كيف تصنع الفخار
الفخّار
الفخّار (بالإنجليزيّة: Pottery) هو عبارة عن مفهومٍ يُطلَق على الأدوات والأواني التي تُصنَع من الطّين ، ويتمُّ استخدام النّار في تشكيلها، ويُعدّ تصنيع الفخّار من أقدم المِهَن التقليديّة. ويُعرَّف الفخّار بأنّه فنّ صناعة الخزف ؛ حيث يُطلَق على إنتاج الموادّ الفخّاريّة مسمّى الأعمال الخزفيّة، كما يُعرَّف بأنّه إحدى الصّناعات اليدويّة المشهورة المستخدَمة لإنتاج العديد من المُنتَجات؛ المصنوعة بشكلٍ كاملٍ من الفخّار.
صناعة الفخّار
صناعة الفخّار من الصّناعات القديمة، التي تعتمد على رسم التّصميم الخاصّ بقطعة الفخّار قبل البدء بصناعتها، وتُستخدَم مادّةٌ أساسيّةٌ في صناعته وهي الطّين؛ وفيما يأتي الخطوات الرئيسيّة التي تُطبَّق أثناء صناعة الفخّار:
خلط الطّين
يُعدّ خلط الطّين الخطوة الأولى من خطوات صناعة الفخّار، ويعتمد على ترطيب الطّين؛ عن طريق إضافة الماء إليه أثناء وجوده في خزّانٍ مناسبٍ للخلط، وتستمرّ هذه العمليّة حتّى يُصبح الطّين قابلاً للتشكيل، وذلك بعد أن يتوزّع الماء ـ الذي يشكّل نسبة 30% منه ـ بين مكوّناته كافّةً، ثمّ يُضغَط الطين باستخدام المرشحات والفلاتر، التي تساهم في التخلّص من الماء الزّائد منه قبل وضعه على الطاحونة الخاصّة ببدء العمل على صناعة الفخّار، حيث تحتوي أسطوانةً يُثبَّت عليها الطّين، ومن ثمّ تبدأ الدّوران حتّى يتمكّن صانع الفخّار من تشكيله بطريقةٍ صحيحةٍ.
التّجويف
التّجويف هو الخطوة التي يستخدم فيها صانع الفخّار يدَيْه في تشكيل عُمق الأواني الفخّاريّة ، أو قد يستعين بآلةٍ خاصّةٍ بتجويف الفخّار، تُساعده على صناعة الأواني المُجوَّفة، مثل: المزهريّات ، أمّا تطبيق هذه الخطوة فيعتمد على لفّ الأسطوانة بالتّزامن مع لفّ الطّين الرّطب الموجود عليها، ويستمرّ تشكيل جوف المزهريّة حتّى يصل الصّانع إلى حجمها المطلوب، وقد تُستخدَم قوالب جاهزة تساعد على تجويف المزهريات بطريقةٍ سهلةٍ، وسريعةٍ، ودقيقةٍ في آنٍ معاً، قبل البدء بتجهيزها لتطبيق الخطوات اللاحقة.
الصبّ
الصبّ هو صبّ الفخّار في قوالب من الجصّ أي الجبس ، وهذا يزيد متانة الفخّار وجفافه؛ لأنّ الجبس يمتصّ بقايا الماء الموجودة في مكوّنات الطين، والتي لم تجفَّ بعد، وقد يحتوي قالب الجبس على مجموعةٍ من الأشكال والزّخارف التي تُستخدم في تزيين الفخّار، فتظهر على الطبقة الخارجيّة له، وتضيف الشّكل الجميل إليه.
التّزجيج
التّزجيج هو الخطوة قبل الأخيرة في صناعة الفخّار، وتعتمد على التأكّد من جفافه نهائيّاً؛ استعداداً لاستخدام الألوان ، لإضافة الطلاء إليه، وقد يُستخدَم في ذلك لون واحد أو خليط من الألوان، ممّا يزيد القطعة تميُّزاً وجمالاً، ويُستخدَم أسلوب رشّ الطلاء غالباً؛ فهو يضيف بعض الأشكال إلى الفخّار في حال لم تُستخدَم أيّة نقوشٍ أو زخارف على السّطح الخارجيّ للقطعة، أثناء وجودها في قالب الجصّ.
الحرق
الحرق هو الخطوة الأخيرة من خطوات صناعة الفخّار ، وتُستخدَم فيها أفران الفحم، أو الخشب، أو الكهرباء؛ لتعريض الفخّار لأكبر درجة حرارةٍ مُمكِنةٍ؛ بحيث تساهم في تجفيفه، وتجفيف الطّلاء الموجود عليه ضمن طبقاته الخارجيّة والداخليّة كلّها، وبعد التأكُّد من جفاف الفخّار تماماً، عندها يصبح جاهزاً للاستخدام وفقاً للشّيء الذي صُنِعَ له.
