لوحات بيكاسو التكعيبية
لوحات بيكاسو التكعيبية
يُعد بيكاسو من الفنانين المؤسسين لما يُعرف بالتكعيب التحليلي الذي تشارك فيه مع الفنان جورج براك، وهناك مرحلة خاصة من مراحل حياته الفنية عرفت بالمرحلة التكعيبية، وعلى الرغم من أن لوحاته المبكرة لم تحظَ بالفهم الصحيح من قبل المشاهدين والنقّاد ممن اعتبروها فنًا هندسيًا تقليديًا إلا أن الرسامَين ذاتهما اعتبرا أنَّ ما يُقدمانه هو نوعية جديدة وفريدة من الفن انفصلت عن الفن التقليدي المعاصر الذي ساد في عصر النهضة، وبشكلٍ خاص باستخدام الوهم والمنظور فيه، والذي مكّنهما من إظهار العديد من وجهات النظر لشيء واحد على اللوحة القماشية نفسها، ونقلا عبرها معلومات وهمية عدة تفوق ما أمكن أن تحتويه لوحة عادية محدودة.
التكعيب التحليلي في الفن
ندرج فيما يلي أبرز المعلومات المتعلقة بالتكعيب التحليلي استنادًا لرأي الناقد الفني دانيال هنري كاهنويلر، ونوضح كيف أدخل بيكاسو هذا النوع من الفن بأعماله:
- تعد التكعيبية انفتاحًا للأشكال المغلقة من خلال عرضها بشكل مختلف ووضعها في الفضاء دون تقييدها بالوسائل الوهمية المعتادة.
- تتمثل العملية التحليلية فهي انكسار للفضاء والأجسام والظلال والضوء واللون.
- تميزت أعمال الفنان بيكاسو بعد عام 1909م بهذه السمات التحليلية، والتي استخدمها في رسم المظاهر الطبيعية، واللوحات المحكمة، ولوحات أخرى صورت شخصيات جالسة تعزف الموسيقى على الآلات المختلفة.
- ظهرت أعمال بيكاسو بهذا الفن عندما دمج المساحة والأشكال والأشياء المحيطة على نوع من الشبكة بألوان محدودة، وهي: البني المحمر والرمادي والبني فقط، وبدلًا من تركيز المكعّبين التحليليين على الألوان كانوا يُركز على أشكال هندسية تُمثل العالم الطبيعي بحركتها، مثل: الأسطوانة، والمخروط، والكرة، وغيرها.
- وسع بيكاسو وزميله براك التصور التكعيبي وبدا كأنه كائن له كيان وذات مستقلة قائمة من خلال إلصاق ورق كولي بمواد مجمعة مختلفة على القماش، ليظهر ما يُعرف بالتكعيبية التركيبية.
أشهر لوحات بيكاسو التكعيبية
أنتج الفنان الشهير بيكاسو العديد من اللوحات المميزة التكعيبية وأبرزها ما يأتي:
لوحة سيدات أفينون
تُعد هذه اللوحة من أبرز اللوحات التكعيبية التي أنتجها بابلو بيكاسو، وتمتاز بخلوها من جميع أشكال الفن التقليدي والتمثيلي المتعارف عليه عند بيكاسو، حيث قام بتجاوز الأشكال الهندسية البسيطة وجسد الإناث في اللوحة، وفي الوقت نفسه أبرز بأسلوب إبداعي جمال المرأة وتجلى بوضوح تأثره بالفن الإفريقي أيضًا، وقد استغرقت اللوحة مدة طويلة من الزمن لإكمالها ولكنها كانت تحفة مميزة وخالدة حتى اليوم.
لوحة رجل يرتدي قبعة وكمان ( Man with a Hat and a Violin )
قام بيكاسو بترتيب قصاصات من صحيفة فوق رسم تخطيطي لرجل يرتدي قبعة ويمسك بيده آلة الكمان الموسيقية، أما عن دلالة اللوحة فتشير القصاصات الورقية إلى عدة قضايا متنوعة، أبرزها الاضطرابات في المناجم الفرنسية، وحروب البلقان، وغيرها.
