كيف أنسى إساءة الناس
المسامحة
تعرف المسامحة بأنها العفو عن الشخص الذي سبّب الإساءة لشخص ما بأيّ شكل من الأشكال، كما وتعرف بأنها التخلي عن فكرة الانتقام أو ردّ الإساءة له والاكتفاء بتجاوز الأمر السيّئ الذي حصل، والمسامحة مهمة جداً للإنسان؛ لأنها تحدّ من الألم الذي يشعر به، كما أنها تخفّف من ثقله عليه، وتسهم المسامحة أيضاً بشكل كبير في رفع ثقة الإنسان بنفسه وخاصة حين يكون قادراً على ردّ الأذى وإيلام الشخص الذي أساء له، وهو ما يعود على النفسية بالخير.
أنواع الإساءة
يوجد العديد من الإساءات التي تمارس من قبل أشخاص على غيرهم من الناس، ومن هذه الأنواع:
الإساءة الجسدية
تعتبر الإساءة الجسدية هي أبرز أنواع الإساءات، وأحياناً يظنّ الناس أن كلمة الإساءة محصورة في هذا النوع فقط، وتتضمّن هذه الإساءة اللكم والضرب والصفع وكلّ ممارسات العنف الجسدي التي يستخدمها شخص ما مع شخص أقل منه في القوة وله القدرة على السيطرة عليه، وهي تتضمّن كذلك جعل شخص يشعر بأنه غير آمن جسدياً، وأنه مهدّد بالتعرض للعنف في أي وقت.
الإساءة العاطفية أو اللفظية
تعتبر آثار الإساءة الجسدية واضحة بحيث يمكن لأي أحد أن يلاحظها وهو ما يجعلها معروفة، أما بالنسبة للإساءة اللفظية فعادة ما يظن الناس بأنها لا تندرج تحت بند الإساءة؛ وذلك لأنه عادة ما لا يمكن ملاحظتها، وحتى إذا تم ذلك فإن الكثير من الناس لا يعيرها أي اهتمام يذكر بسبب أنها لم تتخطّ حاجز الكلام، ولكن هذا النوع من الإساءة يعمل على تدمير شخصية الإنسان، وخاصة إذا ما مورس عليه لمدة طويلة من الزمن، وهو ما يتطلّب وقتاً طويلاً للعلاج وتخطّي هذا النوع من الإساءة.
الإساءة العقلية أو النفسية
تقوم هذه الإساءة بشكل أساسي على توجيه الأذى النفسي والعقلي للشخص عن طريق الممارسات التي تربكه وتجعل صحته النفسية سيئة يوماً بعد يوم، وهذا النوع يتضمن سلوكات على شكل سلسلة من الأفعال التي تهدف إلى تحطيم نفسية الإنسان كتشكيكه بقيمته الإنسانية أو المساس بصحّته العقلية عن طريق جعله يفكر بطريقة معينة تؤذيه، وهذا ما يؤثر على نوعية وجودة حياته، كما أنّ الأمر السيئ في هذا الأمر أنه يؤدي إلى تعلّق الضحية بالشخص المسيء بسبب قدرته على التحكم فيها بسبب لسيطرة على أفكارها، وهو ما يجعل حالتها تسوء أكثر فأكثر، وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشكلة الكبرى في هذا السياق هي أنّ الأشخاص المعنفين نفسياً قد يتردّدون في الإفصاح عن مثل هذه الإساءات، بسبب الخوف من عدم التصديق، ما يدفعهم إلى السكوت واحتمال هذا النوع من الإساءة.
الإساءة المادية أو الاقتصادية
يتمركز هذا النوع من الإساءة حول امتلاك السلطة والقوة، وعندما تكون القوة المالية في يد شخص سيّئ فإنه قد يقوم بممارسة هذا النوع من الإساءة على الأشخاص الآخرين، ومن صوره السيطرة الكاملة على ميزانية المنزل وعدم إشراك الآخرين في هذا الأمر، أو اقتراض الديون باسم شخص آخر، أو عدم السماح لشخص ما بالعمل عندما يكون راغباً بهذا، وهذا ما قد يؤثر على حياة الإنسان بشكل كبير في المستقبل ويمنعه من تحقيق الاستقرار المادي في حياته.
الإساءة الثقافية أو المتعلقة بالهوية
تعني هذه الإساءة التحكم بالثقافة التي ينتمي إليها نوع معين من الناس، وجعلهم يعانون بسبب انتمائهم إلى فئة ثقافية معينة، وتتضمّن على سبيل المثال إقصاء الأشخاص الذين لا يتكلمون لغات محددة لا تعجب بعض الأشخاص، أو الاستهزاء بطريقة لباس أشخاص ينتمون إلى ثقافة معينة والاستهزاء بكلّ ما يتعلّق بهويتهم الإنسانية؛ لإقصاء هذه الثقافة وممارسة التنمّر على هؤلاء الأشخاص.
كيفية نسيان الإساءة
هناك العديد من الطرق لتجاوز الإساءات التي يوجهها الناس، ومنها:
جعل النفس أولوية
تؤدي الإساءة إلى أضرار نفسية وعقلية وجسدية، ولكن عندما يتعلق الأمر بهذه الأشياء، فإنه لا بد للإنسان من أن يجعل صحته أولى أولوياته، وذلك عن طريق تلبية الاحتياجات الشخصية والاهتمام بها، وعدم الاكتراث بالآخرين، بالإضافة إلى تغيير التفكير حتى يصبح إيجابياً ، وهو ما سوف يساعد الشخص على نسيان الإساءة التي يتعرّض أو تعرّض لها مسبقاً.
وضع الحواجز
يمكن للشخص أن يمنع الناس من تخطي حدودهم معه من خلال وضعه الحواجزاً لهم، وذلك عن طريق توضيح أن هذا غير مقبول وأنه سوف يتصرف بطريقة أخرى إذا ما تكررت هذه الإساءات، وهذا سوف يجعل الآخرين يشعرون بأنه حازماً ولا يقبل الإساءة.
عدم لوم النفس
قد يلجأ بعض الأشخاص الذين تعرضوا للإساءة إلى لوم أنفسهم بشكل مرهق، وخاصة إذا ما كانوا في علاقات أساءت لهم كثيراً، فقد يشعرون في هذه الحالة بأنهم على خطأ حتى لو كانوا على حق، ويشعرون بوجود خلل في شخصيتهم، لذلك يجب عليهم الإيمان بأن الخلل لم يكن فيهم وإنما كان في الأشخاص الذين عنّفوهم ، فلو لم يكونواً سيئيين لما فعلوا هذا معهم، ولو كانوا يحبونهم لما اختاروا الإساءة إليهم.
عدم محاولة إصلاح المسيء
قد يحاول بعض الأشخاص إصلاح الإنسان الذي سبب لهم الإساءة، وهذا ما يجعلهم يعانون كثيراً قبل التفكير بتركه، ولكن يجب عليهم التأكد بأن مثل هؤلاء الأشخاص لا يتغيرون بسهولة، وإذا تغيروا فإنهم سوف يستنفدون طاقاتهم العاطفية والعقلية وربّما الجسدية أيضاً، كما أن تغيير تصرفات الشخص المساء إليه نفسه لن تؤثر في المسيء، ولذلك فإنه من الأفضل ألّا يحاولوا تغييرهم.
التكلم إلى الناس
عادة ما يعمد الأشخاص الذين يتعرضون للإساءة إلى إخفائها عن الناس بحيث لا يعلمها أحد من المقربين منهم، ولكن هذا يعد من الممارسات الخاطئة، لأنه سوف يتيح المجال للمسيء أن يتمادى أكثر، لذلك يجب عليهم إيجاد الدعم الذي يحتاجونه عن طريق التكلم عن هذه الأمور وقضاء الوقت مع الأهل والأصدقاء الجيدين، مع الابتعاد عن الشخص المسيء، ليصبحوا قادرين على تجاوز هذا الموضوع وإيقافه ونسيانه .
التحلي بالثقة
يجب على الفرد أن يتحلى بالثقة الكافية التي تمكّنه من أن يوقف التفكير بالإساءة لكي يتمكن من نسيانها وتجاوزها، ومع الأيام سوف يجد نفسه قادراً على التحكّم بمشاعره وبالتالي نسيان هذه الإساءة، فالثقة بالقدرة على تجاوز الإساءة التي تعرّض لها الفرد وثقته بتصميمه على هذا الأمر يعطيه دافعاً قوياً يعينه على النسيان، كما أن الثقة تساعده على إبعاد المسيئين وإيقاف أذاهم عنه وهو ما يحتاجه كي ينسى تماماً.
طلب المساعدة من مختص
قد يحتاج الشخص الذي تعرض للإساءة استشارة شخصاً خبيراً في الموضوع ليكون أقدر على تجاوز الإساءة بطريقة صحيحة، ويمكن هذا عن طريق الاستعانة بالمصادر المختلفة كالكتب التي تتحدث عن كيفية التعامل مع هذه الأمور أو الدروس والدورات التي تعطى عن طريق الإنترنت أو عن طريق شخص مختصّ.
تحويل الحادثة السيئة إلى شيء مضحك
يعتبر أسلوب تحويل الحوادث السيئة إلى شيء مضحك من أبرز الأساليب التي تخفف عن الشخص ثقل هذه المواقف وتعينه على تجاوزها ونسيانها، فهذا يجعلها تفقد الهيبة خاصّتها وتبدو أقلّ جديّة ممّا يجعل من نسيانها أمراً أسهل مع مرور الوقت.