ما بعد الولادة القيصرية
ما بعد الولادة القيصرية
الولادة القيصرية أو العملية القيصرية أو الجراحة القيصرية (بالإنجليزية: Cesarean delivery) واختصارًا C-section (بالإنجليزية: Cesarean Section) هي عمليةٌ جراحيةٌ تُجرى لإخراج الطفل من بطن الأم، وفيما يتعلّق بالشفاء من هذه العملية فإن رحلة التعافي تكون تدريجية وتستغرق مدةً تتراوح بين 4-6 أسابيع؛ وهي مدةٌ أطول مُقارنةً بالولادة الطبيعية، وتختلف فترة التعافي باختلاف مجموعة من العوامل؛ مثل: الإجراءات المتبّعة، والصحّة الجسدية العامّة، ونوع التخدير المُستخدم، والعمر، وغيرها.
الألم بعد الولادة القيصرية وطرق تخفيفه
من الطبيعيّ أن تشعر المرأة بعد الولادة القيصرية بالألم، وقد يستمر ذلك لعدة أسابيع، وبشكل عام فإنّها تُنصح بأخذ مسكنات الألم المناسبة خلال الأسبوع أو العشرة أيام الأولى من الولادة، وذلك بشكلٍ منتظم، وليس انتظار الوقت أو اللحظة التي تشعر فيها بالألم حتى تأخذ المُسكن، ونقصد بمسكنات الألم المناسبة التي لا تؤثر سلبًا في الرضيع في حال عبورها حليب الأم بكميات بسيطة، وذلك في حال كانت ترضع الأم رضاعة طبيعية، وبالتالي يمكن القول إنّ أخذ هذه الأدوية المناسبة يكون آمنًا فقط في حال الالتزام بالجرعات التي وصفها الطبيب أو الصيدلانيّ، ومن الأمثلة عليها الباراسيتامول والآيبوبروفين (بالإنجليزية: ibuprofen)، ويُتوقع أنّ أخذ هذه المسكنات بحسب تعليمات الطبيب يكون كفيلًا بتسكين الألم إلى درجة كبيرة، وفي حال استمرار الألم بالرغم من أخذها يجدر الاتصال بالطبيب، وفي هذا السياق نُنوّه إلى أنّ بعض المسكنات غير آمنة أثناء الرضاعة الطبيعية مثل كودين (بالإنجليزية: Codeine)، لذلك تجدر استشارة مقدم الرعاية الصحية قبل أخذ أي دواء في هذه الفترة.
العناية بجرح العملية
يجدر الالتزام بتعليمات مقدم الرعاية الصحية حول العناية بجرح العملية القيصرية ، والتي عادة تتضمن ما يأتي:
- تنظيف الجرح وتجفيفه بلطف كل يوم.
- اختيار الملابس الداخلية القطنية.
- اختيار الملابس الفضفاضة والمريحة.
- مراقبة أي أعراض تدل على الإصابة بالعدوى، وسيأتي بيانها في المقال أدناه.
- مراجعة الطبيب لغاية فك الغُرز التي لا تذوب وحدها، وكذلك المشابك في حال استعمالها في خياطة جرح القيصرية، وذلك بعد 5-7 أيام من الولادة.
النزيف المهبلي بعد الولادة القيصرية
يبدأ نزف مهبلي بعد العملية القيصرية مباشرة، ويستمر حتى ستة أسابيع في الغالب، ويُعزى إلى تخلص الجسم من الدم والأنسجة الزائدة الموجوة التي كانت في الرحم خلال الحمل، ويُشار إلى أنّ النزف يكون في الأيام الأولى أحمر فاتح اللون ثم يبدأ بالتغير تدريجيًا مع الوقت، ليُصبح ورديًا ثم بنيًا، ثم أصفر وأخيرًا أبيض، وبذلك ينتهي النزف التابع للولادة، ونُشير إلى أنّ النزف في الفترة الاولى يكون كثيفًا مقارنة بالفترات اللاحقة، ومن الطبيعي ملاحظة خروج الخثرات الدموية في النزيف بين الحين والآخر، ومن النصائح التي تُقدّم للسيدات خلال هذه الفترة: الحرص على استخدام الفوط الصحية وليس السدادات القطنية لتقليل فرصة حدوث الالتهابات والعدوى.
