أبو الرسول وأمه
أبو الرسول عبدالله بن عبد المطلب
التعريف به
هو عبد الله بن عبد المطلب الهاشميّ، وهو من قبيلة قريش المعروفة برفعة نسبها وعلوّ شأنها بين القبائل، وأمُّه هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ، وهي من بني مخزوم قرشيَّةٌ أصيلةٌ التي أنجبت لعبد المطلب ثلاثةً من الذُّكور هم: أبو طالب، والزُّبير بن عبد المطلب، وعبد الله والد النَّبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ومن الإناث خمسةٌ هنّ: أم حكيم البيضاء، وهي توأم مع أخيها عبد الله، وعاتكة، وبَرَّة، وأميمة، وأروى.
أمَّا جدّات عبد الله بن عبد المطلب فهنَّ أيضاً ذوات نسبٍ رفيع، فجدّته لأبيه هي سلمى بنت عمرو النَّجارية التي رُوي عنها أنَّها كانت تعزف عن الزَّواج لعلوِّ مكانتها بين مثيلاتها، وجدَّته لأمِّه هي تخمر بنت عبد بن قصي، وهي أيضاً تنتمي إلى قبيلة قريش.
قصة فدائه
أراد عبد المطلب أن يحفر بئر زمزم تحقيقاً لرؤيا قد رآها، ولكنَّ قريش حالت بينه وبين ذلك، ولم يكن معه نصير حينئذ إلَّا ابنه الحارث، فنذر لله -تعالى- إن وهبه عشرةً من الذُّكور أن ينحر أحدهم عند الكعبة.
ولمَّا رُزق بأولاده العشرة جاء وقت الوفاء بالنَّذر، وطلب منهم أن يكتب كلُّ واحدٍ منهم اسمه على قدحٍ، ليضرب بهذه القداح ويقترع بينهم فيمن سيكون وفاء للنذر، وكان عبد المطلب يحبُّ عبد الله حبّاً جمّاً، وكان يتمنى أن لا تخرج القرعة على عبد الله، لكنَّها كانت كذلك.
عزم عبد المطلب على تحقيق نذره، وأخذ آلة الذَّبح وتوجَّه بعبد الله حيث الكعبة، لكنَّ النَّاس منعوه من فعل ذلك، واقترحوا عليه أن يقترع بينه وبين عشرة إبل، فإن خرجت على الإبل ذبحها وافتدى ابنه بها، ففعل كما أشاروا عليه، لكنَّ القرعة خرجت على عبد الله، فزاد أبوه عشرة أخرى من الإبل، ولكنَّها خرجت أيضاً على عبد الله، فجعل يزيد عليها حتَّى أصبحت مئةً من الإبل، فعرف أنَّ هذا ما يرضي الله، فقام بفداء ابنه عبد الله بمئةٍ من الإبل.
وفاته
كان عبد الله بن عبد المطلب يعمل في التِّجارة كسائر قومه، فخرج ذات مرَّةٍ إلى قافلة إلى الشَّام، وعند عودتهم مرض مرضاً شديداً، فبقي في المدينة المنوَّرة يُمرَّض عند أخواله من بني النَّجار، وعاد من كان معه إلى مكَّة المكرَّمة، عندئذٍ سمع عبد المطلب ذلك، فأرسل ابنه الحارث ليطمئنَّ على ابنه، فوجده قد مات، وحزنوا عليه حزناً شديداً، ودُفن عبد الله في دار النَّابغة.
أم الرسول آمنة بنت وهب
التعريف بها
هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرَّة ، ويلتقي نسبها مع زوجها عبد الله عند كلاب بن مرَّة، وعليه يكون أخوال النَّبيِّ من بني زهرة، وهو نسبٌ رفيعٌ من جهة أخواله كما أعمامه أيضاً.
وفاتها
كانت السيَّدة آمنة تزور أخوالها في المدينة المنوّرة، ولمَّا بلغ النَّبيُّ -عليه الصّلاة والسّلام- ستَّ سنواتٍ اصطحبته معها برفقة أمِّ أيمن، ومرَّت بقبر زوجها عبد الله بن عبد المطلب في دار النَّابغة، إلّا أنّها مرضت هناك وتوفِّيت في طريق عودتها في مكانٍ بين مكَّة والمدينة يُقال له الأبواء، ودُفنت هناك، فقامت أمُّ أيمن باحتضان محمَّد -صلّى الله عليه وسلّم-، وعادت به إلى مكَّة المكرَّمة ومعها البعيرين.
قصة زواج عبدالله بآمنة
كان عبد المطّلب في تجارة إلى اليمن، وصادفه هناك أحد أحبار اليهود، فأخبره أن يعود إلى مكَّة ليتزوَّج من بني زهرة، فعاد عبد المطلب وخطب من وهيب بن عبد مناف ابنته هالة وتزوَّجها، وخطب أيضاً من عمِّها وهب بن عبد مناف ابنته آمنة لابنه عبد الله، وكانت آمنة آنذاك من أجمل النِّساء ومن أفضل نساء قومها رفعةً ومكانةً، وبذلك يكون عبد الله صهراً لأبيه عبد المطلب.
ويُذكر في كتب السِّير أنَّ عبد الله بن عبد المطلب بعد أن أملك من آمنة وبنى بها، كان ذات مرَّةٍ عليه آثارٌ من طين، ومرَّ على امرأةٍ كانت معها، فدعاها إلى نفسه ولكنَّها لم توافق بسبب الطِّين الذي عليه، فخرج من عندها واغتسل ممَّا كان عليه، و لمَّا مرَّ بها مرَّة أخرى ورأته دعته إلى نفسها لكنَّه أبى هو هذه الكرَّة.
ثمَّ جاء إلى زوجته آمنة ودخل عليها، فحملت بمحمَّد -صلّى الله عليه وسلّم-، ولمَّا عاد مرَّة إلى تلك المرأة وأرادها لنفسه أبت قائلة له: إنَّها رأت بين عينيه غرَّة بيضاء تشبه غرَّة الفرس، ولذلك كانت تريد أن تحظى به، ولكنَّه لمَّا عاد من عند آمنة ذهب ما بين عينيه من النُّور.
ويُروى أنَّ هذه المرأة هي أخت ورقة بن نوفل، وأنَّ ما رأته بين عيني عبد الله من النُّور ما هو إلَّا أحد دلائل النُّبوَّة وإشاراتها، وكان حمل السَّيدة آمنة بابنها محمّداً -صلّى الله عليه وسلّم- هيّناً، لكنَّ زوجها مات عنها وهي حاملٌ به، وحين ولدته خرج منها نور يُرى منه قصور بصرى والشَّام، وسمِّي محمّداً، ولم يكن أحد في مكَّة سُمِّي بذلك من قبل.
نشأة النبي من غير أب ولا أم
وُلد نبيّ الله -صلّى الله عليه وسلّم- ولم يكن له أبٌ آنذاك ، وعاش بداية طفولته يتيم الأب، فما لبث عمراً كثيراً حتّى ماتت أمّه هي الأخرى، فأصبح يتيم الأب والأم معاً، ولكن عناية الله -تعالى- له كانت تحاوطه، وسخّر الله له من يحنّ عليه ويقوم على أمره من جدّه وعمّه، فكانت نشأته يتيماً لها الأثر الكبير في تربية الرّسول منذ صغره، وتعويده على تحمّل الصّعاب.