كيف اصير مفسر احلام
هل تفسير الأحلام موهبة أم اكتساب
يتساءل العديد من الناس عن كيفية تعلّم تفسير الأحلام، ولكن يجدر توضيح عدّة أمور مهمّة تتعلّق بذلك، حيث إنّ تفسير الأحلام لا يعدّ علماً مكتسباً بحدّ ذاته، بل هو للإلهام أقرب، وموهبة يجعلها الله -تعالى- بمن شاء من عباده، ولا يُمكن الاعتماد بشكلٍّ كلّي على ما جاء في الكُتب؛ لأنّ تفسير الأحلام يختلف بحسب أحداث الرؤيا وأحوال الناس.
يقول معبّر الرؤى عبد الغني النابلسي: "وللمعبِّرين طرقٌ كثيرة في استخراج التأويل، وذاك غير محصور، بل هو قابلٌ للزِّيادة باعتبار معرفة المعبِّر، وكمال حذقِه وديانتِه، والفتح عليه بهذا العلم، والله يهدي مَن يشاء إلى صراط مستقيم"، وقال الدرديري: "وَالْعِلْمُ بِتَفْسِيرِ الرُّؤْيَا لَيْسَ مِنْ كُتُبٍ، ...بَلْ يَكُونُ بِفَهْمِ الْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ وَفِرَاسَةٍ وَعِلْمٍ بِالْمَعَانِي".
وقال بعض أهل العلم: يمكن تعلّم شيء من تفسير الأحلام مع التأكيد على كونه ليس علماً مكتسباً بشكلٍ كلي، وذلك من خلال الرجوع إلى مصادر تفسير الرؤى لعلماء معتبرين، وتدبّر أحاديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- التي يفسّر فيها الرؤى لأصحابه، بالإضافة إلى ما أُثِر عن الصحابة الكرام وعن العلماء المعتبرين.
قال ابن باز: "ينبغي لمن أراد التفسير أن يعتني بما جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير الرؤيا، وما جاء عن الصحابة، والسلف الصالح، وما ذكره العلماء المعتمدون -كابن القيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم من أهل العلم-"، فالحاصل أنّ مفسّر الأحلام لا يكفيه تفسير الأحلام من خلال الاطلاع والقراءة فقط، بل هي مَلَكة وموهبة وفراسة أكرمه الله -تعالى- بها.
حكم تفسير الأحلام بغير علم
لا يجوز تفسير الأحلام بغير علم وبصيرة، بل قد يكون في ذلك تقوّل على الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بغير علم، قال ابن باز: "ولا ينبغي له أن يقدم على التأويل إلا عن بصيرة وعن علم، حتى لا يكذب على الله، ولا على رسوله عليه الصلاة والسلام".
ويجب الحرص أيضاً على عدم تفسير الأحلام دائماً من الكتب دون بصيرة، فقد جاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي قوله: "وقد يدْعو بعضَ مَن لا علم لهم إلى تعبيرِ الأحلام على وفْق ما يَجدونه في تلك الكتب، ويكون تعبيرُهم لَها بِخلاف تأْويلِها المطابق لها في الحقيقة، فيكونون بذلك من المتخرِّصين القائلين بغير علْم".
صفات مفسّر الرؤى والأحلام
لا شكّ أنّ التعرف على الصفات التي يجب توفّرها في معبّر الرؤى أمر مهم، إذْ به يطمئن الناس إلى صِدق مَن يُعبّر لهم وسلامة تأويلهم، كما أنّ علم تأويل الرؤى علم شريف لا يصحّ التصدّي له من قِبل أي أحد، وكلّما كان معبّر الرؤى قريباً من الله كان تفسيره أصدق، يقول ابن القيّم: "كُلَّمَا كَانَ الرَّائِي أَصْدَقَ كَانَتْ رُؤْيَاهُ أَصْدَقَ، وَكُلَّمَا كَانَ الْمُعَبِّرُ أَصْدَقَ، وَأَبَرَّ وَأَعْلَمَ كَانَ تَعْبِيرُهُ أَصَحَّ".