لمن تعطى زكاة المال
من هم مستحقو الزكاة؟
الزّكاة من أهمِّ أركان الإسلام، ومِن أعدل صور الشريعة الإسلامية، أوجبها الله -عز وجل- على المسلمين، وحدَّدَ مُستحقّيها، فتُعطى لثمانية أصناف، ويجب الانتباه على طريقة حساب الزكاة، وورد دليلُ ذلك في القرآن الكريم في قول الله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ)، حيث تُعطى الزّكاة لهذه الأصناف الثمانية، وهم:
الفقراء والمساكين
قد تعدّدت آراء الفقهاء في تعيين حالة الفقير والمسكين، ومَنْ الذي حالته تُعتبر أدنى من الآخر، فالفقير عند الشافعية والحنابلة حاجته أكثر من حاجة المسكين، واستدلّوا على ذلك من القرآن الكريم، لقول الله -تعالى-: (أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ)، فذكر المساكين قبل الفقراء دليلٌ على أنَّ حاجتهم أشدُّ، أما الحنفية والمالكية فالمسكين عندهم حاجته أكثرُ من حاجة الفقير، واستدلّوا بذلك من القرآن الكريم، لقول الله -تعالى-: (أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ)، فالآية تدلُّ على أنَّ المسكين مُلقى على التُّراب من شدّة الجوع.
وقد جعل الشافعية والحنابلة أطلقوا مسمّى الفقر على مَن لم يجد المال ولا القدرة على الكسب، كأنْ تكون حاجته عشرةَ دراهم ولا يستطيع إيجادُ أو توفير درهم منها ليقَتات به، أو لا يستطيع أن يوفّر أقلّ من نصف حاجته، والمسكين هو من تكون حاجته عشرة دراهم مثلاً، ويستطيع إيجاد نصفها أو أكثر، أمّا الحنفية والمالكية فقالوا إن المسكين هو من لا يستطيع أن يوفّر قوتَ يومه وحاجَته، ويضطر لسؤال النّاس لإعطائه، والفقير عند الحنفية هو من يَملك مقداراً من المال لكن لا يصل لحدّ النِّصَاب، والفقير عند المالكية هو من يملك مقداراً من المال والقوت ولا يكفي لعام.
العاملون عليها
هم الجُباة الذين يقومون بجمع مال الزكاة، والحفاظ عليها، وتوزيعها على من يستحقّها.
المؤلّفة قلوبهم
فقد يكونوا مسلمين أو غير مسلمين، وقد يكونوا شرفاء أو أعزّاء في قومهم أو قبيلتهم، فغير المسلم يُرجى بعطيّته إسلامه أو دفع مضرّته عن الإسلام والمسلمين، والمسلم يُرجى بعطيّته حُسن إسلامه وإسلام نظيره، وتكون العطيّة بالقدر الذي تتحقّق به المصلحة.
في الرقاب والعبيد
أي الأرقّاء والمكاتَبون والعبيد الذين تُصرف الزكاة لعتق رقابهم في سبيل الله -عز وجل-.
الغارمون
الغارم يكون على صورتين؛ الأولى شخصٌ تراكم عليه الدَّين ولا يستطيع أن يؤدّيه، فيُعطى من الزكاة لسداد الدَّين، والصورة الثانية شخصٌ غارمٌ من أجل الإصلاح بين عائلتين أو قبيلتين، فيُدفَع عنه هذا الدَّين.
المجاهدون
بإعطاء أموال الزكاة لتجهيز المجاهدين الذين يخرجون للجهاد في سبيل الله -عز وجل-، ويدخل في هذا الصنف الدُّعاة إلى الله -عز وجل-.
ابن السبيل
هو المُسافر الذي انقطع في سفره، ولمْ يتبقَّ معه نفقةٌ لينفق على نفسه، أو للعودة لبلده، فيُعطى من الزَّكاة بمقدار ما يحقّق مصلحته حتى وإن كان غنيّاً في بلده.
أصناف من لا يصح دفع الزكاة إليهم
غير المسلمين باستثناء المؤلّفة قلوبهم منهم
دليل ذلك من السّنّة النبوية قولُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ -رضي الله عنه- عندما بعثه لليمن: (فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ).
أهل بيت النبي عليه السلام
الذين حرّم الله -عز وجل- عليهم أخذ الصدقات -بنو هاشم-، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ هذِه الصَّدَقاتِ إنَّما هي أوْساخُ النَّاسِ، وإنَّها لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، ولا لِآلِ مُحَمَّدٍ).
العبيد غير المكاتبين
لأنّهم مِلك لسيّدهم، فالذي يُعطى لهم يصبح لسيّدهم، والأصل أنَّ السيّد تلزمه النفقة على العبد، ويُستثنى من ذلك أن يكون العبد من العاملين على جمع الزكاة.
الأثرياء والأغنياء
فقد ورد دليل ذلك في السُّنّة النبوية، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ولا حَظَّ فيها لِغنِيٍّ، ولا لِقوِيٍّ مُكتَسِبٍ).
مَن تجب عليهم النّفقة
فلا تصحُّ الزكاة لامرأة فقيرة وزوجها غنيٌّ أو مُوسر يُنفق عليها، ولا تصحُّ لفقيرٍ له منْ يُنفق عليه، فيغنيه عن الأخذ من مال الزكاة، ومن يجب النفقة عليهم لا يصحّ أن يأخذوا من الزكاة كذلك؛ وهم الآباء، والأمهات، والأجداد، والأولاد من البنين والبنات، وذراريهم.
ولا يصحُّ للزوجة أن تُعطى من الزكاة التي يُخرجها زوجها، لأنَّ نفقتها واجبةٌ على زوجها، وقال ابن العثيمين -رحمه الله- إنه يجوز للزوج أن يُعطي لزوجته من مال الزكاة لتَقضي دَيناً لم تستطع قضائه، أمّا أن تدفع الزوجة من زكاتها لزوجها ففي ذلك قولان؛ فمنهم من أجازه ومنهم من لم يُجِزْ ذلك.
العصاة والفاسقين
فلا يجوز إعطاء الزكاة لمن سيستعملها في معصية الله -تعالى-.
غير الأصناف الثمانية
فلا يجوز صرفها في أفعال الخير التي لا تُعدّ من غير الأصناف الثمانية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم؛ كصرفها في بناء المساجد أو تجهيز الأموات.
استيعاب مصارف الزكاة
يجب أن يتمّ توزيع الزكاة بعد جمعها على المصارف الثمانية، ولا يُشترط في توزيعها أن تَشمل جميع المصارف، وهو قول الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وعمر وابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال الشافعي إنَّه يجب استيعاب جميع مصارف الزّكاة، فتُوزّع على الأصناف الثمانية.
ملخص المقال: إنّ الزكاة ركن من أكان الإسلام، ويجب إعطاؤها لمستحقيها؛ كالفقراء والمساكين وابن السبيل والمؤلفة قلوبهم، كما ويمتنع صرف الزكاة لغير المسلمين، وكذلك للأثرياء والأغنياء.