كيف يرى الإنسان
الرّؤية
الرؤية أو الإبصار (بالإنجليزيّة: sight or vision) هي إحدى أهم حواس الإنسان فمن خلالها يتمكّن الإنسان من إدراك ما حوله، وهي من نعم الله التي يتوجّب علينا شكرها وتقدير أهميتها، يقول الله تعالى في كتابه الكريم (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). ترتبط حاسة البصر بالعين، وهي واحدة من أعضاء الجسم الأكثر تعقيداََ وإبداعاََ في جسم الإنسان ، وفي هذا المقال سنتعرّف على تركيب العين وكيفية رؤيتها للأشياء، وأهم الفحوصات الواجب إجراؤها للتأكد من سلامة العين .
تركيب عين الإنسان
تتكوّن عين الإنسان من ثلاث طبقات ، طبقة خارجيّة، وطبقة وسطى، وطبقة داخليّة:
الطبقة الخارجيّة للعين
تتكوّن الطّبقة الخارجيّة للعين من الأجزاء الآتية:
- القرنيّة (بالإنجليزيّة: cornea): القرنية هي الجزء الشّفاف من الطّبقة الخارجيّة للعين، وتتكوّن بدورها من خمس طبقات متتالية.
- الصُّلبة (بالإنجليزيّة: sclera): الجزء الأبيض من الطبقة الخارجيّة للعين، وترتبط بها أوعية دمويّة.
الطبقة الوسطى للعين
تُسمى الطّبقة الوسطى للعين العنبيّة (بالإنجليزيّة: The uvea)؛ وذلك لأنّ العين تبدو بعد أنّ تزال عنها الطّبقة الخارجيّة مثل حبة العنب، وتتكوّن العنبيّة من:
- المشيميّة (بالإنجليزيّة: choroid): الجزء الخلفي من العنبيّة وتقع بين الصّلبة والشّبكيّة ، وتتكوّن من نسيج ضام غني بالأوعيّة الدّمويّة .
- الجسم الهدبي (بالإنجليزيّة: ciliary body): الجزء الأوسط من العنبيّة، ويحتوي على عضلات هدبيّة تتحكّم بالأربطة التي تثبّت العدسة البلوريّة، ويفرز الجسم الهدبي سائل شفاف مائي يشبه بلازما الدّم - إلا أنّ تركيز البروتين فيه أقل- يُسمى الخلط المائي (بالإنجليزيّة: Aqueous humour) وظيفته الأساسيّة المحافظة على الشّكل الكروي للعين.
- القزحيّة (بالإنجليزيّة: Iris): القسم الأمامي من العنبيّة وهي التي تحدّد لون العين، وفي مركز القزحيّة يوجد بؤبؤ العين الذي يتغيّر حجمه بحسب كمية الضّوء التي تصل إليه، ويوجد خلف القزحية جسم شفاف عديم اللون يٌسمى العدسة البلوريّة (بالإنجليزيّة: crystalline Lens).
الطبقة الداخليّة للعين
تُسمى الطّبقة الدّاخليّة للعين الشّبكيّة (بالإنجليزيّة: Retina)، وهي الجزء الذي يحوّل الضّوء الذي يمر عبر العين إلى طاقة كيميائيّة، ويفصل ما بين المشيميّة والشّبكية نسيج طلائي يُسمى الظّهارة الصّبغية للشّبكية يمنع مرور المواد من الدّم في المشيميّة إلى شبكية العين ، وتليه الظّهارة العصبيّة التي تحتوي على نوعين من المستقبلات الضّوئيّة وهي العصي والمخاريط، وتليها طبقة الخلاَيا الثُّنائيّة القطْب، وأخيراََ طبقة الخلايا العقديّة والعصبية.
تحتوي الشبكيّة على تجويف صغير يُسمى النّقرة المركزيّة (بالإنجليزيّة: Fovea centralis) وهي الجزء المسؤول عن الرّؤية الدّقيقة للأشياء لأنّها تحتوي على كثافة عالية من الخلايا المخروطية المتخصصة في حدة الرّؤية ولا يوجد فيها خلايا عصويّة، وتحيط بالنّقرة المركزيّة بقعة تُسمى البقعة المحيطة (بالإنجليزيّة: Parafovea) وتحتوي على كثافة عالية من الخلايا العصويّة، وتحيط بالمنطقة المحيطيّة الأولى منطقة محيطيّة أكبر (بالإنجليزيّة: Perifovea)، وتحتوي كل من النّقرة والبقع المحيطة بها على صبغة صفراء؛ لذلك تُسمى البقعة الصفراء أو بقعة الشّبكيّة، وتحتوي الشّبكية أيضاََ على البقعة العمياء وهي المنطقة التي تمر من خلالها ألياف العصب البصري خارج العين، وممكن ان بعض خلايا الشبكيّة هي التي تفرز النسيج هلامي المسمى بالجسم الزّجاجي (بالإنجليزيّة: Vitreous body) وظيفته إبقاء الشّبكيّة متصلة بالمشيميّة، ولأنّ الشّبكية هي استطالة أو امتداد للدماغ الأمامي يُنظر للعصب البصري على أنّه جزء من الجهاز العصبي المركزي وليس عصباََ؛ وذلك لأنّه ينقل الرّسائل أو الإشارات بين جزئين من الجهاز العصبي، طبقة الخلايا الثّنائيّة القطب في الشّبكيّة، وخلايا الجسم الرّكبي الوحشي في الدّماغ البيني.
آلية رؤية الأشياء
تعتمد قدرة الإنسان على الرّؤية على الضّوء المنعكس من الأشياء إلى العين، ويخترق الضّوء في البداية الطّبقة الرّقيقة من الدّموع التي تغلّف مقدمة العين، ومن ثم يصل إلى القرنيّة وهي طبقة شفافة تعمل على تركيز الضّوء، ثم يعبر الضّوء إلى الخلط المائي، ومنه إلى بؤبؤ العين الذي يوجد في وسط القزحيّة، ويمكن للبؤبؤ أن يتمدّد أو ينقبض للتحكّم بكمية الضّوء التي تمر عبره إلى الجزء الذي يليه وهو عدسة العين التي تساعد على تركيز الضّوء.
تشبه عدسة العين عدسة الكاميرا التي يتغير شكلها لتتمكّن من التّركيز على الأجسام القريبة أو البعيدة وذلك بفضل العضلات الهدبيّة التي تحيط بعدسة العين. عند انبساط العضلة الهدبية يتغيّر شكل العدسة لتصبح مستويّة مما يسمح للعين برؤية الأشياء البعيدة، وعندما تنقبض العضلات الهدبيّة تصبح العدسة أكثر سمكاََ مما يسمح للعين برؤية الأجسام القريبة، يصل الضّوء بعد ذلك إلى الخلط الزّجاجيّ ثم يكمل طريقه إلى شبكيّة العين وهي الجزء الخلفي من العين الذي تنطبع عليه صورة الجسم المرئي وهي شبيهة بشاشة السّينما، وتتكون من نوعين من المستقبلات الضّوئيّة العصي والمخاريط، وتختّص العصي بالرّؤية بوجود إضاءة خافتة فلا تتمكّن العين من رؤية الألوان، بينما تختّص المخاريط برؤية الألوان والكشف عن التّفاصيل الدّقيقة. تستقبل المستقبلات الضّوئيّة الضّوء وتحولّه إلى إشارات كهربائية تنتقل على طول الألياف العصبية إلى العصب البصري الذي يرسل الإشارات إلى المركز البصري في الجزء الخلفي من الدّماغ وهناك يتم تفسير الإشارات وتحليلها لتتمكّن العين من رؤيتها على شكل صورة.
