كيفية الإجابة على سؤال من خلق الله
الأحاديث الواردة في سؤال من خلق الله
وردت عدة أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ تبيّن أن الشيطان يوسوس للإنسان في ذلك، وأرشدنا -عليه الصلاة والسلام- عدة إرشادات أيضاً، وهذا يدل على أن هذه الأسئلة منذ القدم تُسأل ولا تستقر في الذهن من استقرار الإيمان، ومن هذه الأحاديث والإرشادات ما يأتي:
- ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَزالُ النَّاسُ يَتَساءَلُونَ حتَّى يُقالَ: هذا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فمَن خَلَقَ اللَّهَ؟ فمَن وجَدَ مِن ذلكَ شيئًا، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ باللَّهِ، وفي رواية: يَأْتي الشَّيْطانُ أحَدَكُمْ فيَقولُ: مَن خَلَقَ السَّماءَ؟ مَن خَلَقَ الأرْضَ؟ فيَقولُ: اللَّهُ..، ثُمَّ ذَكَرَ بمِثْلِهِ وزادَ: ورُسُلِهِ).
- وزاد في رواية أخرى: (فمَن وجَدَ من ذلك شيئًا، فلْيَقُلْ: آمَنتُ باللهِ، قال: فإذا قالوا ذلك، فقُولوا: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، ثُمَّ لْيَتْفُلْ عن يَسارِه ثلاثًا، ولْيَستَعِذْ من الشَّيطانِ).
شرح الأحاديث وبيان الإرشادات
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة أنهم سيُسألون هذه الأسئلة؛ وهذا وقع لأبي هريرة ولغيره من الصحابة -رضوان الله عليهم-، وتعرض العلماء لشرحه وذكر إرشاداته، ومن ذلك ما يأتي:
- وقال أبو بكر زكريا تعليقاً على هذا الحديث: "انظر كيف سدّ النبي -صلى الله عليه وسلم- باب التعطيل، والشك في جانب رب البرية سبحانه -جل وعلا-".
- وذكر أبو الأشبال وصايا منبثقة من الأحاديث التي تمنع من تسلط الشيطان ووسوسته فقال:
- الاستعاذة.
- مجاهدة النفس ودفع الوساوس.
- الإقرار بأنك تؤمن بالله -تعالى- فهذا يضعف الوساوس.
- الإقرار بإيمانك بالرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- وليتفل عن يساره ثلاثاً.
- ويقرأ سورة الإخلاص.
- ونقل النووي عن المارزي تفصيله لهذه الوساوس بكونها على قسمين كما يأتي:
- غير مستقرة؛ وهذه وساوس طارئة تدفع بغير تفكير فقط؛ من خلال الاستعاذة وغيرها.
- مستقرة؛ وهذه لا تدفع إلا بالبحث والنظر والتفكير.
- علق شيخ الإسلام على هذا الكلام تعليقاً نفيساً، وعلى هذه الأحاديث، وهذه جملة مختصرة جدا منه وهي قوله: النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من حصلت له هذه الوساوس أمره بالإيمان بالله -تعالى-، وأمر بالاستعاذة، وأمر بالانتهاء عن التفكير، ولا طريق إلى نيل المطلوب من النجاة والسعادة إلا بما أمر به، -إلى أن قال-: فأمر النبي بالاستعاذة والانتهاء؛ ليُعلمنا أن هذا السؤال هو نهاية الوسواس فيجب الانتهاء عنه.
الرد على سؤال من خلق الله؟
إن التعرض لهذا السؤال يوجب التسلسل في توضيح الخلل فيه من أصله ومن هذه الأمور ما يأتي:
التعرَّف على الله
السائل لهذا السؤال لا يعرف معنى كلمة الله -تعالى- لأنه لو تعرف على خالقه لمَا سأل هذا السؤال؛ لنقصٍ في علمه لا لقصوره في الإجابة ولَعَلِمَ أنَّ معنى ذلك أن الله -تعالى- متصف بصفات الكمال ، ونقول سؤال "من خلق الله -تعالى-"، سؤال غير صحيح يدل على جهل، وعدم معرفة السائل بصفات الخالق إذ لو عرفها لما سأل؛ فكيف يكون مخلوق وهو الخالق -جل جلاله-.
الاضطراب لا يزيل الصواب
عند الشك المضطرب نرجع للقاطع المطرد، ولا بد من الانطلاق من القواعد؛ لأن الظنون لا تقاوم الحقائق؛ وذلك لأن الوصول للحق القاطع يقضي أن أي أمر سواه مخالف له، فهو ليس بصواب إذ الحق واحد ثابت؛ فإذا ثبت بالدليل الصحيح فهو قطعي؛ وبناء على ذلك فالذي يُبحث عنه هو هذا المخالف كيف وصلنا وأين الخلل فيه، فلا نبحث في الحق الثابت لِنُبْطِلَه؛ بل نبحث بالشك وسببه وكيفية إزالته.
السائل المؤمن المرتاب
وقد ثبت قطعا أن الله -تعالى- هو الخالق ؛ وذلك بجميع أنواع الأدلة النقلية والعقلية والفطرية، فإذا جاء في خاطر شخص من خلق الله؛ نقول هذا ظن كيف تعارض به كل هذه القواطع التي قطعاً تدل على الخالق؟، وذلك لأن سؤال من خلق الله يعني أنه يؤمن بأمرين:
- الأول: أنه لا بد من خالق.
- الثاني: أنه لا بد لهذا الخالق ألا يكون مخلوقاً من غيره.
ولكونه يبحث عن خالق، وهذا نهايته أن يصل إلى خالق لم يخلق؛ لذا أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى سورة الإخلاص ؛ لأن فيها الخلاص وغاية السائل ومنتهى السؤال، قال -تعالى-: (لم يلد ولم يولد).