كيف أكون من أولياء الله
أولياء الله
يطلق وصف الوليّ الصالح على الرجل الصالح من المسلمين صاحب السيرة المستقيمة والعبادة والسلوك، أمّا في الدين المسيحيّ؛ فالولي يسمّى قدّيساً، أمّا أولياء الله تعالى فهم على صنفين؛ فإمّا أن يكونوا من أصحاب اليمين المقتصدين، وإمّا أن يكونوا من السابقين بالخيرات، ووليّ الله تعالى؛ هو من وافقه في الأمور المحبّبة لديه والمرغوبة التي توصل إلى رضاه، فيتقرّب إليه بالقيام بالطاعات التي أمر بها، حيث قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه عنه البخاري في صحيحه: (من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه)، فالعبد الذي يتقرّب إلى الله تعالى بأداء الواجبات يعدّ من أصحاب اليمين المقتصدين، وأمّا إن تقرب بالنوافل فيعدّ من السابقين المقرّبين، كما أنّ الأولياء ورد ذكرهم في مواضع عديدةٍ من القرآن الكريم، والصنفان من أولياء الله، ورد ذكرهم في كلٍّ من سورة فاطر، وسورة الواقعة ، وسورة الإنسان، وسورة المطففين.
صفات أولياء الله
يتّصف أولياء الله بعددٍ من الصفات والخصائص التي تميّزهم عن غيرهم، وفيما يأتي بيان بعضها:
- الإيمان بالله تعالى، وتحقيق التقوى في القلوب، والعلم بأنّ الله تعالى يراقب العبد في كلّ وقتٍ، وفي كلّ الحركات والسكنات وما يصدر عنه، والقيام بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه، حيث قال الله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)، وقال ابن كثير في تفسير الآية السابقة: إنّ كلّ عبدٍ كان تقيّاً؛ فإنّه وليٌّ لله تعالى، كما أنّ أولياء الله لا يخافون من أهوال وأحداث يوم القيامة ، ولا يحزنون على الحياة الدنيا.
- تتفاوت الولاية عند العبد بحسب إيمانه والتقوى في قلبه، وبحسب الأعمال الصالحة التي يقوم بها العبد فتقرّبه من الله تعالى، وينقسم العباد في ذلك إلى ثلاثة أنواع: فقد يكون العبد ظالماً لنفسه؛ وهو المؤمن العاصي لأوامر الله تعالى، وقد يكون العبد مقتصداً، بمحافظته على الأعمال الصالحة، والحرص على الابتعاد عن النواهي، مع عدم أداء النوافل من العبادات، ودرجة العبد المقتصد أعلى من العبد الظالم لنفسه، وقد يكون العبد سابق بالخيرات، وهو العبد الذي يحرص على أداء النوافل مع أداء الفرائض، وبذلك يبلغ العبد درجاتٍ عاليةً من القرب من الله تعالى في العبادات القلبيّة، ومن الجدير بالذكر أنّ أعلى درجات الولاية تتمثّل في النبوّة، وقد تغفر ذنوب العبد المقتصد والسابق بالخيرات بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل، أو بنيل الحسنات الماحية للذنوب والخطايا، إلا أنّ المقتصد والسابق يعدّان من أولياء الله؛ لأنّ شرطا الإيمان والتقوى متحقّقٌ فيهما.
- إنّ الولاية من الله تعالى لا تعدّ حكراً على عبادٍ دون عبادٍ آخرين، ولا تعدّ ميراثاً يتناقله الأجيال، وإنّما هي منحةٌ من الله -عزّ وجلّ- لعبادٍ مخصّصين، يهبها لمن يشاء، وينالها العبد بمحبّته لله تعالى، وتعظيمه في القلب، وبعد ذلك لا بدّ من ترجمة المحبّة عملياً بإقامة أوامره وتجنّب نواهيه.
- إنّ الولاية للعبد لا تعني أنّه يجوز له فعل المحرمات أو عدم القيام بالواجبات والفرائض، كما أنّه لا يجوز من العباد أن يقدّروا منازل الأولياء، بحيث تصل منزلتهم إلى منزلة قريبة من منزلة الأنبياء والرسل عليهم السّلام، فيجوز مناقشة الأولياء بأيّ أمرٍ من الأمور، وإنّ تقديسهم أو المبالغة في مكانتهم تعدّ من الغلو في الدين، كما أنّ ذلك قد يكون سبباً من أسباب الشرك بالله تعالى، وربّما يقع العباد بسبب تلك الأفعال في الشرك الأكبر بالله تعالى، وذلك يعود إلى عدم الفهم الصحيح والصائب للولاية ولأولياء الله تعالى.
علامات الولاية
إنّ الله تعالى جعل لعبده المؤمن علاماتٍ تدلّ عليه، وعلاماتٍ تدلّ على أهله وأوليائه وأصفيائه، ومن الجدير بالذكر أنّ جميع الصحابة من أولياء الله؛ حيث إنّ الله تعالى مدحهم جميعاً في القرآن الكريم، كما أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مدحهم وأثنى عليهم؛ وذلك لأنّهم نشروا الإسلام في الأرض عن علمٍ وفهمٍ، وأول الصحابة دخولاً إلى الجنّة الخلفاء الأربعة، ثمّ ما يبقى من العشرة المبشرين بالجنّة ، وفيما يأتي بيان بعض العلامات التي تدلّ على أولياء الله تعالى:
- بيان علامات الخير والصلاح عليهم بمجرد رؤيتهم، حيث إنّ رؤيتهم تذكّر العبد بالله تعالى، كما أنّ الله تعالى يرزقهم حسن الخاتمة، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (خيارُ عبادِ اللهِ الَّذينَ إذا رُؤُوا ذُكِرَ اللهُ).
- الحرص على حفظ القرآن الكريم ، وتعلّمه وتعليمه، ودليل ذلك ما رواه علي بن أبي طالب عن الرسول عليه الصّلاة والسّلام، حيث قال: (أهلُ القرآنِ، أهلُ اللهِ وخاصَّتُه).
- الإكثار من الذهاب إلى المساجد ، وخاصةً في حالة ترك الشهوات والملذّات، مع الحرص على تعمير بيوت الله.
- التواضع للناس، وعدم التكبّر عليهم.
- حسن الخاتمة عند الموت، وتكون بعدّة صورٍ، منها: النطق بالشهادتين قبل الموت، الموت يوم الجمعة أو ليلتها، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن مسلمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ إلَّا وقاهُ اللَّهُ فِتنةَ القبرِ)، أو الموت جهاداً وقتالاً في سبيل الله تعالى، أو الموت بمرضٍ يصيب البطن، وكذلك الموت غرقاً، حيث روى أبو هريرة عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ومَن ماتَ في البَطنِ فَهوَ شَهيدٌ).