كيف تحسب النفقة للمطلقة
كيف تحسب النفقة للمطلقة
يرى الفقهاء أنّ تقدير نفقة الزوج ة يكون بحسب حال زوجها يسيراً كان أو عسيراً لقول الله -تعالى-: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)، ولقوله تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ)، فنفقة الزوجة مقدّرة بالشرع بحسب الحال الذي يعيشه الزوج.
فإن كان الزوج موسراً في كسبِه وماله فتقدّر النفقة بمُدَّين في كل يوم، وإن كان الزوج مُعسراً فلا يقدِر على الكسب وجلب المال فإنه يجب عليه مُداً في كل يوم، ومن كان حاله بين اليُسر والعُسر فهو من الفئة متوسطة الحال، فيجب عليه مُداً ونصف في كل يوم، فالله -تعالى- قد فرّق بين الموسر والمعسر في الآية التي أُسلفت، وأوجب على كلّ واحدٍ منهم نفقة بحسب حاله.
ولم يُبيّن المقدار في نصّ صريح بالشرع، فقام الفقهاء بتقديره اجتهاداً، وأقرب ما تقاس عليه النفقة هو الطعام في الكفارة ؛ لكونه طعام أوجبه الشارع لسدّ الجوع، وأكثر مقدار يجب في الكفارة هو مقدار مُدّان للمسكين في فدية الأذى، وأقلّها ما أوجبه الشارع في كفارة الجماع في شهر رمضان ، وأمّا المتوسط فقد قِّر بمُد ونصف لأنّه دوم الموسر في الكسب، وفوق المعسر، وتجب النفقة على الموسر والمعسر بالمعروف.
ويجوز تقدير النفقة نقداً كإعطاء المال للزوجة لكفاية نفسها، أو عيناً بأن يؤمن لها الزوج احتياجاتِها من طعام، وشراب، ولباس، كما يصّح أن تفرض النفقة للزوجة في كلّ سنة أو في كلّ شهرٍ، أو في كلّ أسبوعٍ، أو كلّ يومٍ بحسب قدرة الزوج وحالِه.
نفقة المطلقة
تختلف نفقة المطلقة باختلاف وقوع الطلاق، وفيما يأتي تفصيل ذلك:
نفقة المطلقة طلاقاً رجعياً
أوجب الشرع النفقة للمطلّقة طلاقاً رجعياً ودليل ذلك ما روته فاطمة بنت قيس عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنّه قال: (إِنَّما النَّفَقَةُ والسُّكْنَى لِلْمَرْأَةِ ، إذا كان لِزَوْجِها عليْها الرَّجْعَةُ).
وأوجب الشارع السكن للمطلقة طلاقاً رجعياً حيث قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ)، فيفيد النهي عن إخراج الزوجة من البيت وجوب السكن لها.
ووجوب النفقة للمطلّقة رجعياً حكم قد اتّفق الفقهاء عليه، وتشتمل نفقة المطلّقة رجعياً على السكن والكسوة وسائر لوازمها الشرعيّة، وسواءً كانت الزوجة حاملًا أم لم تكن؛ وذلك لأنّ آثار الزوجيّة باقية في مدّة عدّتها.
لا نفقة للمطلقة طلاقاً بائناً إلا أن تكون حاملاً
وفي حال كان الطلاق بائناً بينونة كبرى، أو بينونة صغرى فلا نفقة للزوجة إلّا إذا كانت حاملاً؛ حيث أجمع الفقهاء على وجوب النفقة للحامل حيث قال الله -تعالى-: (وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).
ولحديث فاطمة بنت قيس مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حيث قال: (ما لَكِ نَفَقَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا)، ولأنّ الحمل هو إنجاب ولد للزوج الذي طلّق الزوجة، فوجب عليه الإنفاق عليه، وهذا لا يكون إلاَّ بالإنفاق على أمّه أيضاً، وتعددت آراء الفقهاء في سبب النفقة إن كان للحامل لأجل حملِها أم للحمل ذاته.
أمّا إن لم تكن الزوجة حاملًا فقد تعددت آراء الفقهاء في حقها على ثلاثة أقوال كما يأتي:
- مذهب الحنفيّة ذهب إلى أنّها تستحق النفقة والسكن.
- مذهب المالكيّة، والشافعيّة، ورواية عن الحنابلة قالوا باستحقاقها السكن دون النفقة.
- مذهب الحنابلة، قالوا بأنّها لا تستحق النفقة ولا السكن.
ما هي متعة المطلقة؟
تُعرفُ متعة الطلاق بأنّها قدرٌ من المال يجب على الزوج أن يدفعه لطليقتِه التي فارقها، ليطيّب خاطرها ويجبر ما أصابها من بأس على الفراق الذي وقع بينهما، وذهب الفقهاء إلى مشروعية المتعة للمرأة المطلقة قبل الدخول، ما لم يكن لها مهراً مفروضاً.
ودليل ذلك قول الله -تبارك وتعالى-: (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)، وتكون متعة المطلقة بحسب حال الزوج من القدرة والسّعة على الإنفاق.