كيف تكون داعية إسلامي
الدعوة الإسلامية
يُراد بالدعوة الإسلامية الدعوة إلى الإسلام ، وهو دين الله الحقّ، المُنزل من عند الله سبحانه، وقد بعث الله أنبياءه جميعاً به، وعلى رأسهم محمّداً صلّى الله عليه وسلّم، وهو الذي اصطفاه ليكون خاتم هذه الرسالات والدعوات، ثمّ إنّ الدعوة الإسلامية تعني إقامة شريعة الله سبحانه في الأرض، بما فيها من مبادئٍ وشرائعٍ وأخلاقٍ ، كما تعني صياغة الحياة كلّها بصبغة العبودية لله وحده لا شريك له، وتلك العبودية لا تقوم إلّا على الحق والإيمان، ولا تتجه إلّا على أصول العقيدة والتوحيد، كما تعدّ الدعوة الإسلامية دعوةٌ لإنقاذ البشرية كلّها من الهلاك والضياع والتيه في ظلمات الدنيا، وهي سببٌ في تحقيق سيادة ملك الله سبحانه في الأرض وفي حياة الناس، وهي كذلك دعوةٌ لقيادة الناس جميعاً بمنهج الله الخالد إلى يوم الدين، وإفراده في بالتشريع دون غيره من المخلوقات، وتتضمن الدعوة الإسلامية الحثّ على بناء النفس، وبناء الإنسان الصالح القادر على عمارة الأرض وخلافة الله -عزّ وجلّ- فيها.
وممّا تضمنته الدعوة الإسلامية من معانٍ أيضاً الحرص على تحرير النفس البشرية من رقّ العبودية والذلّ لكلّ ما سوى الله عزّ وجلّ، فمن ذلك تحريرها من سلطان الشيطان الرجيم عليها بمكره وخداعه، ومن الخوف من أصحاب السلطة والطغيان، الذين لا يملكون نفعاً ولا ضرّاً، وتحريرها أيضاً من تقديس الذات والجري وراء الكسب والمال وسائر أعراض الدنيا الزائلة الفانية، ومن الطمع إلّا بالله عزّ وجلّ، كما جاءت الدعوة الإسلامية حريصةً على تحرير الإنسان من الخوف على الحياة، فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم للدلالة على تحرير النفس من الخوف على الحياة: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا)، وكذلك تحريره من الخوف على الرزق وعلى مكانته الاجتماعية بين الناس، وتحريره من سلطان الشهوات وسيطرتها عليه، ففي ذلك قال الله عزّ وجلّ: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ).
كيفية بناء شخصية الداعية الإسلامية
حتى يكون الإنسان داعيةً إسلامياً ناجحاً؛ فلا بدّ له من الانتباه إلى بعض العوامل المهمّة في بناء شخصيته الدعوية، كما لا بدّ له من الحرص على بعض المُعينات في سبيل ذلك، وفيما يأتي بيان جانبٍ ممّا يحتاج الإنسان أن يلتفت إليه إذا أراد أن يكون داعيةً إسلامياً:
- البدء أولاً بإصلاح النفس وتربيتها إيمانياً، وحثّها على تقوى الله تعالى؛ لأنّ الداعية عرضةٌ لكثيرٍ من الآفات، فإذا لم يكن متسلّحاً بسلاح تقوى الله فلن يتمكّن من القيام بواجبه الدعوي على الوجه الكامل المطلوب.
- الاجتهاد في تخليص النفس من الصفات المذمومة؛ كالعجلة والسفة والطيش والكسل والبخل ونحوها من الصفات.
- الحرص على تحصيل العلم الشرعي ، خصوصاً ما يحتاجه في دعوته منه، فالعلم الشرعي درجاتٌ كثيرةٌ ومتفاوتةٌ، فالإنسان يأخذ منه بقدر ما يحتاجه ويقدر عليه، ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.
- تعلّم المهارات الاجتماعية في التعامل مع الناس، فهذا يجعل منه شخصيةً محبوبةً، ويعينه على بناء علاقاتٍ متينةٍ قويةٍ جميلةٍ مع الآخرين.
- تعلّم المهارات الدعوية التي يحتاجها في دعوته للناس، كمهارة النقاش والإقناع، ومهارة التأثير في الآخرين، ومهارة التواصل الفعّال معهم وغيرها من المهارات الدعوية.
- العمل على إتقان التعامل مع الوسائل الدعوية التي يمكن استخدامها في دعوة الناس إلى الله عزّ وجلّ.
- تعلّم المهارات الشخصية التي تُعين الإنسان في طريق دعوته، كمهارة تنظيم الوقي التي تساعد في ترتيب يوم الإنسان، وتنظيم حياته بما يخدم دعوته، وكذلك مهارة إدارة الاجتماعات، وغيرها من المهارات.
- العمل على إخلاص النية لله تعالى، واحتساب الأجر عنده، فذلك يُعين في الصبر على ما قد يتعرّض له الداعية من أذى.
- تمثّل الإنسان بما يدعو الناس إليه، وذلك حتى يكون قدوةً حسنةً لهم، فيبادر هو بالعفو عمن يسيء إليه، ويُحسن إلى من حوله، ويُظهر الرأفة والشفقة عليهم.
- الاستفادة من الحوادث المؤثرة التي تحصل في العالم؛ كحوادث الانتحار وغيرها، فهي أدعى للتأثير في دعوة الناس.
- الإصرار وعدم اليأس، والتمسّك بأمل أن يهدي الله الناس على يدي الداعية.
- الإكثار من الدعاء للناس بالهداية والصلاح.
خصائص الدعوة الإسلامية
تمتاز الدعوة الإسلامية بخصائص خاصة بها، وفيما يأتي بيان بعضٍ منها:
- ارتباطها بدعوات الأنبياء السابقين، ووحدة العقيدة التي جائت بها مع عقائدهم، فقد جاء الأنبياء جميعاً بعقيدة التوحيد لله تعالى.
- تأكيدها على مبدأ المساواة بين الناس، وحرصها على تحقيق كرامة المؤمن، فقد جاء الإسلام ليقرّر مبدأ العدل والمساواة بعد أن افقتدتهما الإنسانية زمناً طويلاً، فكان بذلك ديناً عالمياً إنسانياً.
- تقوم على مبدأ الإقناع في انتشارها وليس على مبدأ الإكراه والإجبار، ومن ذلك أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أعطى الأمان لأهل مكة حين جاءها فاتحاً، شريطة ألّا يتعرّضوا لجيش المسلمين ، وألّا يبقوا في ساحة المعركة، بل يلتجؤوا إلى بيوتهم، مع أنّه كان قادراً على تعذيبهم والتنكيل بهم، إلّا أنّه آثر العفو عنهم، ولم يشترط عليهم الدخول في الإسلام، فكان لعفوه تأثيرٌ بليغٌ في نفوسهم ممّا دفعهم إلى اعتناق الإسلام.
- دعوةٌ مستمرةٌ إلى يوم القيامة، فلا تنقطع ولا تتوقّف، وذلك لأنّ هدفها ومقصودها إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وإرشادهم إلى طريق الحق حتى ينجو من عذاب النار.