ما أسباب الكحة المستمرة
أسباب السعال المستمر
يحدث السُعال كردة فعلٍ تلقائية لاإراديّة ناتجة عن تهيُج الغشاء المُخاطي المُبطّن للقصبة أو مجرى الهواء العلوي، حيث تُنتج الحنجرة والرئتين كميّةً قليلة من المُخاط بهدف الإبقاء على مجرى التنفس رطبًا، وتغليف المجرى التنفسي بطبقةٍ واقيةٍ فعّالة ضد المُهيجات والحشرات التي قد تدخل مع الهواء الذي نتنفسّه، ونتيجةً لذلك فقد يحدث السُعال بشكلٍ عرضيّ كاستجابةٍ صحيّة تُخلّص الجسم من المخاط وتُحركه، وتزيل السموم المُستنشقة عن طريق الخطأ بشكلٍ سريع، ومع هذا فإنّ السّعال المستمر أو المزمن (بالإنجليزية: Chronic cough) لا يُعتبر أمرًا طبيعيًّا ويستوجب زيارة الطبيب، وكذلك الحال مع السّعال المرتبط بأعراضٍ أخرى قد ترتبط بالإصابة بمرضٍ مستمر يحتاجُ إلى عناية طبيّةٍ على الأرجح؛ ومن هذه الأعراض: سيلان الأنف ، وضيق التنفس، وألم الصدر، والارتداد الحمضيّ، وزيادة إنتاج المُخاط، والمخاط الذي يكون ذو لونٍ مُغاير للطبيعي أو يحمل قطراتٍ من الدم.
الأسباب الشائعة
للسّعال المزمن أسباب عدّة شائعة الحدوث، وفيما يأتي بيان لأبرزها:
- التنقيط الأنفي الخلفي: (بالإنجليزية: Postnasal Drip)، ويمكن تعريفه على أنّه تدفق إفرازات الأنف نحو مؤخرة الحلق، ممّا يؤدي إلى تهيّج الحلق وحدوث السّعال، وتشمل أعراضه انسداد الأنف أو سيلانه، والإحساس باحتقان السوائل في مؤخرة الحلق مع الشّعور بالحاجة إلى التخلّص منها بشكلٍ مُتكرر، وفي بعض الأحيان قد يكون التنقيط الأنفي الخلفي صامتًا خاليًا من أيّ أعراض عدا السّعال، وبشكلٍ عام فإنّ التنقيط الأنفي الخلفي قد يكون ناتجًا عن الإصابة بالحساسية أو التهاب الأنف (بالإنجليزية: Rhinitis)، أو التهاب الجيوب الأنفية (بالإنجليزية: Sinusitis)، أو نزلات البرد .
- الربو: (بالإنجليزية: Asthma) أو الربو السّعالي (بالإنجليزية: Cough Variant Asthma)، وتتمثل هذه الحالة بمُعاناة الشخص من السّعال المزمن الجافّ الذي قد يزداد سوءًا بعد ممارسة الرياضة، أو الضحك، أو البكاء، أو التحدّث، ويعدّ العلامة الوحيدة للربو، ويتمّ تشخيص الربو عن طريق إجراء اختبارات وظائف الرئة التي قد تُظهر انسدادًا طفيفًا أو تكون طبيعيّة، وفي حال كانت وظائف الرئة طبيعية عندها يُمكن إجراء اختبار تحدّي الميثاكولين (بالإنجليزية: Methacholine Challenge Test) الذي تدعم نتيجته الإيجابيّة تشخيص الربو، ومن الجدير ذكره أنّ مصابي الربو السّعالي يستجيبون بشكلٍ جيد لأدوية الربو؛ مثل محفزّات بيتا كالألبوتيرول (بالإنجليزية: Albuterol)، والكورتيكوستيرويدات المُستنشقة (بالإنجليزية: Inhaled Corticosteroids)، وكرومولين الصُّوديوم (بالإنجليزية: Cromolyn Sodium).