الحركة بعد الولادة القيصرية
من المهم جدًا أن تمشي المرأة بعد الولادة القيصرية ولو قليلًا خلال 24 ساعة من الولادة، وذلك لتجنب التجلطات الدموية، وتخفيف ألم الغازات، وتحفيز حركة الأمعاء، وأمّا بالنسبة للأنشطة اليومية فيُنصح بعدم الإكثار من ممارستها خلال الأسابيع الأولى من الولادة، مع أهمية تجنب جميع الأنشطة والرياضات الشاقة، وفيما يأتي بيان بعض النصائح بهذا الخصوص:
- ممارسة التمارين البسيطة خلال الأيام الأولى من الولادة، مثل:
- التنفس العميق: وذلك بأخذ نفس عميق مرتين إلى ثلاث مرات كل نصف ساعة، ويُنصح أن يكون ذلك ببطء، حيث يساعد هذا التمرين على الحد من احتقان الرئتين جراء الجلوس في السرير.
- تمارين الكتف: وذلك بالجلوس ثم تحريك الكتف بشكل دائريّ 20 مرة في كل اتجاه، ويُنصح بتطبيق ذلك كل ساعة للحد من التشنج أو التيبّس.
- تجنب حمل الأشياء التي يزيد وزنها عن وزن المولود خلال 4-6 أسابيع من الولادة.
- تجنب ممارسة الأنشطة الشاقة خاصة التي تتضمن استخدام البطن خلال أول 4-6 أسابيع.
- عدم قيادة السيارة خلال أول أسبوعين من الولادة.
- الانتظار لثلاثة أسابيع قبل السباحة أو الاستحمام الكامل، حتى يتسنى للجرح أن يتعافى.
- الاسترخاء وأخذ قسط من الراحة عند الشعور بالتعب.
- تجنب ممارسة العلاقة الزوجية حتى يسمح الطبيب بذلك.
- يُنصح بصعود الدرج بشكل متكرر.
- الجلوس مع الرضيع لتكوين علاقة وطيدة معه.
الرضاعة الطبيعية بعد الولادة القيصرية
بشكل عام يُنصح بالمباشرة بإرضاع المولود طبيعيًا خلال الساعة الأولى من ولادته لتعزيز فرصة نجاع الرضاعة الطبيعية، ولكن قد يكون ذلك غير ممكن في بعض حالات الولادة القيصرية؛ فبالرغم من قدرة بعض الأمهات على الرضاعة الطبيعية وهي ما تزال في غرفة الولادة؛ إلا أنّ بعض النساء لا تتمكن من إرضاع المولود في أول ساعة، وهذا لا يعني أنّ الرضاعة الطبيعية لن تنجح؛ فحتى وإن حدثت مشاكل سببت ببقاء الرضيع فترة بعيدًا عن أمه؛ لا يزال بوسع أمه إرضاعه رضاعة طبيعية في الغالب.
العناية بالطفل بعد الولادة القيصرية
تتمكن الأم في العادة من رؤية مولودها فور ولادته، وذلك لأنّ أغلب العمليات القيصرية تُجرى تحت تأثير التخدير الموضعيّ وليس العام، إذ لا يُلجأ للتخدير العام أو الكلي إلا في بعض الحالات الخاصة، وفي حالات التخدير العام تكون المرأة فاقدة للوعي بعد الولادة لفترة من الزمن، وأمّا بالنسبة للمولود فإنّه يُفحص من قبل طبيب أطفال فور ولادته فحصًا عامًا، بما في ذلك فحص تنفسه، لأنّ بعض الأدوية المُستخدمة خلال الولادة قد تؤثر في تنفس الرضيع، وهذا أمر طبيعي ولا يستدعي القلق، وبعض الأطفال قد يحتاجون لدخول الحاضنة لفترة قصيرة، ثم يتم تحضير المولود وإحضاره للأم على غرفتها في المستشفى فتتمكن من رؤيته وربما إرضاعه في الساعة الأولى من الولادة كما أشرنا.
فحص ما بعد الولادة القيصرية
يُنصح بمراجعة الطبيب بعد الولادة القيصرية أكثر من زيارةٍ واحدة بناءً على توصيات الكلية الأمريكية لأطباء التوليد وأمراض النساء (بالإنجليزية: American College of Obstetricians and Gynecologists)، إذ يُفضَّلُ زيارة الطبيب خلال أول ثلاثة أسابيع بعد الولادة، وخلال الأسابيع 6 - 12 منها، لإجراء تقييمٍ شاملٍ لحالة المرأة، وفيما يأتي ذكرٌ لأبرز ما يُجرى متابعته أثناء هذه الزيارات:
- الفحص الجسدي للمرأة؛ كفحص البطن، والمهبل، وعنق الرحم، والرحم، والتأكد أن عملية الشفاء تسري على ما يرام.
- فحص جرح العملية في الزيارات الأولى.
- متابعة الحالة النفسية للمرأة، كالمزاج والحالة العاطفية بعد الولادة.
- الاطلاع على حالة المرأة من ناحية النوم والإرهاق.
- توضيح بعض المعلومات المتعلقة بالعناية بالرضيع والرضاعة.
- مناقشة موانع الحمل المتاحة، وموعد الحمل المناسب في المستقبل.
التعامل مع الأعراض والعلامات الأخرى بعد الولادة
فيما يأتي توضيحٌ لبعض الأعراض الأخرى التي قد تشكو منها المرأة بعد الولادة وطريقة التعامل معها:
- تغيرات المزاج: قد تعاني العديد من الأمهات الجدد ممّا يعرف بكآبة الأمومة (بالإنجليزية: Baby blues)؛ وذلك نتيجة تحفيز الولادة لمزيج من المشاعر القوية، ويرافق هذه الفترة الشعور بالإحباط، أو القلق، أو عدم الكفاية، بالإضافة إلى بعض الأعراض؛ كالتقلبات المزاجية، ونوبات البكاء، والقلق، وصعوبة في النوم، وبالرغم من أن هذه الحالة قد تتحسّن من تلقاء نفسها إلا أنها تتطلب التركيز على العناية بالنفس، ومشاركة المشاعر مع الآخرين، وطلب المساعدة من الأشخاص المحيطين، ويُشار إلى أنّ هذه الحالة تختفي في العادة خلال أسبوعين من الولادة.
- اكتئاب ما بعد الولادة: يعتبر اكتئاب ما بعد الولادة من الحالات التي تتطلب مراجعة الطبيب، ويمكن الاستدلال عليه من بعض الأعراض، مثل تقلبات المزاج الحادة، وفقدان الشهية، والتعب الشديد، وفقدان البهجة في الحياة، خاصة إذا أثّر ذلك في العناية بالمولود أو أداء المهام اليومية، أو التفكير بإيذاء النفس أو المولود، أو إذا لم تختفي الأعراض من تلقاء نفسها.
- فقدان الوزن: قد تبدو بعض النساء بعد العملية القيصرية وكأنهن ما زلن حوامل، إذ يبدأ وزن المرأة بعد الولادة بالنزول تدريجيًا، فبدايةً تفقد ما يقارب 6 كيلوغرام أثناء الولادة والتي تشمل وزن الطفل والمشيمة والسائل الأميونوسي، وأثناء فترة التعافي ستفقد المزيد من الوزن عند تخلص الجسم من السوائل الزائدة، وبعد ذلك قد تساعد التمارين الرياضية المنتظمة والغذاء الصحي على العودة لوزن ما قبل الحمل.
- تساقط الشعر وتغيّرات البشرة: أثناء الحمل تلاحظ المرأة زيادة في كثافة الشعر، وذلك نتيجة زيادة مستويات الهرمونات والتي تزيد من من نسبة نمو الشعر، ولكن بعد الولادة ستعاني المرأة من تساقط الشعر لمدة تصل إلى خمسة أشهر، وفيما يتعلق بالتغيرات الظاهرة على الجلد، فإن علامات تمدد الجلد لن تختفي بعد الولادة ولكن قد تتحول من اللون الأحمر للفضي، ويُتوقع أن يتلاشى لون البشرة الداكنة الظاهر أثناء الحمل ببطء أيضًا؛ مثل البقع الداكنة على الوجه.
