كيف مات أبو قاسم الشابي
مرض ووفاة أبي القاسم الشابي
علم الشاعر أبو القاسم الشابي بعد تخرّجه من جامعة الزيتونة بأنّه مصاب في مرض القلب والذي يبدو أنّه كان يحمل المرض منذ نعومة اظافره، إلى أنّ أعراض مرضه لم تبدو واضحة إلّا في سنة 1929م، وعندما عزم الشابي على الزواج بناءً على رغبة وإصرار من والده قام باستشارة الطبيب يدعى محمد الماطري وهو طبيب مشهور في تونس في ذلك الوقت، فسمح له بالزواج لكنّه حذّره من خطورة التعرّض للاجهادات الفكرية والجسدية التي يسببها الزواج، فتزوّج الشابي امتثالاً لرغبة والده وبناء على رأي الطبيب الذي استشاره.
لكنّ حالته الصحية تدهورت بعد الزواج لعدة أسباب؛ وهي تطوّر مرضه الزمن، وضعف بنية الشاعر الجسدية، والأحوال السيئة التي أحاطت به في حياته الطلابية وفي زواجه ووفاة والده وحبيبته الصغيرة، وبالإضافة لذلك فقد كان الشابيّ مهملاً لنصائح الأطباء في الاعتدال في حياته وتجنّب أي إجهادات فكرية وجسدية.
تلقّى الشابي العلاج على أيدي مجموعة من أطباء القلب، والذين نصحوه بالإقامة في الأماكن المعتدلة مناخياً، لكنّه لم يستجيب للعلاج بفعالية، وما لبثت أن بدأت نوبات القلب الحادة تصيب قلبه مرة تلو مرةّ، ولم يحسن الشابي التعامل مع مرضه ومداراته بل استمر في إرهاق نفسه وإجهادها دون مراعاة لحالته الصحية رغم تنقّله المستمر في صيف 1932م بين المصايف والمستشفيات والمنتجعات لكنّ ذلك لم يجدي نفعاً معه، وساءت حالته في أواخر عام 1932م واشتدت آلامه واضطر لملازمة الفراش ومُنع من المطالعة والكتابة بحثاً عن أقصى درجات الراحة لقلبه العليل، لكن مرضه ما زاله يعييه حتّى دخل المستشفى الطليان في الثالث من شهر تشرين الأول من عام 1934م وتوفي هناك بعد ستة أيام قضاها في المشفى عن الساعة الرابعة صباحاً من نهار يوم الاثنين الموافق للتاسع من تشرين الثاني من نفس العام، ونقل جثمانه في صباح ذلك اليوم إلى بلدة توزر التونسية ودفن فيها.
أبو القاسم الشابي شاعراً
أثّرت الحالة التي عاشتها تونس تحت الاستعمار الفرنسي في نفس الشاعر وشعره، فنظم قصائد عديدة تغنّى فيها بالثوار والتي بقيت حاضرة وتتردد على ألسنة الثوار حتّى يومنا هذا.
كان الشاعر مطلعاً على جميع أطوار الأدب العربي ومراحل تطوّره، حتّى أعجبه المذهب الرومانسي الحديث وتحديداً أدب المهجر فكان أحد رواد هذا المذهب، فكان الكثير من شعره قائم على الخروج من أساليب الشعر التقليدي، فتعددت القوافي في شعره في القصيدة الواحدة ونوّع في شعره بين القصائد العمودية والموشحات.