ما حكم القزع
ما حكم القزع
لقد ثبت في السنةِ النبوية المطهرة نهيٌ عن القزعِ بشكلٍ صريحٍ، حيث قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يَنْهَى عَنِ القَزَعِ)، وقد اتفق أئمة المذاهب الإسلامية الأربعة على أنَّ النهي الواردِ في هذا الحديثِ يُصرف إلى الكراهة لا إلى التحريم.
علة النهي عن القزع
معلومٌ أنَّ الشرع الحنيفَ لا ينهى عن أمرٍ إلَّا لحكمةٍ بالغةٍ، أو لعلةٍ واضحةٍ، وقد تباينت آراء أهلِ العلمِ في علةِ النهي عن القزعِ، وفيما يأتي ذكر هذه العلل:
- أنَّ في القزعِ تشويهٌ لخلقةِ المرءِ.
- أنَّ في القزعِ تشبهٌ للمرءِ بمن لا يليق له التشبَّه بهم، حيث أنَّه:
- الهيئة العامة للشيطانِ.
- الهيئة العامة لأهلِ الشرِّ والفسادِ، وزيُّهم الذي يُعرفونَ فيه.
- الهيئة العامة لليهودِ، وزيُّهم الذي يُعرفونَ فيه.
أنواع القزع المنهي عنه
يُمكن تعريف القزعِ بأنَّه: حلقُ بعض من الرأس وتركُ بعضه الآخر، وهذا التعريفُ مستنبطٌ من قول الصحابيِّ الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-: (إذَا حَلَقَ الصَّبِيَّ، وتَرَكَ هَاهُنَا شَعَرَةً، وهَاهُنَا وهَاهُنَا، فأشَارَ لَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ إلى نَاصِيَتِهِ وجَانِبَيْ رَأْسِهِ)، ويرجع سبب تسميته بهذا الاسمِ؛ تشبيهًا له بطخارير السماءِ؛ إذ أنَّ أصلَ القزعِ يُطلق على قطعِ السحابِ المتفرقةِ.
ولا يكونُ القزعُ على هيئةٍ واحدة، بل له عددٌ من الأنواعِ، وفي هذه الفقرة سيتمُّ بيانها بشيءٍ من التفصيلِ، وفيما يأتي ذلك:
- النوع الأول
أن يحلق المرء رأسه بشكلٍ غيرَ مرتبٍ، فيقوم بحلقِ بعضًا من جانب رأسه الأيمنِ، وبعضًا من جانب رأسه الأيسر، وبعضًا من خلفِ الرأس، وبعضًا من أمامه.
- النوع الثاني
أن يحلقَ المرءُ جوانبَ رأسه، وأن يتركَ وسط رأسه.
- النوع الثالث
أن يحلق المرءُ وسطَ رأسه، وأن يترك جوانب رأسه.
- النوع الرابع
أن يقوم المرء بحلق ناصية الرأس وتركِ ما عدى ذلك من بقية الرأس.
وبناءً على ما تمَّ ذكره من الأنواع الأربعة السابقة، يُمكن القول بأنَّ الحلق إن وقع في أيِّ موضعٍ من مواضع الرأسِ فهو من القزع المنهي عنه في الشرعِ الحنيف؛ ما دام المرء قد تركَ بعضًا من الشعرِ في موضعٍ آخر من رأسه.
وبناءً على ذلك إذا اقتصرَ المرء على حلق ناصية الرأس دون البقيةِ فهو قزعٌ، وإن اقتصر على حلقِ جانبي الرأس دون الوسط فهو قزعٌ أيضًا، وكذلك إن اقتصر المرء على حلق وسط الرأسِ دون الجوانب فهو قزعٌ، وكلُّ هذه الهيئاتِ بلا استثناءٍ تعدُّ من القزعِ المنهي عنه.
وفي الختام لا بدَّ من التنبيهِ على أنَّ القزعَ المنهي عنه هو الذي يتمُّ استئصالُ الشعرِ فيهِ، أو الذي يتمُّ فيه حلق الشعرِ بما يكون قريبًا من الاستئصال، بينما الاقتصار على تخفيف الشعرِ لا يدخل في القزعِ المنهيِّ عنه.