- أعراض متعلقة بالثديين: قد تعاني المرأة من العديد من الأعراض المتعلقة بالثديين بعد الولادة، ومنها:
- احتقان الثدي: أو تحجر الثدي (بالإنجليزية: Engorgement) والمتمثّل بالشعور بثقلٍ وانتفاخٍ وألم في الثديين بعد الولادة بعدة أيام، وقد تساعد النصائح الآتية على تخفيف هذا الشعور:
- إرضاع الطفل، أو سحب الحليب بواسطة مضخة الحليب.
- أخذ حمامٍ دافئ.
- وضع كمادات باردة، أو مكعبات من الثلج على الثدي.
- استخدام المسكنات التي لا تحتاج لوصفة طبية لتخفيف الألم.
- تسريب الثديين: وهو مشكلةٌ شائعةٌ لدى الأمهات الجدد، ولا يمكن إيقاف هذا التسريب، ولكن قد تساعد فوط الرضاعة التي توضع داخل حمالة الصدر على المحافظة على الملابس جافة، وينصح بتجنب الفوط المبطنة أو المدعة بالبلاستيك إذ قد تؤدي لتهيج الحلمة، بالإضافة لتغيير الفوطة بعد كل رضاعة أو عند تبللها.
- في حال عدم الرغبة بممارسة الرضاعة الطبيعية سوف يساعد ارتداء حمالة صدر قوية وداعمة على الضغط على الثدي، مما يساعد على إيقاف انتاج الحليب، وأثناء هذه الفترة ينصح بتجنب ضخ الحليب من الثدي لأن ذلك يحفز الثديين على إفراز المزيد من الحليب.
- احتقان الثدي: أو تحجر الثدي (بالإنجليزية: Engorgement) والمتمثّل بالشعور بثقلٍ وانتفاخٍ وألم في الثديين بعد الولادة بعدة أيام، وقد تساعد النصائح الآتية على تخفيف هذا الشعور:
هل من الممكن أن تلد المرأة طبيعيًّا بعد الولادة القيصرية؟
لا تعني ولادة أحد الأطفال بجراحة قيصرية أنّ جميع الولادات اللاحقة ستكون قيصرية؛ فبعد المراقبة الدقيقة أثناء المخاض والتأكد أن كل شيء يجري على ما يرام، من الممكن أن تحظى غالبية النساء بولادة طبيعية بعد تجربة الولادة القيصرية فيما يُعرف بالولادة المهبلية بعد ولادة قيصرية (بالإنجليزية: Vaginal Birth After Caesarean) واختصارًا VBAC، ولكن تُنصح بعض النساء بالولادة القيصرية مرّة أخرى؛ وذلك في حالة كانت هي الخيار الأكثر أمانًا للأم والجنين، بل إنّ الولادة القيصرية تكون ضرورة في الحالات الطارئة التي يكون إنقاذ حياة الطفل أو الأم فيها أهم من مخاطر العملية، ويعتمد اختيار طريقة الولادة الأسلم على عدة عوامل، منها:
- نوع الجرح في الولادة القيصرية السابقة، إذ تزداد فرصة الولادة الطبيعية في حالة كان الجرح عرضيًا (بالعرض وليس الطول) في الولادة السابقة.
- عدد الولادات القيصرية المُجراة سابقًا.
- الحالة الصحية للأم ووجود أي مرض يجعل من الولادة الطبيعية مُخاطرة.
- نوع المستشفى الذي ستتم فيه الولادة.
- مساحة حوض الأم بما يكفي لحمل طفل بالحجم الطبيعي للجوء للولادة الطبيعية.
- سبب الولادة القيصرية الأولى.
- عدم الأجنّة.
مراجعة الطبيب على الفور
تجدر مراجعة الطبيب على الفور في حال ظهور أي من الأعراض الآتية:
- الألم الشديد.
- سلس البول.
- شعور بألم عند التبول.
- النزيف المهبلي الشديد.
- تغيرات في الجرح بحيث يُصبح أكثر احمرارًا أو زيادة شدة الألم أو الانتفاخ فيه.
- خروج قيح أو سائل برائحة كريهة من الجرح.
- انتفاخ أو ألم في الجزء السفلي من الساقين.
- سعال أو ضيق في التنفس.
فيديو آثار ما بعد العملية القيصرية
شاهد هذا الفيديو لتعرف آثار ما بعد العملية القيصرية: