مفهوم التعليم المبرمج
التعليم المبرمج
التَّعليم المبرمج لغةً يُعني التعليم الذي يُستخدَم وِفق خُطّة، بحيث يُشير مفهوم التعليم المُبرمَج إلى إستراتيجيّة تعليميّة فردية منهجيّة، إذ يتمّ تقديمه في الصفوف بشكل تسلسليّ منطقي وتكرار للمفاهيم، ذلك وِفقاً لوتيرة المُتعلّم، بمعنى أنَّ المُتعلِم يتحكّم في سير العمليّة التعليميّة؛ بحيث يُمكن للمتعلّم المُضي فيها وِفقاّ لسرعته الخاصّة في التعلُّم وفهمه الخاص.
لقى التعليم المُبرمَج اهتماماً كبيراً وذلك بفضل العمل الذي قام به عالم النفس السلوكيّ سكينر (Skinner) في منتصف خمسينيات القرن العشرين، حيث يستندّ مفهوم التعليم الُمبرمَج إلى نظريته التي تُفيد بأنّه يتمّ التعليم بشكل أفضل في العديد من المجالات من خلال تقدّيمها عبر خطوات صغيرة مع التعزيز المُستمر للمُتعلِم، ويُعني ذلك تقسيم المواد التعليميّة إلى أجزاء صغيرة من المعلومات ويتبعها سؤال فهم يُجيب عليه المُتعلِم، ويتلقّى ملاحظات فوريّة فيما يتعلق بصحة إجابته، ويتمّ تطبيق التعليم المُبرمَج من خلال آلات التعليم وبمساعدة جهاز الحاسوب.
علاوةً على ذلك يُمكن الاستخلاص من المفاهيم السابقة أنّ التعليم المُبرمَج يتكون من نماذج للتدريس يتمّ تصنيفها وِفقاً لجدول زمنيّ، بحيث يَسمح بتقييم الاستجابة الأولية والنهائية للمُتعلّم مع مراعاة التدّرج في تقديم المعلومات، بالإضافة إلى تقييم الاستراتيجيات التعليمية المستخدَمة، كما يجدر بالذّكر أنّ استخدام أسلوب التعليم المُبرمَج أصبح شائعاً في الوقت الحاضر، وقد تمّ إنتاج العديد من المواد التعليميّة المبرمجة والعديد من الأبحاث والمشاريع التجارية وِفقاَ له.
أنواع التعليم المبرمج
يتضمّن التعليم المبرمَج نوعان رئيسيان ، وفيما يأتي توضيح لكليهما:
- البرمجة الخطيّة : والتي يتمّ من خلالها عرض عناصر التسلسل التدريجيّ، بمعنى تُمثّل البداية خطوات تعلُّم صغيرة من أجل الوصول إلى المرحلة الأخيرة التي تُمثّل مستوى الإتقان، بحيث توجد مجموعة واحدة من المواد ويعمل الطلبة من مسألة لأخرى حتى نهاية البرنامج، ويتمّ استخدام ذلك النوع في التدريس لجميع المواد.
- البرمجة المُتفرعة : والتي يتم من خلالها تقديم عرض لعناصر سلسلة تراجعية، بمعنى أنَّ الخطوة الأولى تُمثّل مستوى الإتقان، فيما تُمثّل الخطوة الأخيرة أبسط خطوة من تلك السلسلة، ويُشار إلى أنَّ ذلك النوع من التعليم المُبرمَج يُقدّم جزءاً أكبر من المعلومات مُقارنةً بالبرمجة الخطيّة، مع تقديم جنباً إلى جنب سؤال اختيار من متعدّد، ويتمّ الإنتقال إلى تقديم المزيد من المعلومات في حال كانت الإجابة صحيحة، أمّا إذا كانت غير صحيحة يتمّ تقديم ملاحظات حول سبب عدم صحة تلك الإجابة، ومن ثُمّ العودة إلى السؤال من أجل اختيار خيار آخر، ويجدر بالذكر أنّ هذا النوع من التعليم المبرمَج يُستخدَم في مجال تعليم المجالات الميكانيكية والرياضيات.
تكنولوجيا التعليم والتعليم المبرمج
يُعدُّ التعليم المبرمَج المثال الأنسب والأفضل لأحدث مفهوم لتكنولوجيا التعليم، والذي يُشير لنطاق واسع من التطبيقات في الوقت الحاضر، ويشمل المكونات الماديّة والبرامج، بحيث يتضمّن تسلسل المكونات الماديّة آلات التدريس، والتعليمات بمساعدة الحاسوب ، إلى جانب التعليمات التي يتحكّم فيها المُتعلّم، فيما تشتمل البرامج على جميع المواد التعليميّة المُبرمَجة على شكل كتاب أو آلة تعليمية وأنواع أخرى مختلفة من مواد التعلُّم الذاتي ، ويُشار إلى أنَّ نظرية التكيّف الفعّال التي شكّلت أساس التعلم المُبرمَج أصبحت الآن شكلاً ثابتأ من أشكال تكنولوجيا التعليم.
