كيف أسيطر على الوسواس
الوسواس القهري
يُعرّف الوسواس القهري (بالإنجليزيّة: Obsessive-compulsive disorder) واختصاراً OCD، على أنّه أحد اضطرابات القلق المزمنة والشائعة إلى حدّ ما، إذ تُقدر نسبة الإصابة به بـ 1.2% تقريباً في الولايات المتحدة الأمركية، ويتمثل بالمعاناة من أفكار أو تصوّرات غير طبيعية وغير مرغوبة تُسمى بالهواجس (بالإنجليزيّة: Obsessions) وتُرغم الشخص على القيام ببعض الأفعال والسلوكيّات على نحو متكرر ومفرط، وتُعرف هذه التصرفات بالسلوكيات القهرية (بالإنجليزيّة: Compulsions)، فعلى سبيل المثال يمكن أن تتمثل هواجس المصاب بالخوف المفرط من الأوساخ والجراثيم فتدفعه لإمضاء ساعات طويلة من يومه في تنظيف يديه ومنزله، وتجدر الإشارة إلى أنّ الوسواس القهري يؤثر في جميع جوانب حياة المصاب ويعيقها، كالعمل ، والدراسة، والحياة الاجتماعية.
كيفية السيطرة على الوسواس القهري
في الحقيقة لا يوجد علاج شافٍ بشكل تام لحالات الوسواس القهري، ولكن تنبغي استشارة الطبيب حول الخيارات العلاجية الممكنة للسيطرة على الأعراض والحدّ منها، فيما يلي بيان لأهم الطرق العلاجية المتوفرة للسيطرة على الوسواس القهري.
التأقلم والعناية الذاتية
يُعتبر التأقلم مع الإصابة بالوسواس القهري تحدٍ يخوضه الشخص المصاب، وفيما يلي بيان لبعض الخطوات التي يمكن أن تساعد على ذلك:
- فهم طبيعة المرض والتعلّم عنه.
- الانضمام لإحدى مجموعات الدعم؛ وهي مجموعات تضم عدداً من الأشخاص الذين يعانون من المشكلة ذاتها، يقومون بتقديم الدعم والمساندة لبعضهم البعض.
- الحرص على أخذ قسط وافر من النوم والراحة.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، ومحاولة إيجاد وسلة مناسبة لتفريغ الطاقة كالهوايات والأنشطة الترفيهية.
- محاولة الحد من التوتر بممارسة تمارين الاسترخاء كالتأمل، والتدليك، واليوغا.
العلاج النفسي
يتمّ العلاج النفسي بشكل فردي أو بمجموعات، ويُعتبر العلاج السلوكي المعرفي (بالإنجليزيّة: Cognitive behavioral therapy) أحد أنواع العلاج النفسي، ويقوم مبدؤه على تعليم الشخص كيفية التعامل مع الهواجس والسلوكيات القهرية التي تُنغّص حياته، ومن أهم أشكال العلاج السلوكي المعرفيّ ما يُعرف بالتعرّض ومنع الاستجابة (بالإنجليزيّة: Exposure and response prevention) الذي يعتمد على تعريض المصاب لمخاوفه أو هواجسه بشكل تدريجي وتعليمه كيفية التعامل مع هذه المخاوف والحدّ من التوتر المُصاحب لها.
العلاج الدوائي
يُعدّ العلاج الدوائي أحد ركائز علاج الوسواس القهري في الكثير من الحالات، وتُعتبر مضادات الاكتئاب (بالإنجليزيّة: Antidepressants) الخط الدوائي الأول في علاج الوسواس القهري، وفي الحقيقة هناك العديد من الأدوية التي تُصنّف على أنّها مضادات اكتئاب، بيختار الطبيب الدواء المناسب فيما بينها بناء على عمر المصاب، وحالته الصحية، والأعراض الظاهرة عليه، ومن الأمثلة عليها كلوميبرامين (بالإنجليزيّة: Clomipramine)، وفلوكسيتين (بالإنجليزيّة: Fluoxetine)، وباروكسيتين (بالإنجليزيّة: Paroxetine)، وتجدر الإشارة إلى أنّ فاعلية هذه الأدوية لا تظهر بسرعة، فقد تتطلب شهرين من الاستخدام حتى يبدأ المصاب بالشعور بالتحسّن، كما أنّها قد تتسبّب بظهور بعض الآثار الجانبية كالغثيان، وجفاف الفم، والأفكار الانتحارية. ويجدر التنبيه إلى ضرورة الالتزام بتعليمات الطبيب الخاصة بتناول الدواء، وعدم التوقف عن استخدامه بشكل مفاجئ ودون استشارة الطبيب حتى لو شعر المصاب بأنّ الدواء غير فعّال أو عانى من أحد آثاره الجانبية.