فحص العين
يساعد فحص العين بانتظام على اكتشاف مشاكل العينين في مرحلة مبكرة، مما يعني وجود فرصة أكبر لعلاجها، ويتكون فحص العين من مجموعة من الاختبارات لتقييم الرّؤية باستخدام أدوات متنوعة، ويهدف كل اختبار لتقييم جانب مختلف من الرّؤية وصحة العينين، ومن هذه الاختبارات:
- اختبار عضلات العين: وهو اختبار يهدف للتأكّد من عدم وجود ضعف في العضلات التي تتحكّم بحركة العين، أو سوء في التّحكّم، أو سوء التّنسيق، ويتم الفحص عن طريق مراقبة حركات العينين أثناء متابعة جسم متحرّك.
- اختبار حدة الإبصار: صُمم هذا الفحص لاختبار صفاء الرّؤية، ويتم عن طريق عرض حروف هجائيّة مطبوعة على مخطّط أو شاشة بأحجام مختلفة تصغر تدريجياََ، ويُجرى هذا الفحص مرة على مسافة بعيدة ومرة أخرى على مسافة قريبة، ولكل عين على حدة.
- تقييم الانكسار: يهدف هذا الفحص للكشف عن وجود خلل في انكسار الضّوء أثناء مروره من خلال القرنيّة والعدسة مما يعني حاجة المريض لتصحيح الانكسار وتمكين المريض من الرّؤية بوضوح أكبر عن طريق ارتداء نظارة أو عدسات لاصقة ، أو إجراء جراحة انكساريّة، ويساعد تقييم الخطأ الانكساري الطّبيب على تحديد وصفة العدسة التي سوف تمنح المريض الرّؤية الأوضح والأكثر راحة، وذلك باستخدام تلسكوب إنكساري محوسّب، أو عن طريق تنظير الشّبكيّة.
- اختبار المجال البصري: يهدف هذا الفحص للكشف عن وجود صعوبة في الرّؤية في مناطق المجال البصري، أي ما يمكن أن يراه الإنسان على جانبيّ الرّأس دون أن يحرك عينيه، ويتضمّن هذا الفحص عدة اختبارات منها اختبار المواجهة، حيث يُطلب من المريض أن يغطي إحدى عينيه وينظر إلى الأمام بشكل مستقيم ليراقب حركة يد الطّبيب دون أن يحرك عينيه، كما يمكن إجراء الفحص باستخدام شاشة بها أضواء وامضة ويُطلب من المريض الضّغط على زر خاص في كل مرة يتمكّن بها من رؤية الضّوء الوامض.
- اختبار رؤية الألوان: اختبار يهدف للتأكّد من قدرة المريض على التّمييز بين بعض الألوان، ولذلك يُعرض على المريض مجموعة من الصّور تحوي نقط ملونّة بداخلها أشكال وأرقام ملونّة بلون مختلف عن باقي أجزاء الصّورة، ويكون من الممكن مشاهدة هذه الأشكال من قِبل شخص لا يعاني من قصور رؤية الألوان، بينما سيجد المصاب بقصور رؤية الألوان صعوبة في رؤية بعض الأشكال داخل النّقاط.
- فحص المصباح الشقي: وهو مجهر يستخدم لتكبير وإنارة الجزء الأمامي للعين بتعريضها لخط من الضّوء الكثيف ويمكن أن يستخدم الطّبيب صبغة الفلوريسين لتلوين غشاء الدّموع في العين للكشف عن الخلايا التّالفة في الجزء الأمامي من العين، ويمكن باستخدام المجهر أيضاََ فحص الجفون، والرّموش، والقرنيّة والقزحيّة، والعدسة، وحجرة السّائل بين القرنية والقزحية.
- فحص الشّبكيّة: فحص يهدف لتقييم الجزء الخلفي من العين، بما في ذلك القرص البصري والشّبكيّة والأوعية الدّمويّة التي تغذيها باستخدام منظار عين يشع ضوءاََ ساطعاََ في حدقة العين، وليتمكّن الطبيب من فحص العين يُعطى المريض قطرة عين تمنع الحدقة من التّضيّق عندما يضيء الطّبيب الضّوء أمام العين.
- فحص لاكتشاف المياه الزرقاء: فحص يقيس ضغط السّائل داخل العين، ويساعد على الكشف عن وجود مياه زرقاء في العين،علماََ أنّ وجود المياه الزرقاء قد يتلف العصب البصري.