- مرض الارتداد المعدي المريئي: (بالإنجليزية: Gastroesophageal reflux disease)، فعند ارتداد حمض المعدة نحو المريء تحدث أعراض عدّة تشمل حرقة المعدة (بالإنجليزية: Heartburn)، وألم الصدر، وضيق التنفس، والأزيز، مما يُسبب تهيّجًا في المريء وحدوث السّعال المزمن.
- الإصابة بأنواع معينة من العدوى في السابق: قد يستمر السّعال خلال الإصابة وبعد فترةٍ طويلةٍ من زوال أعراض عدوى الجهاز التنفسيّ العلويّ؛ كالالتهاب الرئوي (بالإنجليزية: Pneumonia)، أو الانفلونزا، أو التهابات الرئة الفطرية، أو عدوى السل (بالإنجليزية: Tuberculosis)، أو عدوى الرئة بالمتفطرات اللاسليّة (بالإنجليزية: Nontuberculous Mycobacteria)، ويعدّ السّعال الديكي (بالإنجليزية: Whooping Cough) أحد العوامل غير المأخوذة بالجدية الكافية بالرغم من كونِه سببًا شائعًا للسّعال المزمن لدى الكبار، مع الأخذ بالاعتبار أنّ السعال الديكي يُعدّ أكثر شيوعًا لدى الرّضع والأطفال الصغار.
- مرض الانسداد الرئوي المزمن: (بالإنجليزية: Chronic Obstructive Pulmonary Disease)، وهو حالةٌ رئويّة ناتجةٌ عن التعرّض الطويل للمهيّجات الضارّة بالرئتين والمجاري التنفسيّة، ويُعتبر استنشاق دخان السجائر والتدخين السبب الرئيسي للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، مع احتمالية تطوّر هذا المرض نتيجة التعرض للمهيجات الأخرى؛ كملوثات الهواء، والأبخرة والأغبرة الكيميائية الموجودة في بيئة العمل، ومن الجدير ذكره أنّه وفي حالاتٍ نادرة يكون للوراثة دور في الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن ضمن حالة وراثية تعرف بعوز مضاد التريبسين ألفا 1 (بالإنجليزية: Alpha 1-Antitrypsin Deficiency)، حيث يتراكم المخاط داخل الرئتين ويحاول الجسم إزالته عن طريق السّعال، وعند الحديث عن مرض الانسداد الرئوي المزمن لا بدّ من التطرّق إلى الحالات المرتبطة به وتشمل النفاخ الرئوي (بالإنجليزية: Emphysema) الذي يؤثر في الأكياس الهوائية والحواجز التي بينها ويلحق الضرر بها ويجعلها أقل مرونة، والتهاب الشعب الهوائية المزمن (بالإنجليزية: Chronic Bronchitis) والذي يرتبط بتهيّج بطانة المجاري التنفسية والتهابها المستمر بما يتسبّب بانتفاخ البطانة وزيادة إفراز المخاط.
- مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين: (بالإنجليزية: Angiotensin Converting Enzyme Inhibitors) واختصارًا (ACEIs)، من المعروف أنّ هذه المجموعة الدوائية تمثّل إحدى مجموعات علاج حالة ارتفاع ضغط الدم ، إلّا أنّها تُسبب تأثيرًا جانبيًّا لدى المرضى يتمثّل بالسّعال المزمن الذي يكون جافًّا ومتقطعًا، وفي حال حدوث ذلك يجدُر استشارة الطبيب ومناقشته بالأمر، وللسّيطرة على ذلك قد يُشير الطبيب باستبدال الدواء بآخر من مجموعاتٍ أخرى ليتحسّن السّعال بعدها في غضون أسبوعٍ إلى أسبوعين، ومن أمثلة مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين الكابتوبريل (بالإنجليزية: Captopril)، والراميبريل (بالإنجليزية: Ramipril)، والكوينابريل (بالإنجليزية: Quinapril)، والبيريندوبريل (بالإنجليزية: Perindopril).
