ما حكم ذبح الاضحيه
حكم ذبح الأضحية في الشرع
تعدّدت أقوال الفُقهاء في حُكم الأُضحية، وبيان أقوالهم فيما يأتي:
- القول الأول: أنّها سُنةٌ مؤكّدة
وهو قول الجُمهور من الشافعيّة، والحنابلة، والأصحّ عند المالكيّة، وإحدى الروايتين عند أبو يوسف، والظاهرية كما أنّه قول أبي بكر، وعُمر، وبلال -رضيَ الله عنهم- من الصحابة، وقول سعيد بن المُسيب، وعطاء، وغيرهم من التّابعين.
واستدلّوا بالعديد من الأدلّة، كقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذا دَخَلَتِ العَشْرُ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِهِ وبَشَرِهِ شيئًا)؛ فجعل الحديث الأمر مُفوّضاًً إلى الإرادة، والإرادة لا يتعلّق بها الواجب، ورُوي عن أبي بكر وعُمر -رضيَ الله عنهما- أنّهم كانوا لا يُضحّون السّنة والسنتين.
- القول الثاني: أنّها واجبة في كُلّ عام مرّة
على القادر إلّا في حقّ الحاجّ بِمنى، وهو قول أبو حنيفة، وجاء عن الماورديّ أنّها واجبةٌ في حقّ المُقيم فقط، واستدلّوا على ذلك بالعديد من الأدلّة، كقولهِ -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، والمراد بالنحر: هو ذبح الأضحية، وجاءت كلمة النّحر بصيغة الأمر، ومُطلق الأمر للوجوب.
كما استدلوا بقول جندب بن عبد الله -رضيَ الله عنه-: (شَهِدْتُ الأضْحَى مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بالنَّاسِ نَظَرَ إلى غَنَمٍ قدْ ذُبِحَتْ، فَقالَ: مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَن لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ علَى اسْمِ اللَّهِ)، وفيه أمرٌ بإعادة الذبح لمن ضحّى قبل الصلاة، وذلك يدُل على الوُجوب.
حكم ذبح الأضحية تعددت فيه آراء الفقهاء؛ بين من قالوا إنّها سنّة مؤكدة، ومن قالوا إنها واجبة وكلٌّ حسب دليله.
حكم ذبح الأضحية قبل صلاة العيد
شرع الله -تعالى- الأضحية ليتقرّب له العبد بذبحها، وقد خصّصت الشريعة الإسلامية وقتًا محددًا لذبح الأضحية؛ يبدأ من اليوم العاشر من ذي الحجّة -يوم النّحر-، وهو أول أيام العيد ويستمر حتى مغرب اليوم الثالث من أيام التشريق الثلاث التي تليه، أما بالنسبة لذبح الأضحية قبل الصلاة؛ فلا يجوز للمسلم أن يُضحّي قبل صلاة العيد ، فإن فعل ذلك فلا تعتبر أضحية؛ وإنما شاة لحم.
ودليل ذلك ما رواه البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنّه سمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به مِن يَومِنَا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا، ومَن نَحَرَ فإنَّما هو لَحْمٌ يُقَدِّمُهُ لأهْلِهِ، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ، فَقالَ أبو بُرْدَةَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ذَبَحْتُ قَبْلَ أنْ أُصَلِّيَ، وعِندِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِن مُسِنَّةٍ؟ فَقالَ: اجْعَلْهَا مَكَانَهَا، ولَنْ تَجْزِيَ -أوْ تُوفِيَ- عن أحَدٍ بَعْدَكَ).
لا يجوز للمسلم أن يذبح الأضحية قبل صلاة عيد الأضحى؛ بحسب ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-.
حكم ذبح الأضحية قبل الإمام
تعددت آراء الفقهاء في حكم من ذبح الأضحية قبل الإمام، وبيان آرائهم على النحو الآتي:
- الإمام مالك
قال بعدم جواز من ذبح أضحيته قبل الإمام، فعمل بظاهر ما دل عليه حديث جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَّى بنَا النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ النَّحْرِ بالمَدِينَةِ، فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا، وَظَنُّوا أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- قدْ نَحَرَ، فأمَرَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- مَن كانَ نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ بنَحْرٍ آخَرَ، وَلَا يَنْحَرُوا حتَّى يَنْحَرَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-).
- الإمام الشافعي وداود وآخرون
ذهبوا إلى جواز الذبح بعد مُضيّ الصلاة والخطبة؛ سواء صلّى الإمام أم لم يُصلِّ، أو صلّى المُضحّي أم لم يُصلِ.
- الإمام أحمد
قال بجواز الذبح قبل الإمام؛ على أن يكون الذبح بعد صلاة الإمام، وورد نحوه عن الأوزاعي، والحسن، وإسحاق.
تعددت آراء الفقهاء في حكم الأضحية قبل الإمام؛ فمنهم من قال بعدم جواز الذبح قبل أن يذبح الإمام، ومنهم من قال بجواز الذبح قبل ذبح الإمام؛ بشرط أن يكون ذلك بعد صلاته، ومنهم من قال بجواز الذبح مطلقاً بعد مضي وقت صلاة العيد وخطبتها، سواءً أصلى الإمام أم لم يصلِّ.
