ما جزاء الظالم عند الله
تعريف الظلم
ورد في معنى الظلم لغةً أنّه: وضع الشيء في غير موضعه، والظلم هو الإساءة، والتعدّي على شخصٍ بغير وجه حقّ، وقد يأتي بمعنى انتهاك حقّ الآخرين ظلماً وعدواناً، والجور عليهم، وعدم إنصافهم، وعكس الظلم العدل ، والعدل في اللغة هو تجنّب الظلم والجور، والإنصاف، بإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه.
و يعرّف الظلم في الاصطلاح الشرعيّ بأنّه: التعدّي على الحدود التي رسمها الله تعالى، ومجاوزتها إلى المحرّمات التي لا ترضيه، وكلّ عملٍ قد يأتيه المسلم فيه إضرار بأخيه المسلم عن عمدٍ كان ظُلماً، سواءً كان تعدّياً على ماله، أو عرضه، أو بشتمه، أو إهانته وغير ذلك، وللظلم كذلك أنواع؛ منها: ظلم النفس، وظلم الآخرين.
جزاء الظالم عند الله
تعدّ عاقبة الظلم التي تلحق بالظالم وخيمة، فالله -سبحانه- حرّم الظلم على نفسه، وحرّمه على عباده؛ لشناعته، ولذلك رتّب على من يظلم الناس عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة، وفي ما يأتي بيان بعض العواقب التي تلحق الظالم بسبب ظلمه:
- عدم شعور الظالم بالأمن، والسكينة، والراحة في الحياة الدنيا؛ فهو دائماً خائف من ردّة فعل من ظلمه، وقلق من انتقام المظلوم ودعوته، ولقد أخبر الله -سبحانه وتعالى- أنّ المؤمنين به هم أهل الاطمئنان والسكينة دون غيرهم من الظالمين، فقال: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
- الضنك والشدّة في العيش؛ فإنّ من آثار الظلم الفساد، وهذا يؤدّي إلى صعوبة العيش، وقلة السعادة، وفقدان رغد الحياة، قال الله تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا).
- الضلالة والحرمان من الهداية ، فالله -تعالى- يحجب هدايته وتوفيقه عن الظالمين، حيث قال: (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
- هلاك الظالم في الدنيا والآخرة، فمن كان متعدّياً على حرمات الله تعالى، وحرمات الناس؛ استحقّ أن يهلكه الله -تعالى- في دُنياه، بعدم التوفيق، وقلّة الرزق ، وفي الآخرة بالعذاب الشديد، قال الله تعالى: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ).
- العذاب العظيم في الآخرة؛ حيث قال الله تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا).
- استجابة الله -تعالى- لدعوة المظلوم على الظالم؛ فإذا ظلم الإنسان إنساناً فدعا عليه؛ فإنّ الله -تعالى- قد تعهّد باستجابة دعوته، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (دعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغَمامِ، وتُفتَحُ لها أبوابُ السَّمواتِ، ويقولُ الرَّبُّ تبارَك وتعالى: وعِزَّتي لَأنصُرَنَّكِ ولو بعدَ حِينٍ)، وقال أيضاً محذّراً الظالم : (واتقِ دعوةَ المظلومِ، فإنه ليس بينَه وبين اللهِ حجابٌ).
أنواع الظلم
قد يكون ظلم الإنسان لنفسه أو لغيره، وفي ما يأتي بيان كيفيّة ظلم الإنسان لنفسه، وظلمه لغيره:
ظلم الإنسان لنفسه
يكون ظلم الإنسان لنفسه بإتيان المحرّمات والمنكرات، والتساهل في ذلك، ممّا يوصل الإنسان لعذاب الله تعالى، وخسران الدنيا والآخرة ، ويكون ذلك بعدّة أمور، منها:
- الكفر بالله تعالى، وإشراك إله آخر معه؛ وهو أعظم أشكال ظلم العبد لنفسه، فهو بذلك ينأى بنفسه عن متاع الدنيا، ورزقها، وخيرها، وعن فضل الآخرة وجنانها، بأن كفر بالله تعالى، حيث قال الله -تعالى- على لسان لقمان الحكيم: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، وقد أتى رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فسأله عن الموجبتين، فقال الرسول: (من ماتَ لا يشرِكُ باللَّهِ شيئاً دخلَ الجنَّةَ، ومن ماتَ يشركُ باللَّهِ شيئاً دخلَ النَّارَ)، فما من شيءٍ أعظم ظلماً للعبد لنفسه كإشراكه بالله تعالى، وإيراد نفسه لعذاب جهنم في الآخرة.
- الإعراض عن القرآن الكريم، تلاوةً، وتدبّراً، وتطبيقاً؛ فقال الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ)، فكان من يعرض عن القرآن الكريم، أو يكون سبباً في إعراض الناس عنه، ظالماً لنفسه بوصف الله -تعالى- له ذلك في القرآن الكريم.
- التفريط في الواجبات، وإتيان المعاصي ؛ فمن داوم على معصية ربّه، ولم يتكترث لذلك، ولم تحدّثه نفسه بسوء عمله كان ظالماً لنفسه، ومن قصّر في أداء الفرائض والطاعات وتساهل فيها كان ظالماً لنفسه، حيث قال الله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً).
ظلم الإنسان لغيره
يكون ظلم الإنسان لغيره بعدّة صور؛ منها:
- أكل مال اليتيم بغير حقّ.
- تأخير حقّ إنسان، مع القدرة على الوفاء به.
- ظلم المرأة ؛ كتأخير صِداقها، أو حرمانها نفقةً، أو كسوةً من حقّها.
- ظلم الأجير؛ وذلك بعدم إعطائه أجرته.
- الجور في القسمة بين الناس في حقوقهم.
أمور تُعين على ترك الظلم
هناك أمور يستطيع المسلم أن يأتيها، أو يحقّقها في نفسه؛ لتُعينه على ترك ظلم الآخرين، منها:
- تذكّر أنّ الله -تعالى- نزّه نفسه عن الظلم وحرّمه؛ بسبب شناعته، وبغض الله -تعالى- له، فمن باب أولى أن يقلع عنه الإنسان.
- النظر في سوء عاقبة الظالمين، وأخذ العبرة من ذلك.
- عدم اليأس من رحمة الله، فمن كان قد ظلم نفسه أو غيره، فعليه تذّكر أنّ رحمة الله -تعالى- وسعت كلّ شيء، وأنّه من تاب، تاب الله عليه، فهذا يشجّعه على الإقبال على التوبة، وترك الظلم.
- استحضار مشهد القضاء يوم القيامة ، حيث إنّ الله -تعالى- هو من يقضي بين الناس، ممّا يشجّع المرء على ترك الظلم؛ خشيةً من الموقف العظيم أمام الله عزّ وجلّ.