كيف الثناء على الله
صيغ الثناء على الله
أمثلة الثناء على الله وتمجيده كثيرة، منها ما يأتي:
- بدء الدعاء بالثناء على الله وتمجيده، والاعتراف بنعمه وفضله
ومن ذلك: دعاء يوسف عليه السلام: (رَبِّ قَد آتَيتَني مِنَ المُلكِ وَعَلَّمتَني مِن تَأويلِ الأَحاديثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالأَرضِ أَنتَ وَلِيّي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ تَوَفَّني مُسلِمًا وَأَلحِقني بِالصّالِحينَ)، ودعاء الملائكة: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ).
- الدعاء بما قال به النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قبل الدعاء
حيث كان إذا قام في الليل يتهجَّد يُكثِر من حمد الله وتمجيده بين يدي الدّعاء، ويُقرّ لربّه -جلّ وعلا- بالألوهية؛ حيث كان يقول: (اللهمّ لك الحمدُ، أنت نورُ السماواتِ والأرضِ ومن فيهن، ولك الحمدُ، أنت قيِّمُ السماواتِ والأرضِ ومن فيهن، ولك الحمدُ، أنت الحقُّ، ووعدُك حقٌّ، وقولُك حقٌّ، ولقاؤك حقٌّ، والجنةُ حقٌّ، والنارُ حقٌّ، والساعةُ حقٌّ، والنبيون حقٌّ، ومحمدٌ حقٌّ، اللهمّ لك أسلمتُ، وعليك توكلتُ، وبك آمنتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصمتُ، وإليك حاكمتُ، فاغفر لي ما قدمتُ وما أخرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، أنت المقدِّمُ وأنت المؤخِّرُ، لا إله إلا أنت).،
وهذا من آداب الدعاء؛ حيث يُقدّم المسلم دعاءه بالثناء على الله، ووصفه بما يليق به من صفات الجلال والكمال ممّا يكون أبلغ في استجلاب رضا الله تعالى وإجابة الدّعاء.
- يتّجه المسلم بدعائه بذكر أسماء الله الحسنى، وأفعاله العظيمة، واستحضار آلائه
وقد جاء عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في أذكار النوم قوله: (اللهمَّ ربَّ السماوات ِوربَّ الأرضِ وربَّ العرشِ العظيمِ، ربَّنا وربَّ كلّ شيء، فالقَ الحبِّ والنوى، ومنزلَ التوراةِ والإنجيلِ والفرقانِ، أعوذ بك من شرِّ كلِّ شيءٍ أنت آخذٌ بناصيته، اللهمَّ أنت الأولُ فليس قبلك شيء، وأنت الآخرُ فليس بعدك شيء، وأنت الظاهرُ فليس فوقَك شيء، وأنت الباطنُ فليس دونك شيء، اقضِ عنا الدَّينَ وأغنِنا من الفقرِ).
- الثناء على الله -تعالى- في الصلاة بالأدعية المأثورة الصحيحة
ومنها دعاء الرفع من الركوع وهو: (اللَّهمَّ ربَّنا لَكَ الحمدُ ملءَ السَّماواتِ وملءَ الأرضِ وملءَ ما شئتَ مِن شيءٍ بعدُ أَهْلَ الثَّناءِ والمَجدِ)، وكذلك ما ورد من الأدعية عقِب الصلوات.
الثناء على الله
إنّ من واجب المسلم تجاه خالقه أن يثني عليه ويحمده ويشكره على جُلّ نعمه، فما هو ثناء العبد على ربه، وكيف يكون ذلك؟
تعريف الثناء على الله
يُقصَد بثناء العبد على الله سبحانه وتعالى أن يُمجّد العبد ربّه ويبدأ دعاءه بحمد الله وشكره، ونداء الله -تعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وأن يعترف العبد بذُلّه وضعفه بين يدي ربّه، ويعترف له بعظيم فضله وسابغ نعمه وكرمِه، والثناء على الله صفة يحبّها الله -تعالى- في عبده، وهي أدعى لإجابة دعاء الدّاعي.
حيثُ جاء في الحديث أنّ رسول اللَّه -صلّى اللَّه عليه وسلّم- سمع رجلاً يدعو في صلاته لم يُمجّد اللَّه تعالى، ولم يصلّ على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: (عَجِلَ هَذَا، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ).
