كيف أحسب زكاة الاسهم
كيفية حساب زكاة الأسهم
ذهب أغلب الفُقهاء والقانونيّيِن إلى أنّ السَّهم عبارةٌ عن حِصَّةٍ مشاعةٍ* من أموال الشركة، وذهب البعض الآخر إلى أنه عرضٌ تِجاريُّ، فمن نظر إليه إلى أنه حِصةٌ مشاعةٌ فيُزكِّيه بحسب النّية والقصد منه؛ فإن كان يقصد منه المُضاربة* فإنه يُزكِّيه زكاة التِجارة، وإن كان القصد منه الاستفادة منه ومن رَيعه فإنه يُزكِّيه بحسب نشاط الشركة وطبيعتها، وقد تعدّدت آراء الفُقهاء في كيفية إخراج الزكاة من الأسهم على الأقوال التالية:
- القول الأول: تتمُّ الزكاة بحسب النشاط وطبيعة الشركة، فإن كانت صناعيَّةً مثلاً فتجب في الرِّبح، وذهب إلى هذا القول الشيخ وهبة الزُّحيليُّ، والشيخ عبد الله البسام، بدليل أنّ الزكاة لا تجب في الأمور المُعدَّة للاقتناء؛ لأنّ قيمة السهم تكون في المُقتنيات والآلات، وفرّق أصحاب هذا القول بين الشركات التجاريَّة أو الصناعيَّة؛ فالشركات التجاريَّة تُزكِّي بقيمة السهم في السوق، ويُضاف إليها الربح بعد خصم قيمة المباني والآلات وغير ذلك، أمّا الشركات الصناعيَّة فلا تجب فيها الزكاة إلا بعد أخذ الأرباح، ثمّ تُزكّى زكاة المال بعد بُلوغ نصابه وحولان الحول.
- القول الثانيّ: تتمُّ الزكاة بحسب نيَّة المُساهِم وقصده ونوعية السَّهم المُشارك فيه؛ فإن كان قصده الاستفادة من رَيع الأسهم كأن يكون مُساهماً بشركةٍ زراعيَّةٍ؛ فإنها تُزكَّى زكاة الزُّروع والثِّمار ، وإن كانت شركةً صناعيَّةً؛ فتكون زكاتها زكاة العروض التجاريَّة*، وإن كان بقصد شراء الأسهم والمُتاجرة بها؛ فإنّها تُزكَّى زكاة العُروض التجاريَّة بحسب قيمتها في السوق، وهو قول الشيخ عبد الله بن منيع، والدُكتور أحمد الجمحي، ولكنّ هذا القول سوَّى بين جميع الشركات الصناعيَّة والتجاريَّة في أنّ الزكاة تكون على قيمة السهم؛ لأنّ القصد والنشاط مُعتبرٌ في الزكاة، فما كان مُعدّاً للتِّجارة يُصبح كعُروض التِّجارة فيُزكَّى مثلَها.
- القول الثالث: وجوب زكاة عُروض التجارة بغضِّ النَّظر عن القصد أو طبيعة نشاط الشركة، وتكون الزكاة بعد خصم الأصول الثانيّة، والشركات الصناعيّة تُزكّي في صافي الربح، وهو قول الشيخ أبو زُهرة، والدُكتور عبد الرحمن الحلو، والدُكتور يوسف القرضاويّ، بدليل القصد من شراء الأسهم وهو التِّجارة، فتُزكَّى مثلها.
- القول الرابع: يُنظر إلى المُزكِّي، فإن كانت الشركة هي المُزكِّية فإنّ الزكاة تخرج عن جميع المُساهمين باعتبارهم شخصاً واحداً، وتُراعَى شروط زكاة الشَّخص الطَّبيعيّ، وإن كان صاحب السهم هو المُزكِّي فيُخرِج الزكاة عن أسهُمه فقط، فإن لم يعرف مقدار أسهُمهِ فيُنظَر إلى نيَّته؛ فإن كانت بقصد الربح فيُزكِّيها كالمُستغلَّات* بعد حولان الحول، وإن كان قصده التجارة فتُزكّى زكاة عُروض التِّجارة بقيمتها في السوق، وهو قول مَجمع الفقه الإسلامي؛ بدليل اختلاط المال، فيُصبحان كالمال الواحد.
وتُحسَب الزكاة في الأسهم المُعدَّة للاستثمار في حال كانت الأسهم معلومةً وعُلِم مقدار الزكاة الواجب على الشركة في أسهُمِها، فإنّ المساهم يُقسِّم المبلغ الواجب في زكاة الشركة على عدد أسهُمها، ثُمّ يقوم بضرب الناتج بعدد أسهُمه في الشركة، فينتج مقدار الزكاة الواجبة عليه، وفي حال الجهل بقيمة مقدار زكاة الشركة؛ فإنّ المُساهم يلزمه التحرِّي والتقدير وإخراج ما وجب عليه من زكاةٍ، وهذا قرار مَجمع الفقه الإسلاميِّ، ويُمكن التحرِّي من خلال الرجوع إلى القرارات التي تُفصِحُها الشركة في السُّوق الماليِّ، وفي حال لم يتمكَّن المساهم من التحرِّي والتقدير فإنّه يُزكِّي العائد له من الأسهم بعد خصم المبلغ من موجودات الشركة التي تكون ديناً عليها، ويُزكِّي رُبعَ العُشر.
من تجب عليه زكاة الأسهم
يرى الأُستاذ أبو زهرة أنّ الزكاة في الأسهم تجب على الشَّركة؛ باعتبار أنّ مالها يُعدُّ نامياً، كما أنّها تجب على صاحب الأسهم أيضاً باعتبارها عُروضاً للتجارة، وقد خالف الشيخ يوسف القرضاوي هذا الرأي؛ باعتبار أنّ الزكاة على المال نفسه مرَّتين، وباعتبار صاحب السهم تاجراً ومُنتجاً، وأنّ الزكاة إمّا أن تكون عن قيمة السَّهم بِمقدار رُبع العُشر أو عن الخارج من ربح الشركة بِمقدار العُشر من صافي الرِّبح؛ وهذا منعاً للازدواجيَّة، ويرى البعض الآخر أنّ زكاة زكاة الأسهم 5.2%؛ أي رُبع العُشر من الأصل والربح السنويِّ، ويُقوَّم السهم بحسب سعره في السوق الماليِّ عند حلول وقت إخراج الزكاة.
وذهب مجمع الفقه الإسلاميّ إلى أنّ الزكاة تجب على صاحب السهم، وتُخرجها الشركة بالنيابة عنه في حال تمّ النّص على ذلك في العقد، وتُخرَج كما تُخرج زكاة المال للشَّخص العاديِّ، ويُخصم من السهم باقي الأسهم التي لا تُزكَّى؛ كأسهم الخزانة العامة، وأسهم غير المُسلمين ، وأسهم الوقف الخيريِّ، وغير ذلك، وفي حال امتنعت الشركة عن الزكاة فيجُب على صاحب السهم إخراج زكاته من أسهُمه فقط.
حكم المتاجرة بالأسهم
تُعرَّف الأسهم بأنها صُكوكٌ تُمثِّلُ حصصاً من رأس المال في الشركة، وتكون مُتساويةً في قيمتها، وغير قابلةً للتجزئة، ويتم تداولها بالطُّرق التجاريَّة، وتكون حقّاً لصاحبها في الشركة؛ باعتباره مُساهماً في رأس المال، ويختلف حُكم المُتاجرة بالأسهم حسب نوعها، وهي كما يأتي:
- الأسهم العاديَّة: والتي تتساوى جميعها في القيمة، وتُعطي أصحابَها حُقوقاً مُتساوية، ولا يكون لأحدٍ مزيّةٌ عن الآخر، وحكمُها الجواز؛ لأنها مبنيّةٌ على العدالة والمُساواة في الحُقوق والواجبات.
- الأسهم المُمتازة: وهي التي تُعطي بعض المُساهمين حُقوقاً على حساب مُساهمين آخرين، وتجعلهم يتمتّعون بمزايا مُختلفةٍ عنهم، كإعطاء صاحبها أكثر من صوتٍ في الجمعيَّة العُموميَّة، أو إعطائه الأولويَّة في قبض الربح، وقُدرته على استعادة رأس ماله عند تصفية الشركة، وغير ذلك من الميِّزات، وحكمُها عدم الجواز؛ لعدم توفُّر العدالة بين أصحاب الأسهم.
- أسهم رأس المال: وهي الأسهم التي لم يقبض أصحابُها قيمتها من الشركة، أي أنها لم تُستهلَك بعدُ، فحُكمُها الجواز.
- أسهم التمتّع: وهي التي يحصل أصحابُها على قيمتها بعد استهلاك أسهمهم؛ أي ردِّ قيمة السهم الاسميَّة أثناء عمل الشركة، فإن كان أصحابها يلتزمون بالتزامات الشركة، وباقي الشُركاء من أصحاب الأسهم المُمتازة لا يتحمّلون ذلك فحكمُها غير جائزة؛ لعدم توفر العدالة والمُساواة بين أصحاب الأسهم، وأمّا إن كان أصحابها يتمتّعون بنفس درجة المُخاطرة ونفس درجة الربح والخسارة، فحكمُها الجواز.
- الأسهم في الشركات ذات النشاط المُباح: فلا خلاف بين العُلماء بجواز شراء الأسهم منها، وهي الشركات التي تكون عمليّاتُها في نطاق الحلال.
- الأسهم في الشركات المُحرّمة: فلا خلاف بين العُلماء بحرمة شراء أسهُمٍ منها، وهي الشركات التي تكون عمليّاتُها في نطاق الحرام.
- الأسهم في الشركات المُختلطة بين الحلال والحرام: وهي الشركات التي تتعامل في المُنتجات الحلال، ولكنها تتعامل بالربا في مجال الإقراض مثلاً، فقد تعدّدت آراء العُلماء في حُكم شراء أسهُمٍ منها؛ فذهب بعضُهم كمجلس مجمع الفقه الإسلاميِّ والهيئة الشرعيَّة لبيت التمويل الكويتي إلى تحريم المُساهمة في مثل هذه الشركات مُطلقاً، وذهب آخرون كالهيئة الشرعيَّة في البنك الإسلاميِّ الأُردنيِّ إلى جواز التعامل مع هذه الشركات بضوابط؛ منها ألّا تنصَّ الشركة في نظامها الأساسيِّ على التعامل بالحرام، وألّا يبلغ إجماليُّ الاقتراض الربويِّ أكثر من 30% من القيمة السوقيَّة لأسهم الشركة وكذلك إجمالي المبالغ الربويَّة المودعة، وألّا يتجاوز العائد من الربا أكثر من 5%، مع وجوب التخلُّص من الكسب الحرام عند قبضه من قبل صاحب السهم.
ويرى الدُكتور عبد الجبار السبهانيُّ أنّ الحُكم في المُتاجرة بالأسهم يرجع إلى النشاط الاقتصاديِّ للشركة، فإن كان حلالاً فهو جائزٌ، وإن كان مُحرَّماً فهي مُحرَّمةٌ، كما يرجع أيضاً إلى التساوي في الحُقوق بين جميع أصحاب الأسهم.
____________________________
الهامش
* حصة مشاعة: هي الحصة المشتركة في الربع أو الثلث ونحو ذلك، ولا تكون ملكاً لأحد.
* المضاربة: هو عقدٌ يدفع من خلاله شخصٌ لآخر مالاً ليقوم بالتجارة به، بحيث يكون الربح بينهما بالربع أو الخمس ونحو ذلك، والأشخاص الذين يتعاملون في هذا العقد هم الخبراء في السّوق لكي ينتفعوا من فروق الأسعار، وقد يؤدي ذلك للربح أو الخسارة، وتُسمّى المضاربة أيضاً بالمُقارضة.
* عروض التجارة: وهي ما يملكه المسلم بقصد التجارة، وتجب الزكاة في عروض التجارة إذا بلغت النصاب، ونصابها كنصاب الأوراق النقديّة، فإذا بلغت النصاب ، وحال عليها الحول، وجب إخراج زكاتها، وهي ربع العشر من قيمة العروض التجاريّة في السوق، ولا بُد من الإشارة إلى أنّ قيمة السلع تُقدر بسعر البيع.
* المُستغلَّات: هي الأموال التي لم تُعدّ للبيع أو التجارة، بل للنماء والاستفادة من منافعها من خلال بيع ما تُنتِجه.