كيفية غرس البذور
الزّراعة
يُقسّم علماء الأحياء أنواع النّباتات الموجودة في الطّبيعة إلى فئتين أساسيتين بحسب طريقة التّكاثر التي تعتمد عليها، حيث توجد طريقتان رئيسيتان للتّكاثر في المملكة النباتيّة؛ وهُما التكاثر بالبذور، والتكاثر بالأبواغ. تُعتبر السّراخس والطّحالب الخضراء أمثلة على النّباتات المُتكاثرة بالأبواغ، وأمّا النّباتات المُزهرة فإنّ منها ما يتكاثر بالمَخاريط (ومنها الصّنوبر)، وما يتكاثر بالأزهار (وهي تشمل جميع أنواع الأشجار الحاملة للفواكه والخضار). لكي يتمّ إنتاج البذرة فإنّ على الأعضاء التناسليّة الذكريّة والأنثويّة في النّبات أن تتّصل معاً، ويكون ذلك عبر عمليّة التّخصيب، حيث تنتقل حبوب اللّقاح من الأعضاء التناسليّة للأزهار المُختلفة، وبعد انتهاء التّخصيب يبدأ جنين نباتيّ بالتكوّن داخل ما يتحوّل إلى البذرة لاحقاً.
تحتوي مُختلف أنواع الخضراوات والفواكه في داخلها على بذور، والبذرة بالأساس هي عبارةٌ عن نبتة صغيرة جداً لم تحظى بفُرصة النّمو والنّضج بعد (يُسمّى الجنين)، إلا أنّها تكونُ مُحاطةً بطبقة دفاعيّة تتمثّل بقشرة صُلْبة وقاسية يصعبُ اختراقها، تُوفّر في داخلها الملجأ والغذاء الضروريّ للنّبات. كثيراً ما يكونُ حجم البذور صغيراً إلى حدّ بعيد، وهي مُصمَّمة بحيث يكون لها القدرة على أداء الكثير من الوظائف المُهمّة والمُعقّدة؛ فهي تكون -أحياناً- قادرةً على الانشطار والتعدّد، كما أنّها مُجهَّزة لتحمل الظّروف البيئيّة القاسية (مثل برودة الشّتاء وحرارة الصّيف)، وكذلك فإنّها تستطيعُ تجميد نموّها ووظائفها الحيويّة لفترة من الزّمن في مثل هذه الظّروف.
تُعتبر البذور الموجودة في ثمار الفواكه والخضراوات، إضافةً إلى خاصِّية التّكاثر باللّقاح ، أهمّ ميزتين تطوُّرتين اكتسبتهما فصيلة النّباتات المُزهرة لتُحقّق نجاحها وانتشارها الحالي في العالم، حيث يتجاوز عدد النّباتات المُزهرة المعروفة الآن 300,000 نوع.
كيفيّة زراعة البذور في المزرعة
زراعة البذور تكون المرحلة الأولى من مراحل إنتاج المحاصيل في المزارع الكبيرة؛ حيث تمرّ الزراعة بمراحلَ عديدةٍ بدءاً من حراثة الأرض إلى حصاد المحصول، وتكونُ بدايتها بتجهيز التّربة؛ حيث تُستعمل الآلات والمَركبات الحديثة لتقليب التّربة وحرثها، ولهذا عدّة فوائد؛ فمن جهةٍ أولى تُساعد هذه العمليّة على تفكُّك حُبيبات التّراب ، ومن ثم تزيدُ تهويتها ليمرّ المزيد من الهواء والماء عبرها، وكذلك فإنّها تُساعد على قتل الحشائش الضارّة العالقة بالتّراب، وقلب بواقي المَحاصيل السّابقة (مثل جذور وسيقان النّباتات) فتتحلَّلُ بسهولة، ومن ثم تزيدُ من خصوبة الأرض.
تُفيد هذه العمليّة في إعداد المكان المُناسب لوضع البذور فيه، فعند الانتهاء منها تكونُ التّربة أكثر استعداداً لتلقّي بذور النّباتات وتحويلها إلى جذور ونباتات صغيرة. وبعد نموّ البذور الأولى تتمّ العناية بالمحصول إلى أن يُصبح جاهزاً للحصاد والتّخزين لبيعه.
كيفية زراعة البذور في المنزل
هناك العديد من الطّرق التي تتمّ فيها الزّراعة؛ حيث يمكن إمّا شراء شتلات صغيرة جاهزة للنّبات والشروع بزراعتها، أو البدء منذ مرحلة البذرة. وإجمالاً، فإن المراحل الأولى من زراعة النّبات من مرحلة البذرة قد تكون صعبةً، ولذلك فإنّ إحدى الطّرق المُفضَّلة لزراعتها هي البدء برعايتها في مكان محميّ داخل المنزل، ومن ثم نقلها إلى الحديقة أو إلى حوض خارجيّ عندما تبدأ بالنموّ ويزداد حجمها. تُعتبر هذه الطّريقة مُناسبةً بصورة خاصّة لزراعة النّباتات التي تُعطي ثمار الخضار، مثل الطّماطم ، كما أنّها مُناسبة لأنواع عديدة ومُختلفة من الأزهار، مثل دوّار الشّمس.
عادة ما يكونُ الوقت الطبيعيّ للزّراعة الداخليّة في المنزل هو بدءاً من شهرَي فبراير (شباط) ومارس (آذار)، بحيث يمكن نقل النّباتات إلى الخارج في شهر مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) عندما يُصبح الطّقس هناك دافئاً ومُناسباً للزّراعة ضمن ظروف جويّة معقولة. وفي حال توافر تجهيزات مُتخصّصة جداً، مثل بيت زجاجيّ للزراعة مُزوّد بالتّدفئة، فإنه من المُمكن الشّروع بالزّراعة منذ شهر يناير (كانون الثاني)، مع العلم بأن هذه التّواريخ تختلفُ بحسب المنطقة، حيث يمكن أن تكون مُبكّرةً أكثر في البلدان الدّافئة والاستوائيّة.
خطوات الزّراعة الداخليّة
يُمكن اتّباع الخطوات الآتية لزراعة البذور في المنزل:
- تبدأ الزّراعة من صينيّة أو صحن بسيط مُغطّى بالتّراب في حال كانت البذرة صغيرة جداً، ويتم نقلها إلى أوعية أكبر عندما تبدأ في النموّ.
- يمكن زراعة البذور مُتوسّطة الحجم في أحواض مُتخصّصة تكون مُقسمّةً إلى مُربّعات صغيرة، بحيث توضع كل بذرة في حفرة بأحد هذه الأقسام.
- يتم وضع البذور الأكبر حجماً في أحواض ترابيّة خاصّة بها، بحيث يكون قطر الواحد منها تسع سنتيمترات على الأقل، مع ضرورة تنظيف الحوض قبل استخدامه لو كان قديماً.
- في حال زراعة بذور مُتوسّطة الحجم تُدفَن في التّربة مع ترك مسافات مُنتظمة بينها. أمّا البذور الصّغيرة جداً فيمكن دفنها بالتّراب معاً وخلطها مع تقليب التّربة.
- تُدفَن البذرة في التّراب، ويتمّ سقيها بالماء كلما تبيَّن أنّ التّربة جافّة أو رطوبتها قليلة.
- يجبُ الحفاظ على التّربة دافئةً، حيث لا تقلّ حرارتها عن 18 درجةً مئويّةً، مع الانتباه من تعرّضها للطّقس البارد. يُمكن تغطيتها لهذا الغرض بطبقة من النّايلون أو وضعها في صندوق زجاجيّ.
- بعض البذور لها مُتطّلبات خاصّة يجب التأكّد منها، فقد تحتاجُ لعدم تعريضها للضّوء كثيراً، أو لإحداث شقوق خاصّة فيها قبل زراعتها لمُساعدتها على النّمو.
- يتمّ التأكّد من حالة البذرة يوميّاً، وبمُجرّد بدء ساقها بالنّمو تتم إزالة وسائل التّغطية.
معلومات مُهمّة
من الضروريّ الانتباه إلى المُلاحظات الآتية لزيادة فعاليّة زراعة البذور:
- الاحتفاظُ بسجلّ يُوضّح مراحل نموّ البذرة مع تاريخها (مثل ظهور السّاق والأوراق) يُساعد على تقصّي صحة النّبتة، وتنظيم إنتاجها الزّراعي لأغراض تجاريّة.
- استعمال أحواض واسعة بما فيه الكفاية بحيث لا تزدحم البذور في داخلها.
- يُستحسَن استخدام الأحواض البلاستيكيّة عوضاً عن الفخاريّة خلال المراحل الأولى من زراعة البذرة، فهي تمنع ازدحام البذور في داخل التّربة، وتُتيح تجنّب ارتفاع مُستويات الرّطوبة بشكل سيء.
- يجب خلط البذور بالتّربة وضغطها بأداة مطبخ لتنغرس وتختلط بما في الحوض من تُراب، حيث يجب إجمالاً أن تُدفَن البذرة على عمق يُعادل ضعف طولها تحت سطح التّراب .
- توفير التّهوية المُستمرّة للبذرة والنبات، ومنع الحوض من اكتساب الرّطوبة الشديدة يُجنّب النّبات الإصابة بالمرض.
- الحفاظ على التّربة ضمن حرارة 18 إلى 24 درجةً مئويّةً لتحفيزها على النموّ.
- يُنصَح بتحريك الحوض وتدويره نصف دورة مرّة كل يوم، وتحريك أوراق النّباتات بفُرشة، فذلك يُحفّزها على النموّ.
- من الضروريّ عدم التّقليل من ساعات ضوء الشّمس التي تتلقّاها النّباتات يوميّاً؛ ففي الحالة المثاليّة يُنصَح بحصول النّبات على اثنتي عشرة إلى أربع عشرة ساعةً من ضوء النّهار يوميّاً.