كيفية تعلم الصلاة والوضوء
أهمية تعلّم الصلاة
ممّا يدلّ على عظم قدر الصلاة في الإسلام ، أنّ الله -تعالى- لم يفرضها في الأرض كباقي الفرائض، بل فرضها في السماء يوم أُسري برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بالإضافة إلى أنّ الصلاة عماد الدين، وقد أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بتعليم الأبناء الصلاة من عمر سبع سنين، حيث قال: (مرُوا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنِينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشرِ سِنِينَ ، فلا بُدّ من تعليم الأولاد على الصلاة، وفي البداية يجب تعليمهم كيفية الوضوء الصحيح، ومن طرق التعليم الجيدة القيام بالوضوء والصلاة أمامهم، وفيما يأتي بيان كيفيّة الوضوء الصحيح والصلاة الصحيحة.
الوضوء
يُعرّف الوضوء بالمسح والغسل على أعضاءٍ مخصوصةٍ، أو إيصال الماء للأعضاء الأربعة؛ وهي: الرأس، واليدين، والوجه، والرجلين، ولا بُدّ من الإشارة إلى كيفية الوضوء، ويكون ذلك بمعرفة ما فرضه الله تعالى من فرائضٍ للوضوء، وقد اتفق أهل العلم على أنّها مجموعةٌ في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا)، وهي: غسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، بالإضافة إلى بعض الواجبات التي اختلف أهل العلم فيها؛ كالنية، واستدلّ الذين قالوا بفرض النية بقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما الأعمالُ بالنياتِ، وإنّما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه)، وذهب فريق آخر إلى أنّ النية سنةً وليست واجبةً، ومن الأعمال المختلف في وجوبها: التسمية؛ إذ استدلّ الذين قالوا بوجوب التسمية بحديثٍ ضعيفٍ، وخالفوا بذلك رأي الجمهور القائل بأنّ التسمية سنةً وليست واجبةً، واستدلّوا بحديث رفاعة بن رافع عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّها لا تتمُّ صلاةُ أحدِكم حتَّى يُسبِغَ الوضوءَ كما أمرَهُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- فيغسلَ وجْهَهُ ويديْهِ إلى المرفقينِ ويمسحَ برأسِهِ ورجليْهِ إلى الْكعبينِ)، فلو كانت التسمية فرضاً لذكرها النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث النبوي الشريف، ومن أعمال الوضوء المختلف في وجوبها: المضمضة والاستنشاق، حيث استدلّ الذين قالوا بوجوبها بحديث لقيط بن صبرة، حيث قال: (قلتُ يا رسولَ اللَّهِ أخبِرني عنِ الوُضوء، قالَ: أسبغِ الوضوءَ وخلِّل بينَ الأصابعِ وبالِغْ فى الاستنشاقِ إلَّا أن تَكونَ صائماً)، ولكنّهم خالفوا بذلك رأي الجمهور الذين قالوا بسنيّة المضمضة والاستنشاق، واستدلّوا على ذلك بحديث رفاعة بن رافع الذي سبق ذكره، وقالوا لو أنّ المضمضة والاستنشاق من الأمور الواجبة لذُكرت في الحديث، ومن الأعمال المختلف عليها: الترتيب؛ حيث يرى العلماء القائلين بالوجوب؛ وهم: الإمام أحمد بن حنبل ، والإمام الشافعي بعدم جواز تقديم عضوٍ على عضوٍ، والدليل على ذلك الترتيب في ظاهر الآية الكريمة، بينما لا يرى الإمام أبو حنيفة والإمام مالك وجوب الترتيب، وقد استدلّوا بحديثٍ المقدام بن معد يكرب، حيث قال: (أتِي رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بوَضوءٍ فتوضأ فغسلَ كفيه ثلاثاً ثمّ تمضمض واستنشق ثلاثاً وغسل وجهًه ثلاثاً ثمّ غسل ذراعيْه ثلاثاً ثلاثاً ثمّ مسح برأسِه وأذنيه ظاهرِهما وباطنِهما).
الصلاة
تعرّف الصلاة بالعبادة المخصوصة المبيّنة حدود أوقاتها في الشريعة ، والمفروض منها خمس صلواتٍ، ولتعلّم كيفية أداء الصلاة، لا بُدّ من معرفة شروط الصلاة ، وأركانها، وواجباتها، وفيما يأتي بيان ذلك:
- شروط صحة الصلاة: يُعرّف الشرط بالشيء الذي يتوقّف وجود الشيء على وجوده، ويلزم من عدمه عدم الحكم، وللصلاة شروطاً لا بُدّ من الإتيان بها، إذ إنّ تعمّد تركها يُبطل الصلاة، وهي:
- الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر.
- دخول الوقت: حيث إنّ العلم بدخول الوقت عن طريق سماع الأذان ، أو بخبرٍ من أحد الثقات، أو باجتهاد المصلّي إذا لم تتوفّر الوسائل السابقة يُوجب الصلاة، ولا تصحّ الصلاة الواجبة إلّا بعد دخول الوقت المخصّص لها، وقبل انقضائه.
- طهارة البدن والمكان.
- ستر العورة: وعورة الرجل من السّرة إلى الركبة، بينما عورة المرأة كلّ الجسد إلّا الوجه والكفين، وأمّا الدليل على أن ستر العورة شرطٌ لصحة الصلاة، قول الله تعالى: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ).
- استقبال القبلة: ويسقط هذا الشرط في حالة الخوف الشديد، أو المرض الشديد الذي يمنع الإنسان من الحركة، أو الأسر الذي يكون فيه الإنسان عاجزاً عن استقبال القبلة .
- النية: ومحل النية القلب، من غير اللفظ باللسان، فبمجرّد العزم على القيام بالعبادة تتحقّق النية، ومن الجدير بالذكر أنّ العبادة لا تصحّ من غير النية.
- أركان الصلاة: هي مجموعة من الأعمال والأقوال الواجب عملها خلال الصلاة، وإذا تُرك شيءٌ منها عمداً بطلت الصلاة، وهي:
- القيام مع القدرة: وهذا الركن يسقط في حال العجز عن القيام، كما أنّه فرضٌ في الفرائض.
- تكبيرة الإحرام.
- قراءة الفاتحة: ويجب قراءة الفاتحة في كلّ ركعةٍ.
- الركوع: ويجب أن يكون الركوع مع الطمأنينة فيه.
- الاعتدال من الركوع: ويجب الطمأنية فيه.
- السجود مع الطمأنينة.
- التشهّد الأخير.
- التسليمة الأولى.
- واجبات الصلاة: يمكن التفريق بين الواجب والركن بما يُجبر تركه في حالة النسيان، حيث إنّ الركن لا يُجبر تركه سهواً إلّا الإتيان به، ثمّ سجود السهو ، بينما يُجبر نسيان الواجب بسجود السهو دون الإتيان بالواجب المنسيّ، وفيما يأتي ذكر واجبات الصلاة:
- تكبيرات الانتقال: إذ يجب التكبير بين بدء الانتقال وانتهائه.
- التسميع؛ أي قول الإمام: (سمع الله لمن حمده)، وذلك عند الرفع من الركوع.
- التحميد؛ أي قول: (ربنا ولك الحمد).
- التسبيح؛ أي قول: (سبحان ربي الله العظيم)، وذلك في الركوع، وقول: (سبحان ربي الأعلى) في السجود.
- التشهّد الأول، والجلوس له.
- الاستغفار بين السجدتين، بقول: (رب اغفر لي).