كيف أبعد وساوس الشيطان
كيفية إبعاد وساوس الشيطان
يمكن للمسلم أن يبتعد ويَسْلَم من وساوس الشيطان بعدّة طرقٍ جاء ذكرها في كتاب الله وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ذكر العلماء بعض هذه الطرق والوسائل التي إن التزم بها المسلم نجا من وساوس الشيطان بإذن الله، ونذكر منها ما يأتي:
عدم الاسترسال بالتفكير في الوساوس
على المسلم أن يترك الاسترسال بالتفكير فيما يخطر في قلبه من وساوس الشيطان، ويمتنع عن قبولها واستحبابها، ويتوقّف عن مجاراة الشيطان فيما يُدخله للنفس من حديثٍ يَقصَد به إيقاع الشك في قلب المسلم.
لِذا نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: (يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقولَ: مَن خلقَ كذا وَكَذا؟ حتَّى يَقولَ لَهُ: مَن خلقَ ربَّكَ؟ فإذا بلغَ ذلِكَ، فليَستَعِذْ بالله ولينتَهِ)، وفي رواية (فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله).
الاستعاذة بالله من الشيطان
أوضح الله -سبحانه- للمسلم ما يقوله من الذِّكر حتى يصرف عنه الشيطان ، فقال -تعالى-: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، فعلى المسلم أن يلجأ إلى الله ويلوذ به، وذلك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وصيغة ذلك: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
التزوّد بالعلم الشرعي
ممّا يُساعد المسلم على الابتعاد عن وسوسة الشيطان أن ينشغل عنها إذا سأله عمّا يشكك في دينه وعقيدته من الخواطر غير المستقرة، ويبحث عن جواب الشبهات التي يلقيها الشيطان في نفسه بالنّظر في الحقائق الثابتة في قدرة الله في ذلك، وسؤال أهل الذكر، فيعلم علماً يقيناً ويصدّ الشبهات والشّكوك إذا أملاها الشيطان في نفسه.
المحافظة على الأذكار وتلاوة القرآن
من الأذكار الجامعة التي أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتحصّن بها أذكار الصباح والمساء ، وعلى المسلم أن يحرص على ذكر الله وقراءة القرآن الكريم، فهو سببٌ لحفظه وتحصينه من وساوس الشيطان، ومن الأذكار النّافعة أيضاً أذكار ما قبل النّوم.
ومن أهمّ هذه الأدعية والأذكار أن يقول: (أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ)، ويقول: (أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِن كُلِّ شيطَانٍ وهَامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ)، مع أهمّية المحافظة على قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوّذتين.
ومن السّور التي لها فضلٌ عظيم في طرد الشياطين ووساوسهم سورة البقرة ، وصدق النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذ قال: (لا تجعلوا بيوتَكم مقابرَ، إنَّ الشيطانَ يِنْفِرُ من البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البقرةِ).
هدف الشيطان من الوسوسة للإنسان
إنّ هدف الشيطان ليس الوسوسة بحد ذاتها، ولا جعل المسلم يرتكب أمراً دون آخر، وإنما قصده وهدفه وغايته أن يُبعد الناس عن عبادة الله وتوحيده، وأن يحاول تطويع العبد لمعصية الله -تعالى- بشتى أنواع المعاصي والآثام حتى يستحقّ الطرد من الجنة كما طُرد هو منها.
قال الله -تعالى-: (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا* وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ الله فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا* يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا).
توعّد إبليس للنّاس بالغواية
عندما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح أمر -سبحانه وتعالى- بالسجود لآدم -عليه السلام- تشريفاً له، فسجد الملائكة طائعين ملتزمين بأمر الله، حيث كان ذلك دَيْدَنهم وحالهم في كل وقتٍ وحين، إلا أنّ إبليس رفض ذلك تكبُّراً وجحوداً وتعالياً على خلْق آدم، مُدَّعياً أنّ خَلْقه كان أفضل وأشرف وأكرم من خَلْق آدم -عليه السلام-.
وفي هذا يقول الله -تعالى-: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)، وكانت تلك أوَّل معصيةٍ يُعصى بها الله -سبحانه وتعالى-، وبعدها سخط الله -عزّ وجل- وغضب على إبليس، وطرده من الجنة، وجلعه في السافلين إلى يوم الدين.
وكان رد إبليس على ذلك بأن وعد بإغواء عباد الله المتّقين حتى يُبعدهم عن الجنة كما أُبعِد هو عنها، غيظاً وغِلاً وحسداً، وتحدّى الله في ذلك، وطلب منه أن يجعله من الخالدين في الدنيا قبل الفناء لكي يقوم بتلك المهمة إلى يوم الدين.
قال -تعالى-: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ* قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ* قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ* قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ* قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ).