كيف أخطط لحياتي
التخطيط
يُعدّ التّخطيط للمُستقبل من الخطوات الفعّالة التي يتبعها الأشخاص الناجحون في حياتهم، والذين يُقدّرون قيمة الوقت الذي يمر بهم؛ فالتخطيط هو رسم الطريق الصّحيح والسليم للمُستقبل القادم، والدراسة الفعّالة لتحقيق النجاح فيه، وهو طَريقةٌ عقلانيّةٌ مُنظّمة، يتضمّنها صنع القرارات، وحلّ المُشكلات.
إنّ وجود التخطيط في حياة الفرد علامةٌ على مدى وعيهِ، ومعرفتهِ، وثقافتهِ؛ فهو يُؤكّد وجود مهاراتٍ عديدة يتميّز بها الفرد دفعته للتخطيط والتنظيم، وإبعاد شبح الفوضى، والعشوائية عن حياته، والتخطيط يمدّ الفرد بالقوّة اللازمة التي يحتاجها للتحكّم بِمُستقبله، ولذلك على كُلّ من أراد أن يُخطّط لحَياته التخطيط الناجح أن يَعرفَ ماهيّة التخطيط، وأهميّته، وخصائصه، وشروطه.
التخطيط هو عمليّةٌ معقدة، إلا أنّه الحل الأمثل لقلّة الوقت وضيقه عند الكثيرين؛ فالتخطيط يُعطي الإنسان فرصةً كي يُحدّد مسارهُ وأين يتجه، وهو كذلك يُحدّد المواردَ المطلوبة التي يحتاجها الإنسان لتَحقيقِ مخطّطاته.
تعريف التخطيط
يُمكن تعريف التخطيط بمجموعةٍ من التّعريفات التي وَرد ذكرها في كتب ودورات حديثة تتحدّث عن تطوير الذات لدى الفرد، وتنمية المهارات الحياتيّة لديه، ومن هذه التعريفات:
- مجموعة من العمليّات ، والأفكار الذهنيّة التمهيديّة التي تعتمد على اتّباع منهجٍ علميّ وبحثٍ اجتماعي يستهدف تحقيق أهدافٍ مُعيّنة ومُحدّدة تمّ وضعها بقصدِ رفعِ مُستوى الفرد والجماعات اقتصادياً أو ثقافياً أو اجتماعياً، أو جميع هذه المستويات معاً من أجل تَحقيق السعادة والرّفاه للفَرد والمُجتمع الذي يَعيش فيه.
- هو العمليّة الذكية، والتصرّف الذهني السليم لفعلِ الأشياء بطريقةٍ مُنظّمة قائمة على التفكير قبل البدء بالفعل، وهو العمل الذي يعتمد على الحقائق ودراسة الاحتمالات بدلاً من التخمين.
- عمليّة التفكير المدروسة التي تُخطّط لما يَجب فعله في المستقبل؛ حيث يتمّ تَحديد الأهداف المُراد تحقيقها، ورسم الطرق والخطوات اللازمة لتنفيذها، وهو يَحتاج إلى قدرٍ كبيرٍ من الدقّة ووضوح الرؤية فيما ستكونُ عليه الأمور والأحداث في المُستقبل.
- عرَّف روبرت أبليبي التخطيط بأنّه أحد الوظائف المُهمّة والرئيسيّة لإدارة الفرد، وهو عمليّة اختيارِ الأهداف بعنايةٍ واختيار وسائل تحقيقها.
- قال روبرت باركر إنّ التخطيط هو عمليّة تحديدٍ للأهداف المُستقبليّة، وتقييم للوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق هذه الأهداف .
- عمليّة التنبؤ بالمُستقبل القادم والاستعداد له وفق طرقٍ ووسائل علميّة مدروسة تتناسبُ مع إمكانيّات الفرد وأهدافه الموضوعة.
شروط التخطيط الناجح
توجد بعض الشّروط الواجب توافرها في الخطة حتى تُحقّق الأهداف المطلوبة، ومن هذه الشروط:
- أن تُحقّق الخُطّة الأهداف المَطلوبة التي وضعت من أجلها الخطة، فإن لم تُحقّق جميع الأهداف تكُن الأغلبيّة منها.
- مُراعاة الاعتِدال عند وضع الأهداف، والبُعد عن التشدّد فيها، وتحميل ما لا يَستطيع الإنسان تحمّله أو ما لا يُمكن تحقيقه.
- أن يكون في الخطّة شيء من المُرونة وذلك استعداداً لأيّ طارئ أو معرقل في الخطة غير متوقّع حدوثه، وبالتالي يكون الإنسان على استعداد لمُواجهة عنصر المفاجأة.
- أن تكون الخطة متوازنة، فيها شيء من الواقعية، وفي حدود الإمكانيات المُتاحة للفرد، وأن لا يُكلّف الفرد نفسه ما لا يُطيق.
- مراعاة التطوير في الخطة؛ فالخُطّة التي تسير على نمطٍ واحد، ومستوى واحد من العمل لا تُحدث التغيير في حياة الفرد؛ ولذلك عليه مُراعاة تطويرها بين فترةٍ وأخرى، وتجديد الخطوات، ومعرفة نتائج كلّ مرحلة من مراحل الخطة، ليرتقي بالخطّة شيئاً فشيئاً، وبالتالي تكون لديه القدرة على التقييم المستمر لكل مرحلةٍ من مَراحل الخطة الشاملة.
- أن تكون عمليّة التخطيط الموضوعة هادفة؛ حيث إنّ التخطيط الناجح يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأمور، وبالتالي يستخدم الفرد كافّة الوسائل، والطرق، والإمكانيات المُتاحة لتحقيق هذه الأهداف.
- عند وضع الخطة يجب عدم تحيُّز الخطّة لفكرةٍ ما، أو التعصّب لجهةٍ معينة؛ بل على الفرد أن يضعها بحياديةٍ تامة، وإلا فالعراقيل في مسيرة النجاح ستكون كثيرة، ونجاح الأهداف سيَكون محدوداً، ومُقتصِراً على فئةٍ مُعيّنةٍ من المجتمع، وهم أصحاب الفكرة التي وُضعت من أجلها هذه الخطّة.
- بناء عمليّة التخطيط على أسسٍ ثابتةٍ، واحتمالاتٍ موضوعيةٍ تُواكِب التطوّرات الحديثة.
- التلاؤم، والتعاون، والتنسيق بين من وضَع الخطّة ومُنفّذ الخطة إذا كانت تشمل عدّة أفراد، أو مؤسّسات لمجموعةٍ من الأشخاص، وبالتالي على المُخطّط أن يُدرك أثناء وضع الخطة قدرات وإمكانيّات منفّذيها، وأنّها ستترجم على أرض الواقع، ولن تبقَى أسيرة الأوراق، أو محفوظة في أدراج المكاتب.
أهمية التخطيط في حياتنا
يمكن تلخيص أهمية التخطيط بالنقاط الآتية:
- اختصار الوقت في عمليّة التغيير والتطوير نحو الأفضل.
- تحديد المسار المُتّبع في العمل، وبيان الطرق والمهام الرئيسيّة والفرعية منها.
- تنسيق المَجهودات؛ فالتّخطيط يربط كافّة مجهودات الفرد وتطلّعاته المُستقبلية ببعضها البعض، ويضعه في برنامج سهل الفهم وجيّد التوازن من السّهولة تحقيق ما فيه.
- توضيح معالم الطريق للفرد، ومساعدته على ما يُريد من الحياة التي يعيشها، وذلك عبر إنارة طريقه وسط الظّلمات التي سَبّبتها مشاغل الحياة وتزاحمها.
خصائص التخطيط الناجح
للتخطيط الناجح خصائص يتميّز بها، منها:
- الواقعية، فالخطّة تتناسب مع الإمكانات المتاحة للفرد، والتي تتوافق مع الأهداف المنشودة، والتي وُضعت من أجلها الخطة.
- الشمولية، وذلك بأن تشمل الخطّة جميع الموارد المتاحة لتنفيذها، وكذلك في حالة تنفيذها تشمل السيطرة والإحاطة بسير العمل لتحقيق الأهداف المرجوّة.
- المرونة؛ وهي قدرة الخطة على مواجهة أيّ ظرفٍ طارئ خلال سير العمليّة، وألا يكون هذا الطارئ سبباً في فشل الخطّة أو إعاقة تقدّمها، ومن ثمّ صعوبة تحقيق أهدافها.
- الاستمرارية؛ أي الربط بين مُختلف عمليّات التخطيط المجزّئة والعمل على استمراريتها ودوامها أطول فترةٍ ممكنة لضمان الفائدة المَرجوّة منها.
- الإلزام؛ فحتّى تكون الخطة ناجحة يجب أن يلتزم صاحبها بتنفيذها، واتّباع ما جاء فيها من خطوات ومراحل عديدة فالتزام المنفّذ بالخطة عاملٌ مهمٌ في نجاحها، وبيان فائدتها.
- المشاركة؛ أي مشاركة جميع أفراد المجموعة أو المؤسسة إذا كانت الخطّة تشمل مجموعة أفراد؛ حيث إنّ قيام كل فرد بعمله ضمانٌ لنجاح الخطّةِ واستمراريّتها.