تاريخ صناعة الفخّار
عاصرت صناعة الفخّار تاريخيّاً مجموعةً من المراحل الزمنيّة؛ ومن أهمّها:
مرحلة ما قبل التّاريخ
يعود تاريخ صناعة الفخّار إلى العصر الحجريّ الحديث، الذي ظهرت فيه العديد من الصناعات الفخّاريّة، واستخدمها الإنسان في ذلك الوقت في مجال إعداد الطّعام وحفظه، وقد اهتمّ الخزّافون في اليونان القديمة ومنطقة بحر إيجة بصناعة الفخّار ذي اللّون الأحمر، مع التّركيز على استخدام مجموعةٍ من الأشكال والزخارف المتنوّعة، التي ارتبطت بتراث تلك الحِقبة الزمنيّة.
ظهرت عدّة أوانٍ فخّاريّةٍ في العصر البرونزيّ، حيث كانت تماثيلَ لزينة السُّفن والمراكب البحريّة، وفي منتصف هذا العصر ساهم الإغريق في وضع أُسس المدارس الأولى لصناعة الفخّار؛ خاصّةً في المباني والقصور التي شهدت العديد من الأعمال التي استُخدِم الفخّار فيها بشكل رئيسيّ؛ من أجل إضافة ذلك التّصميم الفريد لها.
شهدت صناعة الفخّار تطوُّراً ملحوظاً في عصر الإمبراطوريّة الرومانيّة ؛ حيث أُدخِل الزّجاج والرّصاص في صناعته؛ لزيادة صلابة قطعة الفخّار، بالإضافة إلى الشكل الجميل واللون المناسب اللّذين يُضفيهما الزّجاج ؛ خاصّةً إذا خُلِط مع الطين في الطّبقات الخارجيّة.
المرحلة الإسلاميّة
شهدت صناعة الفخّار في العهد الإسلاميّ في كلٍّ من: مصر ، وبلاد الشام ، وبلاد الرّافدين ، ومناطق الأناضول منافسةً ملحوظةً مع المناطق الغربيّة والأوروبيّة في صناعته، وتحديداً في الفترة الزمنيّة الواقعة بين القرنين التاسع والثالث عشر للميلاد؛ إذ ظهر تأثير الفنون الإسلاميّة على صناعة الفخّار الذي تميّز بحرفيّةٍ عاليةٍ، وجودةٍ لا تُقارَن مع الفخّار المصنوع في البلاد الأخرى، وانتشرت الأواني الفخّاريّة في العديد من القصور، والمعالم التاريخيّة الإسلاميّة؛ ففي عهد الخلافة الأمويّة انتشرت الزّينة التي تعتمد الفخّار في القصور الدمشقيّة.
انتشرت الأواني الفخّاريّة بكثرةٍ في عهد الخلافة العباسيّة ؛ حيث استُعين في صناعتها بالأنماط الهندسيّة المتنوّعة، ولكن اقتصر استعمالها على الأدوات، والموادّ الخاصّة بالطّعام والماء، وساهم الخزّافون المسلمون في ابتكار العديد من الصناعات الفخّاريّة التي استعانت بها الشعوب الأخرى في أعمال الفخّار، ممّا أدّى إلى انتشارها في معظم أنحاء العالم.
مرحلة العصر الحديث
مرحلة العصر الحديث هي المرحلة التي تمتدّ من القرن الثامن عشر للميلاد إلى الوقت الحاضر، وشهدت صناعة الفخّار فيها تطوّراً ملحوظاً؛ وخصوصاً في قارّة أوروبا ، والولايات المتّحدة الأمريكيّة ، وكافّة أنحاء العالم عموماً؛ إذ ظهرت العديد من المصانع المتخصّصة في صناعة الفخّار، كما استُخدِمت مجموعة من الأدوات والوسائل التي ساهمت في تطوّر هذه الصّناعة، وزيادة الإنتاج الخاصّ بها في أغلب الدّول.
خصائص الفخّار
يتميّز الفخّار بمجموعة من الخصائص، ومنها:
- يُعدّ الفخّار من أسهل الموادّ استخداماً وصناعةً؛ فمن السّهولة التّعامل معه، وتصميمه، وتشكيله بما يتناسب مع الحاجة المُستخدَم فيها.
- تعدُّ صناعة الفخّار من الصّناعات التي شهدت تطوّراً مستمرّاً؛ منذ المراحل الأولى لاكتشافها، وصولاً إلى استخدام الأدوات الصناعيّة الحديثة.
- تمثّل منتجات الفخّار نماذج عن التطوّر الإنسانيّ في العصور الزمنيّة.