كيف توفي عمر بن الخطاب
كيف توفّي عمر بن الخطاب
استُشهد عُمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- في السّنة الثالثة والعشرين للهجرة، وتفصيل كيفيّة وفاته وما يتعلّق بذلك فيما يأتي:
- مقتل عمر -رضي الله عنه- واستشهاده: عندما كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يُسوِّي صُفوف المُسلمين كعادته كُلَّ يومٍ في صلاة الفجر، وعند نيّته وتكبيره للصّلاة، جاء رَجُلٌ يُسمّى أبا لؤلؤة المجوسيّ بخنجرٍ مسموم وطعنه عدّة طعنات، فقطّع أمعاءه، وسقط -رضيَ الله عنه- مغشيّاً عليه.
- وحاول الصحابةُ الكرام إلقاء القبض على أبي لؤلؤة، ولكنّهُ قَتَل ستةً منهم، وجاءه أحدهم من خلفه وألقى عليه رداء وطرحه أرضًا، فقام أبو لؤلؤة بطعن نفسه بنفس الخنجر الذي قتل به عُمر -رضيَ الله عنه- ومات على الفور، فقام الصحابةُ الكرام بحمل عُمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- إلى بيته، وبقيَ فاقداً للوعي فترةً طويلة، ولمّا أفاق سألهم عن تأديتهم لصلاة الفجر، ثُمّ سأل عن قاتله، فقالوا: أبو لؤلؤة.
- ترشيحه لستّة من الصحابة ليكون أحدهم خليفة من بعده عندما تيقّن الموت: فلمّا أيقن الصحابة بموته -رضيَ الله عنه- طلبوا منه اختيار خليفةً للمُسلمين من بعده، فرشَّح لهم ستّة من الصّحابة، وهم بقيّة العشرة المبشّرين بالجنّة، ليختاروا من بينهم واحداً، ولكنّهُ استبعد منهم ابن عَمّه سعيد بن زيد -رضيَ الله عنه-، كما استبعد أيضاً ابنه عبد الله -رضيَ الله عنه-؛ إبعادًا لشُبهة الوراثة في نظام الحكم الإسلاميّ.
- ما رآه عمر في منامه قبل وفاته: كان عُمر -رضيَ الله عنه- قد قام قبل استشهاده خطيباً بالنّاس، فحمد الله -تعالى-، وأثنى عليه، وذكر النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، وأبو بكر الصّديق -رضيَ الله عنه-، وأخبرهم أنّه رأى في المنام أنّ ديكاً نقره نقرتين، وأوّله على قُرب أجله، وقيل: إنّه رأى ديكاً نقرهُ ثلاثُ نقراتٍ في بطنه، ولمّا حصل معه ما حصل من الطّعن في المسجد، أيقن بِقُرب موته ، وقال لابنه عبدُ الله أن يُحصي ما عليه من دَيْنٍ، فوجدها سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا، فطلب منه أن يسدّها من ماله ومن مال أهله، فإن لم تكفِ فمن مال عشيرته، فإن لم تكفِ فمن قُريش .
- وكان عُمر -رضيّ الله عنه- يدعو كثيراً أن يرزقهُ الله -تعالى- الشّهادة، وأن تكون في المدينة المُنورة، ولمّا توسّعت الفُتوحات في عهده، وانتشرت رعيّته، دعا ربه قائلاً: "اللهمّ كبر سني، وضعُفت قوّتي، وانتشرت رعيّتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرّط".
- تاريخ وفاة عمر: رُويت عدّةُ أقوال في تاريخ وفاته -رضيَ الله عنه-، فقيل: إنّه أُصيب يوم الأربعاء في السادس من والعشرين من شهر ذي الحجّة، وقيل: إنّه طُعن في السابع والعشرين من شهر ذي الحجّة، وعاش بعدها سبعة أيام، وقيل: ثلاثة، ودُفن يوم الأحد صبيحة هلال المُحرم، وقيل: دُفن يوم الأربعاء في السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة، وقيل: يوم الأربعاء في السابع والعشرين، ثُمّ غُسل وكُفن، وصلّى عليه صُهيب الروميّ -رضيَ الله عنه- في مسجد النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، وقيل: إنّه صلّى عليه وهو على سريره.
مكان دفن عمر بن الخطاب
دُفن عُمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- في بيت عائشة -رضيَ الله عنها-، بجوار النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- وأبي بكرالصّديق -رضيَ الله عنه-، بعد أن أمر ابنه عبد الله -رضيَ الله عنه- بالذّهاب إلى عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- واستئذانها في دفنه بجانب صاحبيه، فأخبرها بما أخبره به والده، فقال لها: "عُمر يُقرئك السّلام، ويستأذنك بالدّفن بجانب صاحبيه، فقالت له: كُنت أُريدهُ لنفسي، ولأوثرن به اليوم على نفسي"، فرجع إلى أبيه بموافقتها على ذلك، وعند موته -رضيَ الله عنه- خرجوا به إلى بيت عائشة -رضيَ الله عنها- ليُدفن عند صاحبَيه، وتقدّم صُهيب الروميّ -رضيَ الله عه- فصلّى عليه، ونزل في قبره عُثمان بن عفّان، وعلي بن أبي طالب، والزُّبير، وعبد الرحمن بن عوف، وابنه عبد الله -رضيّ الله عنهم-، فكان دفنه -رضيَ الله عنه- في الحُجرة النبويّة.
فضائل عمر بن الخطاب ومناقبه
توجد الكثير من الفضائل والمناقب لأمير المؤمنين عُمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه-، نذكر بعضها فيما يأتي:
- الإيمان والدّين والعلم: فقد شهد له النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- بالإيمان ، وأمّا علمه؛ فقد ظهر في قول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (بيْنا أنا نائِمٌ، شَرِبْتُ يَعْنِي اللَّبَنَ حتَّى أنْظُرَ إلى الرِّيِّ يَجْرِي في ظُفُرِي أوْ في أظْفارِي، ثُمَّ ناوَلْتُ عُمَرَ فقالوا: فَما أوَّلْتَهُ؟ قالَ: العِلْمَ).
- الهيبة وخوف الشّيطان منه: فكان الشّيطان يفرُّ منه، وكان شديد الهيبة -رضي الله عنه-.
- المُلهم والمُحدّث في أُمّة النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، لِقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (لقَدْ كانَ فِيما قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ مُحَدَّثُونَ، فإنْ يَكُ في أُمَّتي أحَدٌ، فإنَّه عُمَرُ)، كما أنّه كان ذكيّاً، وعبقريّاً، وسيّداً، وقد نزل القُرآن الكريم بموافقته في العديد من الآيات.
- غيرته، وبشارة النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- له بالجنّة، لِقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (ورَأَيْتُ قَصْرًا بفِنائِهِ جارِيَةٌ، فَقُلتُ: لِمَن هذا؟ فقالَ: لِعُمَرَ، فأرَدْتُ أنْ أدْخُلَهُ فأنْظُرَ إلَيْهِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ فقالَ عُمَرُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ أعَلَيْكَ أغارُ).
- صدقه وعُلوّ منزلته.
- شهادة النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- له بعدم حُبّه للباطل، وباتّباعهِ للحقّ، وشدّته فيه، لقول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام-: (إنَّ اللَّهَ جعلَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ)، فقد جعل الله -تعالى- الحقّ والصواب على لسانه -رضيَ الله عنه-.