كيفية الموازنة بين الدراسة والعبادة في شهر رمضان
كيفية الموازنة بين الدراسة والعبادة في شهر رمضان
من المهم أن يوازن المسلم بين العبادة بمفهومها المعروف وبين الدراسة وطلب العلم، فلا يطغى جانب على آخر ولا يقصّر في أحدهما على حساب الثاني، وكذلك كي لا تمل النفس بأن يحصرها المرء في جانب واحد منهما، فالتنويع والموازنة أمر مطلوب، ومن الطرق التي يمكن الموازنة بها بين الدراسة والعبادة في شهر رمضان -المبارك- ما يأتي:
تنظيم الوقت في شهر رمضان
إن لتنظيم الوقت أثراً كبيراً في الموازنة بين الدراسة والعبادة، وذلك بوضع خطة واضحة لتوزيع الساعات بطريقةٍ معينة يخصصها الطالب للدراسة، وأخرى للعبادة في شهر رمضان -المبارك- بما يتناسب معه، وذلك يسهّل عليه الأمر ويعينه، فمجرد أن يضبط وقته لن يكون مشتّتا بين الجانبين دون أن ينجز أيا منهما كما هو مفروض.
تنظيم النوم والتقليل من السهر
في رمضان المبارك تتغير مواعيد الأشياء التي اعتاد الإنسان القيام بها في أيامه العادية، مثل أوقات الطعام وكذلك أوقات النوم، فنجد أن كثيرا من الناس تنقلب ساعات النوم لديهم وتتغير فيه، بحيث يطيلون السهر ليلا ويكثرون النوم نهارا.
وهذا بلا شك متعب للجسم ومشتت للعقل، فالأصل أن يحافظ الإنسان في رمضان قدر استطاعته على مواعيد نومه؛ لكي يستقيظ نشيطا متنبها، فلا تضيع عليه أوقات العبادات، وأيضا يحفظ طاقته العقلية وحسن إدراكه ليكون قادرا على تلقي العلم كما يجب.
الابتعاد عن الملهيات
في هذا العصر زاد كل ما من شأنه أن يلهي الإنسان ويشغله عما هو مثمر وضروري من أمر الدنيا والآخرة، مثل بعض برامج التكنلوجية والمسلسلات التلفزيونية التي تزداد للأسف في هذا الشهر الكريم فتضيع وقت صاحبها دون فائدة.
ولتجنب التقصير في العبادة والعلم يخصص الوقت الذي كانت ستأخذه منه هذه الأمور ويقسمها بين الدراسة والعبادة بالتساوي، وعندها سيجد بركة في وقته وستصبح قدرته على الإنجاز أكبر وأفضل بحصول البركة في الوقت، والذي بحصوله سيتّسع للأمور الأهم؛ كالدراسة والعبادة.
ربط العلم بالعبادة
من الجيد أن يذكّر المسلم نفسه خلال تلقيه العلم والدراسة بأنه بذلك يكون في عبادة يحبها الله -تبارك وتعالى- ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فيجعله ذلك متحمساً أكثر ومقبلا على العلم، كأن يقوم لتناول السّحور ثم يصلّي ركعتين ثم يخصّص وقتا للدراسة، أو أن يقرأ جزءا من القرآن الكريم ثم يليه وقت لإتمام دروسه، فبهذا يجعل كفتي الميزان متساويتين بين العبادة والعلم.
عدم التراخي والتأجيل
إنّ تأجيل الأمور يراكمها على الإنسان، فيشعره ذلك بالثقل من أدائها، وعدم إنجاز الكثير منها، ويتبع ذلك تأخير العبادات والتراخي في إنجاز الفروض الدراسية، فمثلا تأخير الصلوات إلى ما بعد الدراسة قد يجعلها تفوته، وتأخير الدراسة إلى ما بعد تناول طعام الإفطار مثلا قد يجعله يتكاسل عن إتمامها، فمن الأفضل إنجاز كل أمر بوقته لضمان القيام به.
إعطاء كل جانب حقه
من المعينات على الموازنة بين الدراسة والتعلم في شهر رمضان أن يجعل الإنسان فترة للراحة بينهما، فلا يضغط على نفسه ويحصرها في هذين الجانبين فقط، فيمل ويشعر بأن الأمر أصبح عبئاً عليه ويصعب تحمله، وأفضل طريقة في ذلك أن يعطي لكل جانب حقه دون أن ينسى الترويح عن نفسه بينهما بما هو مباح.
وتأكيد ذلك ما جاء في الحديث الشريف الذي رواه أبو جحيفة عن قصة سلمان الفارسي -رضي الله عنهما- في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صَدَقَ سَلْمانُ).
طلب العلم من العبادة
طلب العلم في الإسلام فريضة على كل مسلم ومسلمة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (طلبُ العِلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ). وهو من أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه، وقد قال بعض العلماء: يكفي العلم فضلا أن الله -تعالى- لم يأمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يستزيده من شيء غير العلم، فقال -تعالى-: (وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا)، وهذا وحده يكفي حافزاً على طلب العلم والصبر عليه.
الحرص على التعلم في رمضان
يتميّز شهر رمضان -المبارك- عن غيره من أشهر العام عند الله -عز وجل- بأن جعله من الزمن الفاضل الذي تزداد فيه الحسنات وتتضاعف فيه الأجور على جميع العبادات والطاعات، ولأن طلب العلم من جملة الفرائض التي يؤجر فاعلها فإنها تدخل في هذا الباب.
والحريص في شهر رمضان المبارك على التفقه في الدين وعلى تعلم العلوم الدنيوية المطلوبة في المدارس والجامعات في هذا العصر يكون قد وافق شرف الزمان، ونال الأجر مضاعفا من الحسنات.