كيف واجه المسلمون أذى قريش ومعارضتها للدعوة الإسلامية
كيف واجه المسلمون أذى قريش ومعارضتها للدعوة الإسلامية
إخفاء الضعفاء إسلامهم
أتاح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين في بداية الدعوة للإسلام بين إعلان إسلامهم أو كتمه، بحيث كان مَن يخشى على نفسه ولا توجد منعة تحميه يعمد إلى إخفاء إسلامه، وكان معظم من يفعل ذلك من الفقراء ومنهم: عبد الله بن جحش، وجعفر بن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عميس، وعامر بن فهيرة، وعمار بن ياسر، وصهيب بن سنان،و مصعب بن عمير، وبلال بن رباح -رضيَ الله عنهم-.
وأمّا مَن كان لا يخشى على نفسه ويعلم بوجود من يمنعه ويحميه يُعلن إسلامه، وكان أوّلهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي منعه الله بعمه أبي طالب، وأبي بكر الصّديق الذي منعه الله بقومه، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ رسول الله كان يعمد إلى لقاء المسلمين والاجتماع بهم لتعليمهم أمور دينهم سراً في دار الأرقم بن الأرقم؛ لأنّ ذلك يعدّ من صالح الإسلام والمسلمين، فلو كان الاجتماع علناً فلا شكّ بأنّ قريش ستعمل جاهدة حتّى تمنعه وتحول منه، ممّا قد يؤدي إلى نشوب مصادمة مع المسلمين فلا يكونوا حينها بصدد التّصدي لها.
تحرير عبيد المسلمين من سادتهم من أهل مكة
تسارع الرّقيق إلى اعتناق الإسلام والاستجابة لدعوته حتى كانوا من أوائل من اعتنقه، وذلك للتخلّص من الرّق، حيث كان العبد إذا تمكّن من التخلّص من سيده واعتنق الإسلام أصبح حرّاً، وكان الله -تعالى- قد هدى أبي بكر -رضيَ الله عنه- إلى تحرير من استطاع تحريره من العبيد، وقد تمكّن -رضيَ الله عنه- من تحرير سبع رقاب قبل هجرته إلى المدينة وهم: عامر بن فهيرة، وبلال بن رباح، وأم عبيس، وزنيرة، والنهدية وابنتها، وجارية من بني مؤمل.
البحث عن أماكن خارج مكة لتحتضن الدعوة
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يتألم لما يحلّ بأصحابه من أذى وتعذيب لا سيّما وأنّهم كانوا دعامة قويّة لرسالته، لذا أشار عليهم بالهجرة إلى الحبشة، فخرج أحد عشر رجلاً إلى الحبشة وكان بينهم أربعة نساء إحداهنّ رقيّة -رضيَ الله عنها- بنت رسول الله، كما عمد رسول الله للخروج إلى القبائل العربيّة وعرض دعوة الإسلام عليها آملاً أن يجد قبيلة تناصره وتساعده في تبيلغ عوته.
وكانت الطّائف إحدى القبائل التي ذهب إليها لكنّهم لم يستجيبوا لدعوته، وليس ذلك فحسب، بل طلبوا من سفهائهم رميه بالحجارة وطرده من ديارهم، وبعد بيعة العقبة الثانية أخذ المسلمون بالهجرة إلى المدينة وبقيَ رسول الله في مكة منتظراً الإذن من الله -تعالى- بالهجرة إليها.
وكان من أوائل من هاجر إلى المدينة: أبو سلمة بن عبد الأسد، وعامر بن ربيعة وامرأته ليلى، وعبد الله بن جحش،وتجدر الإشارة أنّ الهجرة إلى المدينة كانت سرّاً وذلك لأنّ قريش كانت تعمد إلى إيذاء ومنع مَن يحاول الهجرة والخروج من مكة.
الصبر على أذى قريش
تعرّض المسلمون في بدايات الدّعوة إلى الإسلام إلى صور متعدّدة من الأذى والتعذيب والتنكيل، إلّا أنّ ذلك زادهم في الصّبر والثبات، حيث كان الصّبر من أعظم الأسباب التي ساهمت في نشر الدّعوة ليس في مكة وحسب بل خارجها أيضاً، كما كان قوّة تبعث في نفوس المسلمين الاستمرار في مقاومة قريش وشرّها.
وهناك العديد من صور صبر الصّحابة -رضيَ الله عنهم- ومنها: صبر بلال بن رباح على صور العذاب التي تلقّاها من سيّده أُميّة بن خلف، وصبر عمّار بن ياسر مع والديه، وصبر صهيب الرّومي الذي كان قد تجرّد من جلّ ماله بُغية النّجاة بدينه والهجرة إلى الله ورسوله.
خلاصة المقال: تعرّض المسلمون الأوائل لأنواع وصور متعددة من المعارضة والأذى، إلّا أنّهم عمدوا إلى مواجهة ذلك بكتمان بعضهم لإسلامهم، وعتق العبيد الذين كانوا قد أسلموا، والهجرة من مكة إلى الحبشة والمدينة المنورة، وتغليف ذلك كله بالصّبر، والثّبات، والتوكل على الله -تعالى-.