كيف نشكر الله
حمد الله وشكره باللسان
ربط الله -سبحانه وتعالى- حفظ النّعم من الزوال وزيادتها؛ بشكر الله عليها والتحدّث بها، وأخبر أنّ كُفران النّعمة سبب لزوالها؛ فالشكر قيدٌ للنّعم، قال -تعالى-: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ) ، "إبراهيم:9"
ويحرص المسلم على حمد الله وشكره بلسانه عند القيام بأيّ فعل، فيجعل الله فيه البركة والرّضا فمثلاً؛ يحمد الله إذا أكل أو شرب، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا).
سجود الشكر
شرع الإسلام سجود الشكر عند حصول النّعمة أو دفع ضرر أصاب المسلم، أو دفعه الله قبل أن يصيبه، فيقوم المسلم بالسجود من غير تكبيرة ولا تسليم، ويؤديه المسلم على حاله إن كان قائماً أو قاعداً، طاهراً أم محدثاً والطهارة أفضل.
ويقول فيه ما يقوله في سجود الصّلاة من التسبيح والدعاء والذكر، فقد روى أبو بكرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (كانَ إذا أتاهُ أمرٌ يسرُّهُ أو بشِّرَ بِه خرَّ ساجدًا شُكرًا للَّهِ تبارَك وتعالى).
عدم استعمال النعم في المعاصي
إنّ ممّا يُظهر نعمة الله على عبده أن يحرص المسلم على ألّا يستخدم نعمة الله فيما لا يرضيه، فمن شُكر النّعمة توظيفها في طاعة الله وما يرضيه من الأعمال، وإنّ الله -تعالى- يحبّ أن يرى أثر نعمته على عباده.
عن مالك بن نضلة -رضي الله عنه-: (أنَّهُ أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في ثَوبٍ دونٍ، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ألَكَ مالٌ؟ قالَ: نعَم، مِن كلِّ المالِ، قالَ: مِن أيِّ المالِ؟ قالَ: قَد آتاني اللَّهُ منَ الإبلِ، والغنَمِ، والخيلِ، والرَّقيقِ، قالَ: فإذا آتاكَ اللَّهُ مالًا، فليُرَ عليكَ أثرُ نعمةِ اللَّهِ وَكَرامتِهِ).
وكان رسول الله يقوم اللّيل حتى تتفطّر قدماه، ويقول: (أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا)، فمن شُكر الله بالأعضاء أن يستخدمها العبد في طاعة الله وتحصيل رضاه، فيمنع العينين من النّظر إلى المحرّمات، ويمنع الأذنين من سماع ما لا يرضي الله، ويكفّ اليدين عن الاعتداء عمّا ليس من حقّه، ولا يمشي بقدميه إلى المعصية.
استشعار النعم وتقديرها
إنّ العبد ليستحيي من الله بما أنعم عليه من النّعم التي لا تُحصى ولا تُعد، ويحاول قدر الإمكان أن يشكر الله على هذه النعم، فمعرفة العبد أنّه مقصّر بالشكر هو شكر، ومعرفة أنّ الله أنعم عليه بها من غير استحقاق هو شكر، وأخذ النّعم بالقبول والرّضا وإعطاء أصغرها قيمة كبيرة هو شكر، واستعمال النّعمة في طاعة الله شكر.
واجتناب الاعتراض على نعمة الله من الشكر كذلك، وقد روى أبو الدرداء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (مَن أصبَح مُعافًى في بدنِه آمنًا في سِربِه عندَه قوتُ يومِه فكأنَّما حِيزَتْ له الدُّنيا).