كيفية التوبة من ترك الصيام لسنوات
كيفية التوبة من ترك الصيام لسنوات
كيفية التوبة
يلزم العبد عند وقوعه بالمعاصي التوبة والرجوع لله -تعالى- والحرص على الندم من المعصية، وإن كانت هذه المعصية فيها حق للعباد عليه قضاؤه، وإن كانت فيها حق لله فهو أولى بالقضاء، ويُشترط في التوبة شروط عدة منها ما يأتي:
- إخلاص النية لله وطلب الصفح والعفو منه.
- العزم على عدم الإتيان بالذنب مجدداً، والندم عليه.
- إعادة الحقوق لأصحابها، وطلب الصفح منهم.
- قضاء حق الله -تعالى- وتأديته على الوجه المطلوب.
الصيام وأحكامه
الصوم هو فريضة واجبة على كل من شهد رمضان بالغاً عاقلاً مدركاً من دون عذر ولا اضطرار، لعموم قول الله -تعالى-: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ، ولكن من أفطر رمضان بغير عذر وترك صيامه لسنوات وكان سبب الإفطار الجماع، فله حكم عند عامة الفقهاء يختلف عن الحكم من لو أفطر بسبب الطعام أو شراب أو غيره، وبيان الأحكام ما يأتي:
حكم من أفطر عمداً بجماع
اتفق العلماء على أنَّ من أفطر في نهار رمضان بجماع فهو آثم، و يجب عليه القضاء والكفارة، وتسمى هذه الكفارة بكفارة الجماع في نهار رمضان، وهي كما يأتي:
- أن يعتق رقبة، أي أن يشتري عبداً من العبيد، ثم يعتقه لوجه الله -تعالى-.
- صيام شهرين متتابعين، إن لم يجد رقبة صام شهرين متتابعين من دون أن يفطر بينهما.
- إطعام المساكين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً .
والدليل على ذلك ما رواه أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا).
(قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ -وَالعَرَقُ المِكْتَلُ- قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا -يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ- أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ).
حكم من أفطر عمداً من غير جماع
من أفسد صومه في نهار رمضان عن عمد من دون عذر وقصد ذلك وهو يعلم ما يفعل، فقد ارتكب إثماً، وللفقهاء في الحكم عليه قولان بيانهم ما يأتي:
- القول الأول
عليه أن يقضي، وعليه أداء الكفارة ، كما سبق في الجماع، وهذا مذهب الحنفية، استدلوا بالحديث السابق، وجعلوا العلة من الكفارة هي الإفطار ذاته، لا الجماع، قال المرغيناني الحنفي: "ولو أكل أو شرب ما يتغذى به أو ما يتداوى به فعليه القضاء والكفارة".
وهو -أيضا- مذهب المالكية، قال العشماوي: "ومن شروط صحة الصوم، ترك الجماع والأكل والشرب، فمن فعل في نهار رمضان شيئا من ذلك متعمداً، من غير تأويل قريبن ولا جهل فعليه القضاء والكفارة".
- القول الثاني
يرى بعض الفقهاء أنَّ من أفسد صومه بطعام أو شراب، أو فعل أي شيء من مفسدات الصوم عمداً، إن لم يكن هذا الفطر جِماعاً، فعليه القضاء فحسب، ولا كفارة على من تعمد الفطر بغير الجماع، مهما كانت طريقة إبطال الصوم، وهذا مذهب الشافعية، قال النووي: "مذهبنا أنَّ عليه قضاء يوم بدله، وإمساك بقية النهار، وإذا قضى يوماً كفاه عن الصوم، وبرئت ذمته منه".
وهو مذهب الحنابلة، قال ابن قدامة: "أنَّه متى أفطر بشيء من ذلك فعليه القضاء، لا نعلم في ذلك خلافاً؛ لأنَّ الصوم كان ثابتاً في الذمة، فلا تبرأ منه إلا بأدائه، ولم يؤده، فبقى على ما كان عليه؛ ولا كفارة في شيء مما ذكرناه".