لوحة غرنيكا (Guernica)
رسم بيكاسو هذه اللوحة بمشاعر صادقة عميقة بعد انتشار خبر القصف الجوي على بلدة غارنيكا من قبل الألمان، حيث سمى تحفته الفنية على اسم المدينة المستهدفة، وتضمنت اللوحة العديد من للمشاعر والدلالات الإنسانية التي تُظهر لوعة الحرب ووحشية وقسوة الإرهاب، والرغبة الشديدة في انتهائها والعودة إلى السلم، ومن جهة أخرى فإن هذه اللوحة الفنية تتميز بزخارفها القوية وألوانها الساكنة وبحجمها الكبير الذي يُشير إلى أهوال الحرب وضخامة تأثيرها على النفس البشرية والمتمثلة بالخوف والرعب والدمار والمزيد من الآثار المأساوية.
نبذة عن الفنان بيكاسو
ندرج فيما يلي أبرز المعلومات المتعلقة بالفنان بيكاسو:
- يُعدّ بابلو بيكاسو من أبرز الفنانين الإسبان المعاصرين، وقد سيطر على مفاتيح الفن الطبيعي وأصبح من الرواد في الحركة التكعيبية خلال أوائل القرن العشرين، وتميز بتألقه التعبيري وإبداعه الفطري، وقد كان والده خوسيه رويز بلانكو رسامًا ومُدرسًا للفنون، ودعمه فظهرت إبداعاته ومواهبه في سنٍ مُبكرة، حيث اتبع العديد من الأساليب الفنية بدءًا من مدينة برشلونة الإسبانية وصولًا إلى باريس في فرنسا التي اشتهر فيها بلوحاته الزرقاء التي سميت على اسمها هذه المرحلة من مراحل حياته، فكان يستخدم الأزرق ودرجاته الباهتة لرسم أحول الفقراء وتصوير معاناتهم، ومن بعدها انتقل إلى مونمارتر ورسم بالألوان الوردية والرمادية الراقصين والمهرجين في مرحلة جديدة من حياته عرفت بفترة الورود.
- أبدى بيكاسو بعد زيارته لمعرض سيزان التذكاري اهتمامًا شديدًا بالمنحوتات الإفريقية التي تقوم على تبسيط الأشكال وتحليلها، واشتهر من بعدها بالحركة التكعيبية التي تعاون على تطويرها مع الفنان جورج براك كما ذكر مُسبقًا، والتي كانت ثورة فنية جميلة ومميزة في القرن العشرين وابتدأت بالتكعيبية التحليلية التي ساعدت الفنانين الآخرين على تمثيل الواقع الحقيقي بطرق مميزة ومُبتكرة.
- انخرط بيكاسو من بعد التحاق براك بالجيش في تصميم المناظر الطبيعية والأزياء في مدينة روما، ورسم العديد من الصّور بالطريقة التكعيبية وأنتج لوحات كلاسيكية مميزة، وبعد رسم لوحته الشهيرة جيرنيكا التي كانت نتاجًا لأعمال الإرهاب والعنف الشديد وإحساسه بالرعب من قصف القوات الظالمة لبلدة الباسك، انتقل من بعدها إلى قصره في بواسجلوب (بالإنجليزية: Boisgeloup) وقام هناك بأعمال النحت في الجبس وتشكيل الرؤوس الكبيرة.
- أبدى اهتمامات متعددة بعد أعمال النحت؛ من بينها العمل الفني في السيراميك، والمنحوتات المعدنية، والصور المختلفة، ورسم اللوحات والنقوش المميزة واستمر على حاله حتى توفي في جنوب فرنسا في مدينة موجينز.