- التدخين: يرتبط التدخين ارتباطًا وثيقًا بالسّعال؛ إذ يُعد السّعال أحد المشاكل الأكثر شيوعًا للتدخين، ويحدث السّعال كردّة فعل طبيعيّة لتنظيف الجسم من المواد الكيميائية التي تدخل القصبات الهوائية والرئتين عند التدخين، ويبدأ السّعال عادةً كسعال جاف وقد يتطوّر ليُصبح منتجًا للبلغم ترافقه أعراض أخرى؛ كالتهاب الحلق وألم الصدر، ويستمر لمدة تزيد عن ثلاثة أسابيع ليُعرف عندها باسم سعال المدخنين، ووفقًا لما نشرته مجلة "Annals of Medicine Journal" في دراسةٍ نشرتها في عددها عام 2010م والتي أُجريت على أفراد عسكريين شباب فإنّ نسبة الأفراد الذين يدخنون بشكلٍ يوميّ بلغت أكثر من 40%، وإنّ 27% من المدخنين يعانون من السعال المزمن والبلغم بين حينٍ وآخر.
الأسباب الأقل شيوعًا
تتضمن بعض الأسباب الأقل شيوعًا للسعال المزمن ما يأتي:
- الشفط: (بالإنجليزية: Aspiration)، ويحدث عند نزول الطعام أو اللعاب في المجرى التنفسي بدلًا من مجرى الطعام، حيث تُساهم زيادة السوائل في تجمّع البكتيريا أو الفيروسات وتهيّج مجرى التنفس، كما يُمكن أن يرتبط الشفط بحدوث التهاب رئوي .
- توسّع القصبات: (بالإنجليزية: Bronchiectasis)، حيث تتسبب زيادة إفراز المخاط بزيادة حجم المجاري التنفسية لتصبح أكبر من حجمها الطبيعي.
- التهاب القصيبات الهوائية: (بالإنجليزية: Bronchiolitis)، ويتمثل بحدوث التهاب في المجاري الهواء الصغيرة في الرئتين، ويُعزى عادةً إلى العدوى الفيروسية، ويُعدّ هذا النوع من الالتهابات حالةً شائعة الحدوث لدى الأطفال.
- التليّف الكيسي: (بالإنجليزية: Cystic Fibrosis)، الذي يسبب السعال المزمن عن طريق زيادة إفراز المخاط في الرئتين والمجاري التنفسية.
- أمراض القلب: قد تتسبب أمراض القلب بنوعٍ من السعال، والذي غالبًا ما يزداد سوءًا عند اتخاذ وضعية الاستلقاء التامّ، ومن الجدير ذكره أنّ السّعال وضيق التنفس يُعدّان أحد أعراض أمراض القلب أو قصوره.
- الارتجاع الحنجري البلعومي: (بالإنجليزية: Laryngopharyngeal Reflux)، والذي يعني ارتداد أحماض المعدة نحو الحلق مما يُسبب السّعال.
- التهاب الشعب الهوائية الناتج عن الحبيبوم الحمضي غير المرتبط بالربو: (بالإنجليزيّة: Nonasthmatic eosinophilic bronchitis)، وكما تُظهر التسمية فإنّ الالتهاب في هذه الحالة لا يكون مرتبطًا بالإصابة بالربو.
- داء الساركويد: (بالإنجليزية: Sarcoidosis)، ويظهر على شكل مجموعات من الخلايا الالتهابية في أجزاءٍ مختلفةٍ من الجسم، وخاصّةً الرئتين.
- التليّف الرئوي مجهول السبب: (بالإنجليزية: Idiopathic Pulmonary Fibrosis)، وفيه لا يكون سبب تندّب الرئتين معروفًا.
