كيف اطفئ غضب الله
كيف أطفئ غضب الله
يسعى الإنسان المؤمن دائمًا لنيل رضا الله -تعالى- ، ولكن في بعض الأوقات قد يقع في أخطاء تُغضب الله -تعالى-؛ فيجب عليه حينئذٍ المسارعة إلى الندم، والتوبة، والإكثار من العبادات والطاعات؛ إذ يُعتبر الإيمان وما ينتج عنه من طاعاتٍ وعباداتٍ من أعظم الأسباب لنيل رضا الله -تعالى-، وإطفاء غضبه ونيل رضوانه وجنته، وفيما يلي سنُبيّن بعضًا من هذه العبادات.
الصدقة
يُستحب للمؤمن المخطئ أن يقوم بالتّصدق سرًا؛ لينال رضا الله -تعالى-؛ فالصدقة تُطفئ غضب الله -تعالى- كما ثبت في حديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا كعبَ بنَ عُجرةَ الصَّلاةُ قُربانٌ والصِّيامُ جنَّةٌ والصَّدقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يطفئُ الماءُ النَّارَ يا كعبَ بنَ عُجرةَ النَّاسُ غاديان فبائعٌ نفسَه فموثقٌ رقبتَه ومبتاعٌ نفسَه في عتقِ رقبتِه).
وتُعد الصدقة من أعظم العبادات عند الله -تعالى-؛ إذ إنَّها تجعل المجتمع كالجسد الواحد المُتكافل، فيبذل القوي من ماله لمُساعدة أخيه المُحتاج في تفريج كربته، فيفرج الله -تعالى- عندها عن المتصدق، ويمحو خطيئته، ويرضى عنه في الدنيا والآخرة.
الصيام
يُستحسن بالمسلم المُخطئ الإكثار من الصيام؛ إذ به تُكفَّر الذنوب والخطايا وينال العبد رضا الله -تعالى-، وقد ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ، ومالِهِ، ووَلَدِهِ، وجارِهِ، تُكَفِّرُها الصَّلاةُ والصَّوْمُ والصَّدَقَةُ، والأمْرُ والنَّهْيُ).
ومن أعظم نعم الله -تعالى- على المؤمن أنّه جعل له أبواب التوبة والعبادات مفتوحة في كل الأوقات؛ فكل إنسان يقع بالزّلل والخطأ بحكم بشريّته وطبعه، ويُستحب له حينها المسارعة في التوبة والندم والرجوع عن خطئه، والإكثار من الصيام؛ فهو باب من أبواب العبادات التي تكفّر صغائر الذنوب، وتطفئ غضب الله -تعالى-.
وصيام شهر رمضان المبارك بالتحديد فيه أجر وثواب عظيم وتكفير للذنوب والخطايا؛ قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ).
كما يُعد الصيام من أهم العبادات التي تُحصّن قلب المؤمن من الوقوع في الذنوب والمعاصي؛ إذ في الصيام تهذيبٌ للنفوس، ومن خلاله ترتقي القلوب وتتقرب من الله -تعالى-، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الصَّومُ جُنَّةٌ من عذابِ اللَّهِ).
فدلّ الحديث على أنّ الصيام مُحصّن ومانع من الوقوع في الذنوب، كما أنَّه يُجنّب العبد عذاب وغضب الله -تعالى-.
بر الوالدين
حث الإسلام على برّ الوالدين ، والإحسان إليهما، والعطف عليهما، ورعايتهما وخاصة عند الكبر، ويُعتبر برُّ الوالدين سببًا من أسباب توفيق المؤمن، وحمايته من الوقوع في الصعاب، كما أنَّ برّ الوالدين من الطاعات التي ترفع البلاء والشدائد عن المؤمن البار بوالديه، بالإضافة إلى أنَّها تُطفئ غضب الله -تعالى-.
قال الله -تعالى-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).
لذا يجب على كل مسلم احترام والديه بالقول الحسن والفعل المهذب، من غير تأففٍ أو إهانة، ومن عظم برّ الوالدين أنَّه سببٌ من أسباب قبول الدّعاء، وأنَّ عقوقهما سبب من أسباب جلب البلاء.
التوبة إلى الله والإكثار من الاستغفار
يجدر بالمسلم الإكثار من الاستغفار والتوبة بإخلاص لله -تعالى-، وذلك لأنَّ من طبيعة البشر الوقوع في الخطأ والزلل والنسيان على الدوام، ومن نعم الله -تعالى- على خلقه أن جعل لهم باب التوبة مفتوحًا في أي وقتِ وفي كل حين للتكفير عن الذنوب والخطايا، ولإطفاء غضب الله -تعالى-، قال الله -تعالى-: (وَتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
فهنا يظهر أنَّ الفلاح مقرون بكثرة التوبة والرجوع إلى الله -تعالى- داخليًا وخارجيًا، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، فالاستغفار يمنع من وقوع عذاب الله -تعالى-، ويطفئ غضبه -سبحانه وتعالى-.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم العبادات التي تُكفّر الذنوب والخطايا، وتدفع البلاء، وعندما يقلُّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الناس وفي المجتمع المسلم تكثر المعاصي والآثام وينزل عقاب الله -تعالى- وغضبه على أهل البلد كافّة الصالح منهم وغير الصالح.
وذلك لأنّ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سببٌ من أسبابِ سخط الله -تعالى- وغضبه، وأفضل الناس عند الله -تعالى- هو الذي قام بإصلاح نفسه وامتد صلاحه لمن حوله من الناس.
صلاة الرجل في جوف الليل
يستطيع المسلم المُخطئ تكفير خطاياه من خلال الإكثار من قيام الليل ؛ فالصلاة في جوف الليل أفضل النوافل عند الله -تعالى-، وسبب من أسباب إطفاء غضب الله -تعالى- وتكفير الذنوب والخطايا ونيل رضوانه، قال الله -تعالى-: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وأجر قيام الليل عظيم عند الله -تعالى- ، ويستطيع المسلم قيام الليل من خلال التّنفل من بعد صلاة العشاء، أو عند الاستيقاظ في جوف الليل، فيصلِّي عندها ويدعو الله -تعالى-، ويتقرّب إليه بذكره ومناجاته.
أهمية تجنب غضب الله على العبد
يجني المسلم الكثير من الثمرات عند تجنّبه غضب الله -تعالى-، والمحافظة على رضاه عنه، سنذكر أهمها فيما يأتي:
- دفع البلاء والمصائب عن المسلم قبل وقوعها.
- رفع البلاء والمصائب بعد وقوعها.
- رضا الله -تعالى- يرجع على العبد بالخير والثواب والعظيم؛ في مقابله غضبه الله -تعالى- الذي يؤدي إلى سخطه ووقوع عذابه.
- نيل الثناء من الله -تعالى-.
الخلاصة
الإنسان كثيرُ الخطأ والزّلل؛ ولطبيعته هذه أكرمنا الله -سبحانه وتعالى- بالعديد من الأبواب والسّبل التي من خلالها يستطيع المسلم التكفير عن أخطائه أولاً بأول، والمسارعة في إطفاء غضب الله -تعالى-، وهي أبواب كثيرة تحدث عنها المقال بالتفصيل؛ كالصيام، وبر الوالدين، وقيام الليل، وغيرها الكثير من أبواب الخير والطاعات.