كيف يمكن للحائض قيام ليلة القدر
كيفيّة قيام ليلة القدر للحائض
يكون قيام ليلة القدر بأداء العديد من العبادات والطاعات، كالصلاة، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، والتسبيح، والثناء على الله -سبحانه-، أمّا المرأة الحائض فتُعفى من أداء بعض العبادات أثناء فترة حيضها؛ مثل: الصلاة والصيام؛ فلا يصحّ صيام الحائض؛ سواءً كان الصيام فرضاً أم نفلاً، ولا يصحّ منها إن صامت، كما لا يجوز للحائض الاعتكاف في المسجد، أي أنّه يُمكن للحائض قيام ليلة القدر بأداء العبادات كلّها باستثناء كلٍّ من: الصلاة، والصيام، والطواف بالكعبة، والاعتكاف، ومن العبادات التي يُمكن للحائض أداؤها:
النيّة
تصحّ نيّة قيام الليل من المرأة الحائض، حتى وإن حُرِّمت عليها بعض العبادات؛ استدلالاً بما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من أنّه قال: (من أتى فراشهُ، وهو ينوِي أن يقومَ فيصلّي من الليلِ فغلبتهُ عينهُ حتى يصبحَ كُتَِبَ له ما نَوى، وكان نومهُ صدقةً عليهِ من ربهِ).
الدعاء والذكر والتسبيح
يُستحَبّ في ليلة القدر التوجُّه إلى الله -تعالى- بالدعاء بأمور الدنيا والآخرة بإخلاصٍ ويقينٍ تامٍّ بالإجابة، والإكثار أيضاً من التسبيح، وذكر الله، والاستغفار، وذلك طوال الليل، وأفضل أوقاته وقت السَّحر، بالإضافة إلى التهليل والتحميد؛ بقول: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر"، وقول: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"؛ استدلالاً بما رُوي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأَيْتَ إنْ علِمْتُ أيَّ ليلةٍ ليلةَ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قولي: اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ كريمٌ تُحِبُّ العفْوَ، فاعْفُ عنِّي)، ومن الأدعية التي يُمكن اللجوء إلى الله -سبحانه- بها:
- ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- من أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يتهجّد ليلاً، قائلاً: (اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ الحَقُّ ووَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ حَقٌّ، وقَوْلُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، ومُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ).
- ما أخرجه الإمام مسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- من أنّ النبيّ كان يدعو الله ليلاً قائلاً: (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ، إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
قراءة القرآن
تعدّدت آراء أهل العلم في حكم قراءة الحائض للقرآن، وذهبوا في ذلك إلى قولين، بيانهما فيما يأتي:
- القول الأوّل: قال جمهور العلماء بحُرمة قراءة الحائض للقرآن الكريم؛ قياساً بحالها عند الجنابة؛ لاشتراكهما بوجوب الغُسْل، والجُنب تَحرُم عليه تلاوة القرآن، واستثنوا من ذلك ما كان على سبيل الذِّكر، كقول: "بسم الله الرحمن الرحيم".
- القول الثاني: قال بعض العلماء بجواز تلاوة الحائض للقرآن الكريم، ومنهم: الإمام مالك ، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشوكانيّ؛ واستدلّوا على ذلك بأنّ الأصل في المسألة الإباحة والجواز ما لم يَرِد دليل خلاف ذلك، ولم يَرد دليل يمنع الحائض من تلاوة القرآن، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بأنّ النساء لم يُمنَعن من تلاوة القرآن زمن الرسول -عليه الصلاة والسلام- رغم إصابتهنّ بالحيض، والحُكم في ذلك يتعلّق بتلاوة القرآن عن ظهر قلبٍ دون مَسّ المصحف؛ أمّا لمس الحائض للمصحف فحكمه مختلف عن حكم قراءتها من حفظها.
إخراج الصدقات
تُستحَبّ الصدقة في أيّ وقتٍ وزمانٍ وحالٍ، ويتأكّد استحبابها في شهر رمضان؛ رحمةً بالفقراء والمساكين، وشفقةً عليهم، وطمعاً في نيل الأجر العظيم، ويتأكّد استحبابها في العشر الأوائل من ذي الحجّة ، وأوقات الحاجة، والحالات الطارئة، كالجوع، والجَدْب.
الإعانة على الطاعة
جاءت كثير من الأحاديث النبوية تؤكّد أهمية الإعانة على الطاعة، وتبيّن فضل هذا العمل ومكانته عند الله -تعالى-، ومنها: قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (رحمَ اللَّهُ رجلاً قامَ منَ اللَّيلِ فصلَّى وأيقظَ امرأتَهُ فإن أبت نضحَ في وجْهِها الماءَ رحمَ اللَّهُ امرأةً قامت منَ اللَّيلِ فصلَّت وأيقظت زوجَها فإن أبى نضحت في وجْهِهِ الماءَ)، وقوله أيضاً: (إذا أيقظَ الرَّجلُ أَهلَهُ منَ اللَّيلِ فصلَّيا أو صلَّى رَكعتينِ جميعًا كتبا في الذَّاكرينَ والذَّاكراتِ)، ويُقصَد بالحديث أنّ إيقاظ الأهل لقيام الليل ينال به العبد منزلة الذاكرين والذاكرات.
التسوُّك
يُسَنّ التسوُّك ليلاً؛ اقتداءً بالنبيّ- عليه الصلاة والسلام-؛ بدليل ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا قامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فاهُ بالسِّواكِ).
فضل ليلة القدر
ليلة القدر ليلةٌ عظيمةٌ مباركةٌ؛ فأجر العمل والعبادة فيها أفضل من أجر العمل في ألف شهرٍ، كما قال الله -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وقد بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ قيام ليلة القدر سببٌ من أسباب غفران الذنوب، فقد أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).