ما فائدة ذكر الله
حقيقة الذكر وفضله
يُقصد بالذكر: التذكّر، وعدم الغفلة والنسيان، ويكون بذلك ذكر الله هو: استحضار عظمته، وجلاله، مع التزام أوامره، وطاعته في كلّ حالٍ، ولذلك فإنّ من يعتقد أنّ ذكر الله -تعالى- يقتصر على التسبيح ، والتهليل، والاستغفار يكون مُخطئاً؛ فالذكر أشمل من ذلك وأوسع؛ حيث إنّه يشمل الطاعات كلّها التي يقوم بها المسلم، فمن كان في طاعةٍ يأتيها، أو في معصيةٍ قد انتهى عنها كان ذاكراً لله -تعالى- في وقته ذاك.
وقد ورد بيان فضل الذكر، وأجر الذاكرين في القرآن الكريم، في عدّة مواضع، وكذلك ذكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في كثير من الأحاديث الشريفة فضل الذكر؛ مُشجّعاً أصحابه والمسلمين من بعدهم ليكونوا من أهل الذكر، حيث قال: (ألا أخبرُكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذهبِ والفِضةِ، وخيرٌ لكم من أن تلقوْا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم، ويضربوا أعناقَكم، قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: ذِكرُ اللهِ)، وعلى هذا يمكن القول إنّ خير الأعمال في ميزان الله -تعالى- ذكره، ومن الأحاديث التي بيّنت فضل ذكر الله -تعالى- كذلك قول الله -تعالى- في الحديث القدسيّ: (أنا عند ظنِّ عبدي، وأنا معه حين يذكرُني، فإن ذكرني في نفسِه، ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرتُه في ملأ خيرٍ منه).
فوائد ذكر الله
إنّ لذكر الله -تعالى- فوائد عظيمة، ومنها ما ذكره وجمعه ابن القيّم رحمه الله، حيث إنّه جمع أكثر من مئة فائدة، وفي ما يأتي بيان بعضٍ منها:
- طرد الشيطان وصرفه.
- جلب رضا الله سبحانه.
- إزالة الهمّ والغمّ عن القلب.
- وضاءة الوجه والقلب.
- تقوية القلب والبدن.
- جلب الرزق بإذن الله.
- إعطاء الذاكر المهابة والنضارة.
- إعانة الذاكر على التوبة والرجوع إلى الله عزّ وجلّ.
- إعطاء الحياة للقلب.
- حطّ الخطايا وإزالتها.
- إزالة الوحشة بين العبد وربّه عزّ وجلّ.
- النجاة من عذاب الله تعالى.
- ترك الفُحش من القول، والغيبة ، والنميمة.
- وقاية العبد من حسرة يوم القيامة.
- تحقيق السعادة للذاكر، والمباركة في عمره.
- تحقيق النور في الدنيا والآخرة.
- سهولة الذكر وتيسييره للعبد، ولو كان في فراشه.
- عدل الذكر لعتق الرقاب، والجهاد في سبيل الله.
- تحقيق شكر الله سبحانه.
- جلاء قسوة القلب.
- مباهاة الله -سبحانه- بالعبد الذاكر أمام ملائكته.
- تحقيق الغاية التي شرعت لأجلها العبادات بما فيها الصّلاة ؛ حيث قال الله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي).
- الذاكرون هم السابقون يوم القيامة، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (سبَق المُفرِّدونَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ ما المُفرِّدونَ؟ قال: الذَّاكرونَ اللهَ كثيراً والذَّاكراتُ).
- معيار بناء البيوت في الجنة؛ فالذاكر تبني له الملائكة بيوتاً في الجنة وهو يذكر الله تعالى، فإذا أمسك عن الذكر أمسكت الملائكة عن البناء.
أنواع الذكر
بيّن أهل العلم أنّ للذكر معنيَين، أحدهما: عام؛ يشمل أنواع العبادات بعمومها؛ كالصلاة، والحجّ ، وقراءة القرآن، والتسبيح، والدعاء ، والمعنى الآخر وهو الأخصّ متمثّل بذكر الله -سبحانه- بالألفاظ التي وردت في القرآن الكريم أو في السنة النبويّة من تنزيهٍ، وتعظيمٍ لله، وكذلك قسّم العلماء الذكر إلى نوعين، هما: الذكر المطلق، والذكر المقيّد، وفيما يأتي بيانهما:
- الذكر المقيّد: وهو الذكر المخصّص في وقتٍ ما، أو مكانٍ، أو حالٍ؛ كالدعاء عند نهاية الأذان، أو غير ذلك من الأذكار التي يلتزم بها المسلم بالمكان، أو الوقت، أو الحال الذي قام به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وفي تطبيق هذه الأذكار فضل اتّباع الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والاقتداء به، ويجدر التنبيه إلى أنّ هذا النوع من الذكر مُفضّل على الذكر المطلق؛ لما فيه من اتباع لسنة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، ومن الأمثلة على ذلك: الإتيان بأذكار ما بعد الصلاة المفروضة بعد التسليم، فذلك خير من قراءة القرآن الكريم بعد الصلاة.
- الذكر المطلق: وهو ما لم يرتبط بحدوثٍ أمرٍ، أو دخول وقتٍ، فهو كسائر الأذكار ؛ من تهليلٍ، وثناءٍ، ودعاءٍ بالعموم، ويُشرع في كلّ وقت، وينال به الذاكر الأجر العظيم من الله تعالى.
ذكر الله في مواطن الغفلة
في الحديث عن مواطن ذكر الله تعالى؛ فإنّ الصواب هو ذكر الله -تعالى- في كلّ وقتٍ وحينٍ، ولكن يجدر التنبيه إلى ورود مواطن قد يغفل فيها العبد عن ذكر ربّه عزّ وجلّ، مع أنّ الله -تعالى- يُحبّ أن يرى فيها عبده ذاكراً، منها:
- الذكر عند النعمة؛ حيث إنّ الإنسان قد يغفل عن شكر الله -سبحانه- عند حصول نعمة، قال الله تعالى: (أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ).
- الذكر عند القوّة والتمكين؛ فحريّ بالإنسان أن يتذكّر أنّه مهما بلغ من قوةٍ وقدرةٍ، فإنّه يبقى ضعيفاً، ويمكن أن تقتله شرقة، فحريّ بالإنسان حين يُنعم الله عليه بالقوة والتمكين أن يذكر الله -تعالى- ويشكره.
- الذكر عن المصيبة؛ وهذا من صور الأدب مع الله -تعالى- في التعامل مع الشدائد والمصائب، فالمسلم يُدرك أنّ الله -عزّ وجلّ- حكيمٌ في أمره، فلا يضجر، ولا يسخط، ولا يعترض على حكم الله وقضائه، وممّا يدلّ على ذلك قول الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
- الذكر عند الشهوة ؛ حيث إنّ الإنسان إذا طغت شهوته غطّت تفكيره وعقله، فقد يقع في أمرٍ حرام، فعلى الإنسان أن يتنبّه لنفسه في تلك اللحظات، ولا يذهل عن ذكر ربّه؛ ليحميه من الوقوع في المعاصي والآثام.