية بلهجات مختلفة عند العزف عليها.
العود
يختلف العود المغربي عن العود الشرقي بكثير ولكن يبدو أنّ الأخير له مكانة قوية في الموسيقى ممّا جعل العود المغربيّ في طور الانقراض مع القرن العشرين، فالعود آلة وترية ويطلق عليه اسم عود الرمل أو القويترة، ويتميّز هذا العود بحجمه الصغير وأنه أكثر استطالة ويضمّ شمسية واحدة في وسطه، ويضمّ أربعة أوتار مزدوجة مصنوعة من الأمعاء، وحسب الموسيقيين يرمز لها بأربع مصوتات أو نوتات وهي دو ا ، لا ا ، لاي ا وصول ا ، ويجب التنويه أنّ العود الشرقي هو صندوق خشبي بيضوي الشكل أكبر حجماً من حجم العود المغربي، وزنده قصير ويحتوي على ثلاث شمسيات وستة أوتار مزدوجة مصنوعة من النايلون.
الغيطة
هي آلة نفخ كالمزمار، تتكوّن من عدد من الثقوب وعند العزف عليها لها نبر حاد، وهي آلة تناسب العزف في الهواء الطلق، ويتمّ صناعة الغيطة في مدينة وزان فهي الأشهر في صناعته داخل المغرب، وعند ذكر الغيطة لابدّ من الإشارة إلى الناي وخصوصاً الناي الصغير الذي يسمّى بالليرة.
النفار أو النفير
هي آلة يتم النفخ عليها باستخدام بوق إسطواني مصنوع من النحاس، والنفير أو البوق آلة مشهورة جداً خصوصاً في منطقة البحر الأبيض المتوسط فقد تم استخدامه في الوظائف العسكرية، واليوم في المغرب يستخدم عن طائفة عيساوة خصوصاً في موسم شهر رمضان المبارك.
آلات الإيقاع
من آلات الإيقاع بجانب التعريجة والبندير نذكر طبيلات وهي إيقاعات مختلفة الحجم مصنوعة من الطين، والجلد، والخشب تختلف في الإيقاع باختلاف ارتفاعها، ولهذا تتعدّد الأصوات والرنات.
الدقة المراكشية
تتميز الدقة المراكشية بالشهرة الواسعة داخل وخارج مراكش خصوصاً في المناسبات الشعبية والأعراس، والدقة هي عبارة عن فرقة يتجاوز عددها العشرين شخصاً، ويستخدمون آلات مختلفة مثل القرقب، والقرقب من الآلات القديمة الإيقاعية تحتوي على صفيحتين معدنيتين يتمّ وضعها بين الأصابع أي زوجين في اليد اليمنى وزوجين في اليد اليسرى، وتم استخدامها من قبل غينية أو غناوة المغرب، والشخص الذي يستخدم القرقب يتنقل بحركة بطيئة وسريعة بين أفراد الفرقة، ويستخدم مع القرقب صنوج الرق والبندير الكبير والطعريجة، وتترواح مدّة الدقة المراكشية النصف ساعة تبدأ بحركة بطيئة وتنتهي بحركة سريعة.
الغناوة المغربية
استمدّ هذا اللون الموسيقي اسمه من عبيد غينيا الذين قدموا إلى المغرب وخصوصاً في الصحراء المغربية، يتشابه إيقاع الغناوة مع إيقاع الغابات الإفريقية فيتم استخدام آلة الكانكاه وهي تشبه الطبل الكبير، وتستخدم الهجهوج أي التعريجة والقرقبات، ويشتهر هذا النوع من الموسيقى في مراكش، والصويرة، والرباط، ومكناس، فمع الغناوة لا حدود للموسيقى المغربيّة أو للطرب المغربيّ الأصيل.