كيف تشكر الله
نِعَم الله
ينعم الإنسان في حياته بالعديد من النِعم من الله تعالى، وإنّ من يتفكّر في نفسه وحاله يُدرك نِعم الله -تعالى- عليه التي لا يُمكن حصرها وعدّها، ومنها: النِعَم الظاهرة؛ كالسّمع والبصر والمشي والعقل والقلب الذي ينبض ولا يتوقّف أبداً، والتوفيق والتيسيير للأمور الدنيويّة، ووجود الأهل والأقارب ومن يحبّهم الإنسان ويستأنس بهم، والأمن على المال والعيال نعمة، وتيسير الرزق نعمة، وقد يكون المرض والألم نعمة تتكشّف حِكمته لاحقاً ولو تأخرت فترة من الزمن، والله -سبحانه وتعالى- يؤكّد أنّ النّاس لا يستطيعون عدّ النِعَم، فقال الله تعالى: (وَإِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللَّهِ لا تُحصوها).
شُكْر النِّعَم
جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى مُخاطباً عباده: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)، وقال الشوكانيّ في تفسير هذه الآية الكريمة: (إنّ من شَكَر الله على رزقه وسّعه الله عليه، ومن شكره على توفيقه لطاعة، زاده الله توفيقاً لأداء الطّاعات ، ومن شَكَره على صحّته، متّعه الله بالصّحة)، وفيما يأتي تعريف الشُّكْر، وذكر أدلته في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة:
تعريف الشُّكْر
يُعرّف الشُّكْر لغةً واصطلاحاً كما يأتي:
- تعريف الشُّكْر لغةً: هو عِرفان النّعمة وإظهارها والثّناء بها.
- تعريف الشُّكر اصطلاحاً: إنّ الشُّكْر ينقسم إلى نوعين؛ وهما:
- شُكْر اللسان : وهو الثّناء على الله -تعالى- وملازمة حَمْده، والالتزام بأدعية الشكر .
- شُكْر الجوارح: وهو شكر الله -تعالى- بالالتزام بالأعمال الصّالحة التي تكافئ فضل الله -تعالى- ونِعَمه.
الأدلّة الشرعيّة على شُكْر الله
أمر الله -تعالى- عباده بشُكْره، وذكر ذلك في عدّة مواضع من القرآن الكريم ، وجاء في السنّة النبويّة أيضاً عدّة أحاديث عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وبيان ذلك فيما يأتي:
- أدلّة القرآن الكريم:
- (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ).
- (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).
- قال الله -تعالى- في الثّناء على أنبيائه الشّاكرين له:(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً)، وقال أيضاً: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ*شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
- أدلّة السنّة النبويّة:
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ للطاعمِ الشاكرِ من الأجرِ، مثلُ ما للصائمِ الصابرِ).
- قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (عجباً لأمرِ المؤمنِ، إنّ أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلّا للمؤمنِ، إن أصابته سرّاءُ شكرَ؛ فكان خيراً له)؛ فبشُكْر الله -تعالى- تزيد النِّعم على العبد.
كيفيّة شُكْر الله
قال ابن القيّم الجوزيّة رحمه الله: (الشُّكْر يكون بالقلب خضوعاً واستكانةً، وباللسان ثناءً واعترافاً، وبالجوارح طاعةً وانقياداً)، وفيما يأتي بيان كيفيّة شُكْر الله تعالى:
- شُكْر القلب: وهو الاعتقاد الجازم بأنّ كلّ النِّعم التي يتنعّم بها الإنسان هي من عطاء الله -عزّ وجلّ- وحده، فلا شريك سواه أنعم بها على الإنسان، ومن ظنّ أن شيئاً من النِّعم هي من تدبير الإنسان لنفسه، أو من جهده وذكائه فهذا ذنب ارتكبه، ويجب عليه أن يتوب منه، وأن يُرجع الفضل لله -تعالى- وحده، قال الله تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ)، فبعض النّاس يعلم أنّ الله -تعالى- هو الرزّاق وهو المُنعِم ولكنّه يردّها إلى سواه، وفي هذا جحود وكُفْر بالله تعالى.
- شكر اللسان: هو الاعتراف صراحةً ولفظاً بأنّ النِّعَم من فضل الله -تعالى- عليه، والإكثار من حَمْد الله -عزّ وجلّ- باللسان، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنّ اللهَ ليرضى عن العبدِ أن يأكلَ الأكلةَ فيحمدَه عليها، أو يشربَ الشربةَ فيحمدَه عليها)، فمن أكل أو شَرِب فحَمَد الله -تعالى- كان ذلك سبباً لرضى الله -تعالى- عليه.
- شُكْر الجوارح: وهو تسخير الجوارح في طاعة الله تعالى، والالتزام بما أمر وتجنّب ما نهى عنه، فعندما سألت عائشة -رضي الله عنها- رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه يُطيل القيام وقد غُفر ذنبه، فأجابها: (يا عائشةُ، أفلا أكونُ عبداً شكوراً)، فنِعَم الله -تعالى- على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، ومغفرته لذنبه زادت رغبته في العمل الصالح شُكراً لله تعالى، ومن شُكْر الجوارح ترك المعاصي والمُحرّمات ، فقد قال بعض العلماء: (الشُّكْر أن لا يُستعان بشيءٍ من النِّعَم على معصيته، فترك المعاصي والذّنوب هو شكر لله -تعالى- على نعمه وإحسانه).
ثمرات الشّكر
إذا كان المؤمن شاكراً لله -تعالى- في كلّ أحواله، وإذا لازم المسّلم هذه الصفة دائماً؛ فإنّ ذلك سينعكس عليه وتظهر ثماره في الدينا والآخرة، ومن ثمار الشّكر ما يأتي:
- إنّ الشُّكر هي صفة من صفات المؤمنين ؛ فقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (عجباً لأمرِ المؤمنِ؛ إن أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلّا للمؤمنِ، إن أصابته سرّاءُ شكرَ فكان خيراً له...).
- إنّ الشُكر يعدّ سبباً في رضا الله تعالى، فقال الله تعالى: (وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ).
- إنّ الشّاكر يأمن عذاب الله تعالى، فقد جاء في القرآت الكريم: (مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ).
- إنّ شُكر الله -تعالى- يعدّ سبباً في زيادة الإكرام والعطاء من الله تعالى، حيث قال: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).
- إنّ الشّاكر لله -تعالى- له الأجر العظيم في الآخرة ؛ فقد قال الله تعالى: (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)، فالله -تعالى- وعد الشّاكرين له بالأجر العظيم.