لماذا لا يلبس الرجل الذهب
حكم لبس الذهب بالنسبة للرجل
حرّم الله -عزّ وجلّ- لبس الذهب على الرجال في الإسلام ، وقد دلّ على ذلك مجموعةٌ من أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فقد ورد عنه مرّةً أنّه أمسك بقطعةٍ من الذهب في إحدى يديه، وأمسك بقطعةٍ من الحرير في يده الأخرى، ثمّ رفعهما أمام الناس، وقال: (إنَّ هذَين حرامٌ على ذكورِ أُمَّتي ، حِلٌّ لإناثهم)، كما ورد أيضاً عنه أنّه رأى رجلاً يلبس في يده خاتماً من ذهب، فنزعه منه، وطرحه على الأرض، ثمّ قال: (يعمِدُ أحدُكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيجعلُها في يدِه)، وهكذا فهذه الأحاديث النبوية المؤكّدة على حُرمة ارتداء الذهب للرجل صحيحةٌ ظاهرةٌ، ولا شكّ أنّ حُرمة ذلك تكون أشدّ وأقبح إذا اقترن بها اعتقادٌ فاسدٌ؛ كالذين يلبسون ما يسمى بخاتم الزواج، معتقدين أنّ ارتدائه يزيد في الترابط والتآلف بين الزوجين ، وهذا خيالٌ بعيدٌ، وعقيدةٌ باطلةٌ يجدر بالمسلم أن يترفّع عنها، كما أنّ الحُرمة تشتدّ أيضاً إذا قصد الإنسان في ارتداء هذا الذهب المحرّم التشبّه بالكفار؛ لأنّ الشريعة الإسلامية نهت المسلمين عن التشبّه بالكافرين، وحذّرت من ذلك.
والذهب المحرّم على الرجال يشمل النقي منه، والمخلوط، وكذلك المقطّع منه، والمتصل، والمطعّم، ونحوه أيضاً، أمّا المموّه، والمطلي من أنواع الذهب، فقد ذهب بعض العلماء إلى حرمته إن أمكن استخلاص شيءٍ منه، كأن يتم ذلك بقشره، أمّا إذا لم يكن من الممكن أن يستخلص الإنسان منه شيئاً، فيجوز للرجال ارتداؤه حينها، وذهب علماءٌ آخرون إلى القول بأنّ العبرة في عموم الذهب وكثرته في القطعة الملبوسة، فإن كان كثيراً عاماً لم يجز للرجل ارتداؤه، وإن كان قليلاً كمن يرتدي ساعةً عقاربها من الذهب، أو أرقامها من الذهب، أو فيها حبّاتٌ صغيرةٌ دقيقةٌ منه، جاز له ذلك، وقالوا: إنّ الأمر لا يتعلّق بالقيمة، وإنمّا بالظهور؛ لأنّ في ظهور الذهب على القطعة التي يرتديها الإنسان تُهمةً له، فليس كلّ الناس قادرين على التمييز بين معدن الذهب النقي، وبين الذهب المطلي، وقد يذهب بعضهم إلى تقليده، فيرتدي الذهب الخالص ظنّاً منه أنّ ما ارتداه ذلك الشخص كان ذهباً خالصاً أيضاً.
حكمة تحريم الذهب على الرجال
إنّ السبب والعلّة في الأحكام الشرعية جميعها بالنسبة للمسلم، تتمثّل فيما أمر به الله سبحانه، وأمر به رسوله عليه الصلاة والسلام، فقد قال الله سبحانه في القرآن الكريم : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)؛ وذلك لأنّ النص الشرعي من القرآن الكريم، أو من السنة النبوية علّةٌ موجبةٌ للحكم بالنسبة للمسلم ، حتى وإن لم يعرف الحِكمة منه، ومع ذلك فلا بأس أن يبحث ويتطلّع إلى معرفة العلّة، أو يتلمس حكمة الله -عزّ وجلّ- فيما شرعه لعباده؛ لأنّ ذلك يزيد في طمأنينة قلبه ، ويُشعره بعظمة الشريعة الإسلامية، وسموّها، كما أنّ ذلك يُعينه على قياس حكمٍ شرعيٍّ آخرٍ لم يأتِ النصّ فيه إذا وُجدت فيه ذات العلّة الموجودة في الحكم الشرعي الثابت بالنصّ، ومن منطلق تحصيل هذه الفوائد الثلاثة بالبحث عن الحكمة؛ فقد أجاب بعض أهل العلم عن الحكمة من تحريم لبس الذهب على الرجال في الإسلام؛ بأنّ الذهب ممّا يتجمّل به الإنسان ويتزيّن، فهو يعدّ حِليةً وزينةً، والأصل في الرجل أنّه غير مقصودٍ في أمر الزينة؛ لما فيه من صفات الرجولة.
كما أنّ الرجل غير محتاجٍ للتجمّل لغيره حتى تتعلّق رغبة الغير به، كما هو حال المرأة التي تتجمّل وتتزيّن لزوجها حتى يكون ذلك مدعاةً للعِشرة بينهما، لذلك أباح الشرع للمرأة أن تتزيّن وتتجمّل بالذهب ونحوه، ممّا يدعو الرجل إلى التعلّق بها، وطلبها فيحصل بينهما النكاح المطلوب للحفاظ على الجنس البشري، كما أنّ التنشئة في النعومة والزينة أمرٌ لائقٌ بالمرأة مرغوبٌ فيه، أمّا بالنسبة للرجل فهو أمرٌ معيبٌ مذمومٌ، ويظهر من تحريم الذهب على الرجل حِكمةً أخرى، وهي المنع من تشبّهه بالمرأة، فإذا كان الذهب مباحاً للمرأة، وموافقاً لطبيعتها، والوظيفة التي خُلقت لها، فإنّ من الحكمة أن يمنع الرجل منه سداً لذريعة تشبهه بها، والشريعة حريصةٌ كلّ الحرص على تمييز كلٍّ من الجنسين عن الآخر، وعلى إظهار الفرق في الخصائص بينهما، لما في تشبههما ببعضهما من أسباب الفساد.
فروقٌ شرعيةٌ بين الرجل والمرأة في الإسلام
الأصل في الإسلام أنّ المرأة والرجل سواءً في التكليف، فكلّ ما كان خطاباً للرجل في التكليف كان خطاباً للمرأة أيضاً، ما لم يرد دليلٌ على تخصيصه بالرجل، وقد وردت بعض الفروض الشرعية بينهما؛ بحسب طبيعة كلٍّ منهما، وخصائصه التي خلقه الله سبحانه عليها، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:
- خصّ الله تعالى الرجل بوجوب النفقة ؛ فالرجل هو من ينفق على زوجته على وجه الوجوب، أمّا المرأة فغير مكلّفةٍ بالإنفاق.
- خصّ الله تعالى الرجل بحقّ القِوامة ؛ فالقِوامة للرجل على المرأة، لا للمرأة على الرجل، والواجب عليها طاعته، وتدبير أمر بيته.
- خصّ الله تعالى الرجل في أمور الولاية؛ فقد أجمع العلماء على أنّ الذكورة شرطٌ من شروط الولاية العامة.
- خصّ الله تعالى المرأة بأحكام الحيض، وأوجب عليها فيه ترك الصلاة ، والصيام ، فإذا طهرت وجب عليها قضاء الصيام دون الصلاة.
- فرّق الله سبحانه بين الرجل والمرأة في الشهادة، فجعل شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل.