كيف يثقف الإنسان نفسه
الثقافة
تعتبر الثقافة من الأمور الحميدة والرائعة التي تنهض بالإنسان روحياً أولاً، ومادياً ثانياً. إذا ما افترضنا أنّ عكازتي الروح هما: الدين والفن على حد سواء، فإنّ الثقافة هي التي تقوي اتصال الإنسان بربه أولاً، وهي التي تمنحه تلذذاً بالفنون بكافة أنواعها، ومن هنا فإنها تعتبر بحق درجات لسلم الارتقاء الروحي والرفعة الإنسانية.
هذا الارتقاء سينعكس حتماً على طبيعة تعامل الإنسان المثقف مع من حوله؛ فالإنسان كلّما ازداد اتصاله العمودي بالله تعالى، ازداد انعكاس ظله الأفقي المليء بالخير والعطاء على من حوله؛ بحيث يشمل كافّة الأشخاص من كافة المستويات والخلفيات، وهنا لا بدّ لنا من الاستشهاد ببعض الأشخاص الذين نالوا الإعجاب بسبب أرواحهم العظيمة التي عظمت بسبب وعيهم وإدراكهم لماهيّة الروح الإنسانية وأثر الثقافة فيها.
وعلى رأس هؤلاء الأنبياء والرسل والذين قطعاً كانوا يمتلكون درجة عالية من الثقافة والمعرفة، وبعد الأنبياء والمرسلين تأتي طبقات أخرى من الأشخاص، استأثرت الأمّة الإسلامية بنوع من هؤلاء العظماء الذين وظفوا ثقافتهم الواسعة في تنمية علاقتهم واتصالهم بالآخرين، فكان لهم أعظم الأثر على من حولهم وإلى يومنا هذا، وذلك بعد أن ساهمت هذه الثقافة الواسعة في تنمية أرواحهم الربانية، ونذكر من هؤلاء: الإمام علي بن أبي طالب وابنيه، ومولانا جلال الدين الرومي، والإمام أبو حامد الغزالي، وصلاح الدين الأيوبي، وابن رشد، ومحيي الدين بن عربي وغيرهم الكثيرون.
كيف تثقف نفسك بنفسك
- القراءة هي الوسيلة الأولى من وسائل التثقف، والتنوّر، والاهتداء إلى السبل الرشيدة؛ فالكتاب لا يجب أن يترك جانباً على رفوف المكتبات لتتراكم عليه الأغبرة والأوساخ، بل يجب أن توضع كلماته في رفوف العقل الإنساني.
- مطالعة الصحف بشكل مستمر، لمعرفة أحوال الدنيا، وأسرارها، وخاصّةً السياسية منها، وكثرة هذه المطالعة تخبر الإنسان بطبيعة أحوال الدنيا، وأخبار السياسة التي تهمّ كل فرد، وحتى يكون الإنسان مضطلعاً أكثر خاصة بالشؤون السياسية المتشابكة والتي تستعصي على البعض، عليه الاطّلاع على الأخبار من مصادر متعددة، وليس فقط من المصادر التي تتفق وآيديولجيته التي يتبناها، أو التي تدغدغ عواطفه ومشاعره، فالإنسان واجب عليه حتى يصل إلى أفضل مقاربة في أي موضوع أن يتعرف على الرأي والرأي الآخر.
- مشاهدة الأفلام؛ فإذا اعتبرنا أنّ الكتاب يعطي خبرة الكاتب وتجربته الشخصية، فإنّ الفيلم يقيم هذه التجربة وفقاً لرؤية صناع الفيلم، وهذه هي ثنائية الكتاب والفيلم باختصار، فلو أخذنا رواية معينة كالبؤساء لفيكتور هيجو نجد أن العديد من الأفلام قد اعتمدت عليها، وأن كل فيلم تناول هذه الرواية من وجهة نظر معينة، وهذا ممّا ساعد على تقرب الناس من هذه الرواية الخالدة والتعمق فيها بشكل أكبر، لأنهم استطاعوا التعرف على تقييمات ووجهات نظر أخرى غير مجرّد سرد الأحداث كما في الكتاب نفسه.