أهداف التعليم المبرمج
للتعليم المبرمج مجموعة من الأهداف والغايات التي يسعى إلى تحقيقها، وهي كالآتي:
- مساعدة الطالب في التعلّم بأسلوب الممارسة.
- توفير الوضع الملائم للمتعلمين بحيث يتمكنوا من التعلّم بالسرعة التي تناسبهم.
- مساعدة الطلاب على التعلُّم في حالة عدم وجود معلّم.
- عرض المحتوى التعليمي بطريقة تخضع للتحكّم والإدارة ضِمن تسلسل منطقي.
- مساعدة الطلاب في تقييم أدائهم بأنفسهم من خلال مقارنته مع المُعطى لهم.
مبادئ التعليم المبرمج
للتعليم المبرمج مبادئ أساسية تُعتبَر القواعد والأنظمة التي تُبنَى عليها برامج التعليم المبرمَج، وهي كالآتي:
- مواصفات موضوعيّة: تحديد السلوكيات التي سيتمكّن المُتعلم من القيام بها وأدائها عند الإنتهاء من البرنامج.
- خطوات تعلُّم صغيرة: تقسيم المادة التعليمية إلى وحدات وخطوات صغيرة من المعلومات.
- استجابة فورية علنية: ويُعني ذلك أنّه يجب على المتعلم العمل على كل وحدة من وحدات المعلومات عن طريق التدريبات المقدّمة لذلك.
- النجاح أو الحدّ الأدنى من الخطأ: حيث يتوجّب على المتعلّم تجنُّب الخطأ من أجل الاستمرار في التعلّم المبرمج، حيث يُشكل الفشل عقبة أمام الاستمرار به.
- تقديم تغذية راجعة فورية: إذ يجب أنّ يعرف المُتعلِم أنّ تصرفه صحيح؛ ذلك من أجل ضمان النجاح والرضا.
- تقديم تسلسل منطقي مُتدّرج: ويعني ذلك ضمنياً وجود ملائمة للمحتوى مع عرضه المتدّرج.
خصائص التعليم المبرمج
فيما يأتي مجموعة من خصائص التعليم المبرمج:
- تولية الاعتبار إلى سلوك المتعلم الأولي.
- أهمية وجود تفاعل بين المتعلم والمواد التعليمية.
- يُعدُّ جزءاً من تكنولوجيا التعليم ، ولكنه لا يُمثّل جهازاً صوتياً أو مرئياً.
- يُعتبر التعليم المبرمج وسيلة من وسائل التعليم الفردي.
- يُمثّل استراتيجة تعليميّة جديدة من أجل سلوك المتعلم، وليس حلاً للمشاكل التربوية.
- لا يحل محل المعلم .
إيجابيات التعلم المبرمج
يتمتع التعليم المُبرمَج بالعديد من المزايا والإيجابيات التي تجعل منه أسلوباً نجاحاً، وفي بعض الأحيان يتفوّق على التعليم بالأسلوب التقليديّ ؛ ذلك لأنّه يُدرك ويتفهم القدرات والاحتياجات الفرديّة المختلفة للمتعلمين، وفيما يأتي بعض من ايجابيات استخدامه:
- يتيح للمتعلم أن يسير في البرنامج وفق السرعة التي يستطيعها بدلاً من أن يُرغم على السير وفق سرعة لا تناسبه.
- يمنح المعلمين مزيداً من الوقت من أجل التركيز على المهام المعقدّة.
- يقلّل وقت التدريس .
- يمنح فرصة للتعلّم الذاتي .
- يقوي التغذية الراجعة الفورية وتعزيزها.
- يقلل نسبة الخطأ والفشل للمتعلم في عملية التعليم.
سلبيات وعيوب التعليم المبرمج
يواجه التعليم المُبرمَج انتقاداً كبيراً يتمثّل في قِلة التفاعل بين الطالب والمعلم؛ ذلك لأنّ الأبحاث والدراسات أثبتت أنّ الطلاب ينجحون وتتنامى مهاراتهم بشكلِ أفضل في ظلّ وجود الدافع البشري المتأهل الموجود في الوضع التعليميّ التقليديّ، وفيما يأتي بعض عيوب وسلبيات لاستخدام التعليم المُبرمَج:
- يُعدُّ تطوير برامج التعليم المُبرمَج أمراً صعباً، ومكلف ماديّاً، ويحتاج لوقت.
- يحقق الأهداف المعرفية فقط.
- لا يمنح الطلاب الفرصة والمجال للإبداع ؛ ذلك لأنَّ إجاباتهم وردودهم مُنظمة ومحددة للغاية.
- لا يمكن اعتماده كأسلوب تعليمي لمستويات التعليم الإبتدائي أو مستويات التعليم العالي.
- يفسد الأنظمة واللهجة التأديبية داخل الصفوف في ظِل غياب المعلم.
- يُقدّم محتوى الموضوع التعليميّ في فترة زمنية مُحددة، ويُمكن أن يُشكّل هذا الأمر صعوبةً بالنسبة لبعض الطلاب.