كيف أنظف قلبي من الذنوب
كيفية تنظيف القلب من الذنوب
شعور المرء بالتقصير تجاه الخالق -عزّ وجل- ينبع من ضميره الحيّ والواعي، إذ إنّ شعور الإنسان بثقل ذنوبه عليه وكأنه يحمل حملاً ثقيلاً على كاهله يولّد لديه الحاجة الماسّة لتنقية قلبه ونفسه مما علق بهما من الذنوب والآثام ، وهي بداية طريق خيرٍ وصلاح، وهي من أهم خطوات الرجوع إلى المسار الصحيح.
ومن رحمة الله -عز وجل- بعباده أنّ رحمته وسعت كل شيء، وأنّه -سبحانه وتعالى- يقبل المخطئين إذا تابوا وأنابوا، ومَن أراد تنقية قلبه وتطهيره من الذنوب فعليه أن يعمر هذا القلب بحبّ الله وطاعته ورجائه والرجوع إليه، ومن أهمّ الأسباب المعينة على تطهير القلب من الذنوب والمعاصي ما يأتي:
التوبة الصادقة
لا بدّ من التخلية لتطهير القلب من الذنوب والشوائب، ويكون ذلك بتوجّه العبد إلى ربّه و التوبة الصادقة إليه، مع يقينه بأن الله -تعالى- سيغفر له ذنوبه وسيتوب عليه، فالله -عز وجل- يتقبّل توبةَ العبد، ويفتح أبواب التوبة للتائبين، ويَقبَلُ ندم النادمين، ولم يجعل -سبحانه- للقنوط من رحمته سبيلاً لخَلقه.
قال -سبحانه-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللّه يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، ولا بدّ لمن يريد التوبة أن يترك الذنب، ويندم على فعله، ويعزم على الصدق في توبته وعلى عدم الإصرار على فعل المعصية.
استشعار عظمة الله تعالى
إنّ استحضار عظمة الله في القلب تقي المؤمن من الوقوع في الشهوات والذنوب؛ لأنّه يُدرك حينها أنّ الله -جلّ جلاله- بعظمته مطَّلِعٌ عليه ويراقبه، فلا يجعل الله أهون الناظرين إليه، فالعاصي عندما يقع في الذنب لا يكون مستشعراً لهذه الهيبة والعظمة، لِذا سرعان ما يهتك الحجاب بينه وبين خالقه، أما لو قَدَرَ الله حقّ قدره فلن يعصيه ولو كان لوحده.
عدم تكرار الذنب
إنّ ممّا يعين على عدم تكرار الذنوب الابتعاد عن مسببات الوقوع في المعصية؛ مثل رفاق السوء، ووقت الفراغ، والخلوة، والتفكير بالمعصية، وغيرها من المسبّبات التي لو استرسل فيها العبد لانقاد وراء شهواته، وعلى المرء كلّما وقع في الذنب أن يُسارع في التوبة والرجوع إلى الله -تعالى- وإن كرّر الذنب، ثمّ يُجاهد نفسه ويُحصّنها حتى لا يرجع لمثل ذلك.
تذكّر عواقب الذنوب وآثارها
إنّ للمعاصي والذنوب أثراً سلبياً تتركه في نفس وقلب مَن يفعلها، فهي سببٌ في مرض القلب ، وقد يؤدي تكرار فعل الذنوب إلى الطّبع على القلب وعدم التمييز بين الحق والباطل، وربّما تطوّر الأمر إلى حبّ الباطل وكره الحق، والذنب يحرم صاحبه من لذة الطاعة وحلاوة الإيمان، ثمّ إنّ الإنسان قد تُختم حياته وهو يفعل بالذنب -والعياذ بالله-، فيكون من الذين ساءت خاتمتهم.
معينات أخرى لتطهير القلوب
هناك العديد من الوسائل الأخرى التي تُعين العبد على تطهير قلبه من الذنوب والمعاصي، وبالتالي قربه من خالقه -جلّ وعلا-، ومنها:
- الالتزام بأداء الفروض والصلاة
حيث إنّ الالتزام بالفروض الخمسة التي فرضها الله -عز وجل- علينا مع إحسان الوضوء ومراعاة الخشوع في الصلاة ممّا يُطهّر البدن والقلب، ويُحصّن الإنسان من همزات الشياطين، وصدق الله -تعالى- عندما قال: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).
- المحافظة على تلاوة القرآن الكريم
إذ إنّ قراءة وِردٍ يومياً من القرآن الكريم تزيدُ المسلمَ ثباتاً على دينه، وتحفظ الصلةَ الروحانية بينَه وبين الله -عز وجل-، كما أنها تجلبُ رِقّة القلب ونقاءَ السريرةِ والطمأنينة وراحة البال لمن تدبّر وتفكّر، وتحفّز المسلم على الالتزام بأخلاق القرآن الكريم، وحينها سيبتعد من تلقاءِ نفسهِ عن الوقوع في الإثم والخطأ قدر ما أمكن.
- الإكثار من الذكر والالتزام بأذكار الصباح والمساء
حيث إنّ كثرة ذكر الله -تعالى- وخاصة الاستغفار، والتزام المرء بأذكار الصباح والمساء يُحصِّنُه ويُبعد عنه الشيطان ووساوسه، ويحفظه من السوء، كما أن الذكر يُحي القلب وينعش الروح ويزيل عن القلب سوادَه.
- اللجوء إلى الله -تعالى- ب الدعاء الصادق
حيث إنّ وقوف العبد بين يدي ربّه وسؤاله أن يطهّر قلبه ويثبّته من أكثر المعينات له على ذلك، ويفضّل أن يتحرّى أوقات إجابة الدعاء، ويُمكنه أن يدعو فيقول: "اللهمَّ كَرِّه إلينــا الكفر والفسوق والعصيان، وباعد بيننا وبين الخطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب".
- إتباع السيئة بالحسنة
إذ إنّ عمل الصالحات وإعمار القلب بالطاعة بعد الوقوع في المعصية ممّا يُعين على الثبات والهداية.