حكم ذبح المرأة للأضحية
يجوز للمرأة المسلمة أن تذبح الأضحية إن كانت تُحسن الذبح بحسب قول جمهور العلماء، ولقد أقرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- صحّة ذلك بما رواه كعب بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ امْرَأَةً ذَبَحَتْ شَاةً بحَجَرٍ، فَسُئِلَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عن ذلكَ فأمَرَ بأَكْلِهَا).
وقد ورد في وجه عند الشافعية كراهة ذبح المرأة للأضحية، وقال النخعي لا بأس بذلك إذا طاقت الذبيحة -قدرت عليها-، وحفظت التسمية.
يجوز للمرأة المسلمة أن تذبح الأضحية؛ إن كانت تُحسن الذبح وتقدر عليه، بحسب قول جمهور العلماء.
حكم ذبح الأضحية باليد اليسرى
الذبح باليد اليمنى من المُستحبات، وهو أولى وأفضل إذا تيسر ذلك، والمهم في ذلك راحة الذبيحة، ولكن لا يشترط للذابح أن يذبح باليد اليمنى، بل هو جائز في أي يد ذبح، روى رافع بن خديج -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما أنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ).
وفي الحديث لم يقيّد النبي -صلى الله عليه وسلم- الذبح باليد اليمنى، وإذا كان الذابح أعسرًا تنتقل الأولوية إلى اليد اليسرى لقوّة استخدامه لها ولراحة الذبيحة، وفي هذه الحالة يضجع الحيوان على جنبه الأيمن ثمّ يذبحه.
يجوز للمسلم أن يذبح بيده اليسرى؛ وإن كانت اليد اليمنى أولى في ذلك، وتكون اليد اليسرى هي الأولى إن كان الرجل أعسراً.
حكم ذبح الأضحية عن الميت
يصحّ للمسلم أن يُضحّي عن الميّت، وذلك بإشراكه في أضحيته، وهي تعتبر صدقة من الصدقات، وإن كان في وصيّة الميت ذبح أضحية فيجب تنفيذها عنه، وذهب بعض أهل العلم إلى عدم مشروعية ذبح أضحية خاصة عن الميت؛ فالأضحية شُرعت للحيّ قبل الميّت، فيُضحّي عن نفسه وأهله، ثم يُشرك أمواته بها.
يصح التضحية عن الميّت ؛وذلك بإشراكه في أضحية الحي، كما وتعتبر صدقة عنه.
حكم ذبح الأضحية من شخص لا يصلي
الصلاة هي عمود الدّين وأهمّ أركان الإسلام، وقد يترك بعض المسلمين الصلاة تكاسلاً لا إنكاراً لها؛ فهنا يجب التريث في الحكم عليهم وعدم تكفيرهم أو القول بعدم جواز الأكل من ذبيحتهم، وأما تارك الصلاة منكراً لها وجاحداً بها فهذا لا تحل ذبيحته، ولا يحل الأكل منها.
المسلم التارك للصلاة تكاسلاً مع علمه بتقصيره تحل ذبيحته، ويجوز الأكل منها، أما تارك الصلاة نكراناً وجحوداً لا تحل ذبيحته، ولا يجوز الأكل منها.
حكم ذبح الأضحية رابع يوم العيد
على الرغم من تعدد آراء الفقهاء في وقت الأضحية، لكنّهم اتفقوا على فوات وقتها إذا ما خرج الذبح عن الوقت المحدد لها، وفي مذهب الإمام مالك، والإمام أحمد إنّ أيام النحر هي اليوم الأول، والثاني، والثالث من أيام التشريق، فيصحّ الذبح فيها ولا يصحّ في اليوم الرابع، ووافقهما الحنفية بذلك في هدي التمتّع والقِران، وأما الشافعية فقالوا بجواز الذبح في اليوم الرابع شريطة أن يكون من أيام التشريق.
قال الشافعية بجواز الذبح في اليوم الرابع بشرط أن يكون من أيام التشريق، واستثنى من ذلك الإمام مالك وأحمد اليوم الرابع؛ وقالوا بعدم صحة الذبح فيه.
حكم ذبح الأضحية في بلد غير المضحي
إنّ القصد من الأضحية هو التعبّد لله -سبحانه وتعالى- بذبحها، والمشروع أن تكون الأضحية في بلد المُضحّي؛ فإذا ذُبحت الأضحية في مكان آخر سيفوت على المُضحّي المباشرة في ذبحها وحضورها، ولقد أمر الله -تعالى- بالأكل منها عند ذبحها في قوله -تعالى-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).
وإذا ذبحت بمكان آخر قد يكون في ذلك ترك لأمر الله -سبحانه وتعالى-، وإن قيل بوجوب الأكل منها فلن يتحقق ذلك إلا إذا ضمن المُضحّي وصول بعض اللحم له، وإن قيل بعدم وجوب الأكل منها جاز له ذلك، ولكن الأفضل أن يتمّ الذبح في نفس البلد بين الأهل والأقارب؛ حتى يتعلّم الصغار هذه الشرائع.
الأولى أن يذبح المسلم في بلده حتى يعيش هو وأهله شعيرة الأضحية، ولكي يتسنى له حضور الذبح، والأكل من ذبيحته.