علاجات أخرى
هناك خيارات علاجية أخرى ما زالت قيد الدراسة والتجربة يمكن اللجوء إليها في حال كانت حالة المصاب بالوسواس القهري شديدة، ولم يُبدِ استجابةً لأي من الخيارات الدوائية الممكنة، وفيما يلي بيان بعضٍ منها:
- التحفيز العميق للدماغ: (بالإنجليزيّة: Deep brain stimulation) وهي عملية جراحية تتم فيها زراعة أقطاب كهربائية في الدماغ في محاولة للسيطرة على أعراض الوسواس القهري.
- العلاج بالصدمة الكهربائية: أو العلاج بالتخليج الكهربائي (بالإنجليزيّة: Electroconvulsive therapy)، ما زال هذا النوع من العلاج مستخدماً حتى الآن، على الرغم من تخوّف المصابين من الخضوع له نظراً لأنّه كان يُجرى دون تخدير، وبجرعات كهربائية عالية، أمّا الآن فهو أكثر أماناً ويُجرى تحت التخدير العام ، ويتم بوضع أقطاب كهربائية على رأس المصاب وتعريضه لتيارات كهربائية بسيطة، بهدف تغيير كيميائية الدماغ ، وعلاج الكثير من الاضطرابات النفسية المستعصية.
أعراض الوسواس القهري
تتمثل أعراض الوسواس القهري بالهواجس والسلوكيات القهرية التي تتسبّب باضطراب المصاب وتوتره كما أسلفنا، ومن أنواع الهواجس التي قد يعاني منها المصاب: الحاجة لإبقاء كل شيء مرتباً ومنظماً، وامتلاك أفكار مروّعة أو مؤذية أو غير لائقة، أو أفكار جنسية غير مرغوبة. أمّا السلوكيات القهرية التي تنجم عن هذه الهواجس المستمرة والأفكار غير المنطقية فتتمثل في العادة بالتنظيف ، أو العدّ، أو التنظيم والترتيب المفرط، أو التفقدّ الزائد عن الحدّ لبعض الأمور، أو الحاجة المستمرة للاطمئنان من الآخرين. وتجدر الإشارة إلى أنّه من الممكن أن يعاني المصاب من الهواجس فقط، دون أن ترتبط هواجسه أو مخاوفه بقيامه بأي سلوكيات قهرية ولكن هذا لا يعني أنّه غير مصاب بالوسواس القهري، وفيما يلي ذكر لبعض الأمثلة على كل من الهواجس أو السلوكيات القهرية التي قد يعاني منها المصاب بالوسواس القهري:
- الهواجس: ومن الأمثلة عليها ما يأتي:
- تجنّب مصافحة الناس والخوف من لمس الأشياء التي لمسها الآخرون خوفاً من الجراثيم.
- التوتر الشديد في حال رؤية أشياء غير مرتبة أو منظمة بطريقة معينة.
- التفكير وتصوّر إيذاء النفس أو الآخرين على نحو متكرر.
- التفكير بالقيام بأفعال غير لائقة بشكل مستمر بهدف إزعاج الآخرين كالصراخ والشتم بصوت عالٍ.
- شك المصاب بشكل مفرط حول إطفائه الموقد أو إغلاقه الباب.
- السلوكيات القهرية: ومن الأمثلة عليها:
- ترديد عبارة أو جملة بصوت خافت وبشكل مستمر.
- الترتيب المفرط للأشياء.
- العدّ بأنماط معينة.
- التحقق من إطفاء الموقد وإغلاق الأبواب على نحو متكرر.