- سرطان الرئة: (بالإنجليزية: Lung Cancer)، ويُذكر أنّ عدد الأشخاص المصابين بسرطان الرئة ويعانون من السّعال المزمن قليل، لكن في حال ترافق التدخين مع تغيّر في طبيعة السّعال؛ كأن يكون مصحوبًا بالدم أو يستمر لأكثر من شهر بعد الإقلاع عن التدخين، عندها يُحتمل وجود إصابة بسرطان الرئة.
- أسباب نفسية: حيث تقلّ شدة السعال أثناء النوم، وتعتبر الإصابة بمتلازمة التشنج اللاإرادي المصحوبة بالسّعال (بالإنجليزية: Cough Tic Syndrome) أحد الأسباب النفسيّة للإصابة بالسعال.
عوامل خطر السُّعال
كما ذكرنا سابقًا أن التدخين هو أحد عوامل الخطر الرئيسية التي تسبب السّعال المزمن، وليس فقط التدخين، بل التعرّض لدخان السجائر واستنشاقه حتّى وإن لم يكُن الشخص مُدخنًا، وإنّ التعرّض للمواد الكيميائية المنتشرة في الهواء نتيجة العمل داخل مصنع أو مختبر، واستخدام مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، جميعها تُعدّ عوامل خطرٍ تزيد من احتمالية الإصابة بالسّعال المزمن.
نصائح للحد من السعال
للحدّ من السّعال، يمكن اتباع النصائح التالية:
- الإقلاع عن التدخين لما يُسببه من أضرار وتلف للرّئة نتيجة احتواء الدخان على النيكوتين (بالإنجليزية: Nicotine) ومواد كيميائية أخرى، ويُمكن استشارة الطبيب بهدف الحصول على النصائح المتعلّقة بالإقلاع عن التدخين وبدائل السجائر.
- الابتعاد عن المدخنين سواء أكانوا من مدخني السجائر التقليدية أم الإلكترونية ، وذلك بتجنّب الوقوف بالقرب منهم أو السماح لهم بالتدخين داخل المنزل أو السيارة.
- تجنّب المهيّجات؛ كالغبار، وحبوب اللّقاح، ووبر الحيوانات، والعفن لما لها من دورٍ في زيادة شدّة السُّعال المزمن سوءًا، ويمكن ارتداء قناع واقٍ في حال العمل في بيئة مليئة بالمُهيجات والملوثات، ويمكن استشارة الطبيب للحصول على مزيدٍ من النصائح التي تقلل من التعرض للمهيجات ومسببات الحساسية .
- الحيلولة دون حدوث الارتداد الحمضي عن طريق رفع الرأس ومنطقة أعلى الظهر عند النّوم؛ وذلك بوضع وسادتين أو أكثر خلف الرّأس أو النّوم على الكرسي، وتجنّب الاستلقاء بعد تناول الطعام بنحو ساعةٍ على الأقل، والابتعاد عن الأطعمة والمشروبات التي تزيد من حرقة المعدة، كما يمكن استشارة الطبيب لمعرفة كيفيّة التغلّب على الارتداد الحمضيّ.
- شرب الكميات الوفيرة من السوائل لما لها من دورٍ في تخفيف ألم الحلق الذي يسبب السّعال، كما يمكن إضافة العسل إلى الماء أو الشاي الساخن بهدف تخفيف ألم الحلق، ويمكن الحصول على الاستشارة الطبية لمعرفة السوائل المناسبة وكمياتها.
- تجنّب الاتصال المباشر مع الأشخاص الذين يُحتمل إصابتهم بالتهاب الرئة أو التهاب الشعب الهوائية.
- تناول الأطعمة والفاكهة المحتوية على الألياف والفلافونيدات (بالإنجليزية: Flavonoids)، لما لها من دورٍ في الحدّ من السعال المزمن.
فيديو أسباب السعال المستمر
قد تصاحبك نوبةٌ من السعال المستمر في وقتٍ من أوقات السنة، فما أسبابها! :