حق الله على عباده أن يثنوا عليه ويحمدوه
خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان فسّواه وعدله، وصوّره فأحسن صورته، وكرّمَه ومنحه العقل، وجعله خليفة في الأرض، وسخّر له كلّ ما فيها، وأكرمه بالتّكليف وهداهُ السبيل، وبعث إليه الرّسل مُبشرين ومنذِرين حتى لا يزّل أو يضلّ، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
ومن حقّ الله -سبحانه وتعالى- على العباد أن يوحِّدوه ولا يشركوا به شيئاً، فهو الخالق وما سواه مخلوق ضعيف، وهو الرازق وما سِواه مرزوق محتاج، وهو الفعّال لما يريد، وكلّ ما سواه عاجزون عن خلق ذبابة، وله الملك والأمر، فلا ربَّ سواه، ولا إله غيره، وواجب العباد أن يعرفوا عظمة الله -سبحانه وتعالى- وفضله، فيُثنون عليه الثناء الحسن، ويمجّدونه ويذكرونه بما هو أهل له.
ثناء الله على نفسه
أثنى المولى -عزّ وجلّ- على نفسه كثيراً في القرآن الكريم، وفي هذا الثناء حِكَم عظيمة؛ إذ يستحضرُ العبد دائماً عظمة المولى، وفيه تدريب للمسلم المداوم على قراءة القرآن على تمجيد الله والثناء عليه بما أثنى به هو على نفسه؛ فيمتلئ قلب المؤمن بعظمة الله، وينشغل لسانه بذكره، فهو أهلٌ لكلّ مديح وثناء، ومن ثناء الله -تعالى- لنفسه ما يأتي:
ثناء الله على نفسه في القرآن الكريم
- أثنى الله -تعالى- على نفسه في أعظم سورة في القرآن الكريم وهي سورة الفاتحة، وجُعِلَت أصلاً في صلاة المسلم، فلا تصحّ صلاته إلّا بتلاوتها، لذا كانت الصلاة تبدأ بالثناء على الله، وابتداء قراءة القرآن الكريم كذلك؛ حيث وصف المولى ذاته العليّة فقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
- أثنى الله -تعالى- على نفسه في آية الكرسي، فهي أعظم آية في القرآن الكريم لعظيم الثناء والتّمجيد فيها لله سبحانه وتعالى.
- يعدّ كلّ حمدٍ لله -تعالى- ثناءٌ عليه، والقرآن الكريم مليء بالحمد لله تعالى؛ حيث افتُتِحَت خمس سور من القرآن الكريم بالحمد، وهي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر؛ حيثُ ذُكِرَ الحمد في أكثر من عشرين موضعاً في القرآن الكريم.
ثناء الله على نفسه بالذكر والتسبيح
يعدّ التّسبيح إظهار لتنزيه الله -تعالى- عن كلّ عيب أو نقص، وهو من أعظم ما أثنى به الله -سبحانه وتعالى- على نفسه، وقد ورد التّسبيح في سبعة وثمانين موضعاً في القرآن الكريم، وافتُتحت به سبع سور، هي: الإسراء، والحشر، والصف، والجمعة، والحديد، والتغابن، والأعلى.
وكلّ تبريكٍ في القرآن يعدّ ثناءً على الله تعالى، وقد ورد في ثمانية مواضع في كتاب الله، وافتتح به سورتي الفرقان والمُلك، واختُتم به سورة الرّحمن التي امتلأت ذكراً لله تعالى وآلاءه، حيث قال الله -تعالى- في آخرها: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ).
ثناء الله على نفسه بذكر صفاته وقدرته
أثنى الله -سبحانه وتعالى- على نفسه بالحياة في صيغ متعدّدة؛ إذ إنّ حياته دائمة لا موت فيها، ولا يعتريها سهو أو نعاس، ووصف ذاته العليّة بالعلم بكلّ شيء؛ حيث قال: (وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)، ووصف نفسه بالقدرة التي لا يحدّها حدّ، فهو قادر على إبدال خلقه، وجمعهم يوم القيامة؛ حيث قال: (إِنَّا لَقَادِرُونَ* عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ).