كيف ظهر الإسلام
كيف ظهر الإسلام
بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
لقد جعل الله -سبحانه وتعالى- عدداً من المقدمات ل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بديانة الإسلام؛ من ذلك:
- دعوة إبراهيم وبشرى عيسى عليهما السلام
صح عن نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أنا دَعْوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشرى عيسى، ورَأَتْ أُمِّي أنَّه يَخرُجُ منها نورٌ أضاءَتْ منه قُصورُ الشَّامِ)، ويقصد بذلك أن دعوة النبي جاءت مصداق لدعوة إيراهيم -عليهما الصلاة والسلام-؛ قال -تعالى- على لسان نبيه إبراهيم:
(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً منهم). وبهذا استجاب المولى -عز وجل- دعوة إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام-؛ فكان النبي محمد من ذريتهما، وخاتم الأنبياء والمرسلين.
وأما قوله عن بشرى عيسى -عليه السلام-؛ فأراد بذلك قوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ)؛ فعيسى عليه السلام- هو آخر أنبياء بني إسرائيل، وليس بينه وبين سيدنا محمد نبي.
- كون النبي من أمة العرب
تلك الأمة التي فضلت على غيرها من الأمم؛ التي تميزت بعزة النفس، وقوة البأس، الأقرب إلى العدل وفصاحة اللسان، أسلم الناس فطرة، وصاحبة المكانة بين الأمم الأخرى.
- شرف النسب
حيث كان نسب النبي من أشرف الأنساب؛ من قبيلة قريش؛ التي اصطفاها الله بخدمة بيته الحرام، المتصلون بنسب إسماعيل -عليه السلام-، كما كان نسب النبي من بني هاشم؛ الذين كانوا أصلح الناس من قريش، وأكثرهم إحساناً وإعانة للمسكين والفقير.
- بلوغ النبي ذروة الأخلاق
إذ كان النبي معروفاً بصدقه، وأمانته، وحسن عهده والتزامه، وكانت قبيلته تكن له كل الاحترام والتقدير؛ لما كان منه قبل البعثة.
- كون النبي أمياً
لا يقرأ ولا يكتب، وهذه من أعظم المهيئات لنبوته -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ جاء بدعوة عظيمة وهو لم يقرأ كتاباً، أو يكتب سطراً؛ وكل ذلك من دلائل صدق نبوته.
نزول الوحي
كان أول ما ابتدأ من وحي النبوة لسيدنا محمد -صلى الله عليه سلم- الرؤية الصالحة؛ كما كان يحب الانعزال عن الناس للتأمل والتفكر؛ وذلك في غار حراء، حتى نزل عليه -جبريل عليه السلام- ذات يوم في الغار؛ فقال له:
(اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: "اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ* خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ* اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ").
وعاد النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدها إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها- خائفاً من هول ما رآه؛ فطمأنته -رضي الله عنها-، واستقصت الأخبار من ابن عمها ورقة بن نوفل؛ الذي أكد لها نبوته، وقد كان ورقة عالماً بدين النصرانية؛ والتي شرت بنبوة سيدنا محمد -كما أشرنا سابقاً-.
الدعوة إلى الله
يقول المباركفوري في الرحيق المختوم في تحديد تاريخ البعثة: "وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل؛ يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين؛ لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلاً، ويوافق (10) أغسطس سنة (610م)، وكان عمره -صلى الله عليه وسلم- إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية، وستة أشهر و12 يوماً).
ومن هنا بدأت رحلة النبي -صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الإسلام ، وإنكار عادات الجاهلية من الشرك والوثنية، وبدأ تحمل الإيذاء والاتهامات، وكان أول من ابتدأ بدعوتهم أهل بيته؛ ثم بدأ الإسلام ينتشر بين عدد منهم، كما كانت الدعوة إلى ذلك بالسر؛ لمدة ثلاثة سنوات، حتى نزل الأمر من المولى -سبحانه-؛ بالجهر بالدعوة.
الدين الإسلامي
إنّ الدين الإسلامي الذي بعث به سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ هو خاتم الأديان السماوية، ونبي الله محمد هو خاتم الأنبياء والرسل؛ وقد منّ الله على أمة سيدنا محمد بأن جعل هذا الدين صالح لكل زمان ومكان.
كما أن هذا الدين هو الدين السماوي الذي تكفل الله بحفظه، وحفظ كتابه إلى قيام الساعة؛ يقول -تعالى-: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).