أضرار الربا
أضرار الربا
تترتّب على الربا العديد من الأضرار، سواءً على الأفراد، أو الجماعات، أو المجتمع بأكمله، كما أنّ درء المفسدة أولى من جلب المنفعة في الإسلام؛ ولذلك حُرِّم الربا؛ فضرره قد غلب منفعته، وشمل مناحي الحياة المختلفة، وفيما يأتي بيان تلك الأضرار:
أضرار الربا الاجتماعيّة
من أضرار الربا الاجتماعية:
- القضاء على رُوح التعاون بين أفراد المجتمع؛ إذ إنّ الربا يَحول من وجود القرض الحَسن دون فائدةٍ بينهم، ممّا يُؤدي إلى تَحوُّل العلاقة بين الناس من إنسانيّةٍ تعاوُنيةٍ إلى مادّيةٍ.
- زرع العداوة والبغضاء في نفوس الناس؛ بسبب الظلم الواقع على المُقتَرض من صاحب المال، وبالتالي تتفكّك العلاقات فيما بينهم.
أضرار الربا الاقتصاديّة
من الأضرار الاقتصاديّة المُترتِّبة على الربا أنّه يؤدّي إلى:
- التضخُّم الاقتصادي، ويُقصَد به: الانخفاض في قيمة النقود، والذي يكون ناشئاً من ارتفاع مُعدّل الزيادة في الفوائد عن مُعدّل الزيادة في الإنتاج.
- حصر طبقات المجتمع في طبقة الأغنياء المُنعَّمين، وطبقة الفقراء المحرومين، والقضاء على طبقة مُتوسِّطي الدخل، وحصر تداوُل المال في فئةٍ مخصوصةٍ، والزيادة من نسبة الفقر؛ إذ إنّ الفقير لا يمكنه التخلُّص من ديونه ما دامت الفوائد مُترتِّبةً عليها.
- تكرار حدوث الأزمات الاقتصاديّة الناشئة من الارتفاع المُستمِرّ في نسبة الفوائد.
- إنهاك الاقتصاد؛ بزيادة المعروض النقدي دون الزيادة في السِّلَع والخدمات، ممّا يُؤَدّي إلى خفض القوّة الشرائيّة.
- ارتفاع نسبة البطالة؛ إذ إنّ الربا يُشجّع على الاستثمار عن طريق الفائدة لثبات الربح، وترك الاستثمار في المشروعات الإنتاجيّة ذات النفع العام.
أضرار الربا الإنتاجيّة
من أضرار الربا الإنتاجيّة:
- ارتفاع أسعار السِّلَع؛ إذ إنّ المُقتَرِض يُضيف الزيادة الناتجة من القرض على رأس مال السِّلعة، فيرتفع سعرها على المُستَهلك، وبذلك يكون ظلم القرض الإنتاجي أعمّ وأشمل من الاستهلاكيّ.
- إيجاد فائضٍ من المُنتَجات دون تصريفها؛ بسبب نقص الطلب عليها؛ وذلك لارتفاع سعرها الناشئ من إضافة الزيادة الربوية على أصل ثمنها.
- عدم حاجة المُرابي إلى العمل؛ إذ إنّه يحصل على رِبحِه بمُجرّد وضع ماله في البنك دون الحاجة إلى خوض مغامرة في التجارة أو الصناعة.
تعريف الربا
يُعرَّف الربا في اللغة بأنّه: الزيادة والنمو؛ والزيادة إمّا أن تكون في الشيء نفسه، أو في ما يقابله، كالزيادة على الدرهم ليصبح درهمَين. أمّا في الاصطلاح الشرعي، فيُقصَد به: الزيادة في مقدار أحد النوعَين من المال عن مقدار النوع الآخر، ويُشترَط فيهما أن يكونا من جنسٍ واحدٍ، كبيع دينارٍ بدينارَين، ويُطلَق الربا على ما يتمّ بين الطرفَين دون القبض بعد تفرُّقهما، أو بتأجيل التقابُض.
للمزيد من التفاصيل عن الربا وتعريفه الاطّلاع على مقالة: (( ما تعريف الربا ))
أنواع الربا
ربا الفضل
تعريف ربا الفضل
يُعرَّف ربا الفضل في اللغة بأنّه: مصدر من الفعل (فَضَلَ)، وفضل الشيء؛ أي زاد عن الحاجة. أمّا في الاصطلاح الشرعي، فهو: الزيادة في أحد البدلَين على الآخر من الأموال الربويّة في حال اتِّحادهما في الجنس، وقد بيّن رسول الله الأصناف الربويّة بقوله: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ)، ومن صُوره المُعاصرة بَيع الذهب القديم بالذهب الجديد، مع اختلاف الوزن ولو تمّ التقابُض في المجلس.
للمزيد من التفاصيل عن ربا الفضل الاطّلاع على مقالة: (( تعريف ربا الفضل )).
حُكم ربا الفضل
يُحرَّم ربا الفضل في الأصناف الستّة؛ الذهب، والفضة، والقمح، والشعير، والتمر، والملح، سواءً كان البَيع حالّاً، أو مُؤجّلاً؛ استدلالاً بنصوص القرآن ، والسنّة، والإجماع، وبيان ذلك فيما يأتي:
- قول الله -تعالى-: (وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)؛ فلفظ الربا جاء مُجمَلاً يحتاج إلى توضيحٍ، وقد تمّ ذلك من خلال أحاديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- التي بيّنت معنى الربا المُتَضمّن لربا الفضل، والنسيئة، بالإضافة إلى أنّ (ال) في لفظ الربا؛ لاستغراق الجنس، وعليه يكون لفظ الربا لفظاً عامّاً شاملاً لأنواع الربا جميعها.
- ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن رسول الله أنّه قال: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ*، فمَن زادَ، أوِ اسْتَزادَ، فقَدْ أرْبَى، الآخِذُ والْمُعْطِي فيه سَواءٌ)، فمن باع صنفاً من الأصناف السابقة مع جنسه زيادةً، فقد وقع في الربا؛ فالرسول أمر بالتماثل في البيع، والأمر يدلّ على الوجوب.
- ما نُقِل عن غير واحدٍ من العلماء من القول بالإجماع على تحريم ربا الفضل في الأصناف الستّة، ومنهم: الإمام النووي ، والقرطبي، وابن حجر الهيثمي.
ربا النسيئة
تعريف ربا النسيئة
يُقصَد بالنسيء في اللغة: التأخير والتأجيل، ويُقال: باعه نسيئةً؛ أي بتأخير دفع الثمن. أمّا النسيئة في الاصطلاح الشرعي، فهي: الزيادة التي تُؤخَذ مقابل تأجيل موعد قضاء الدَّين إلى موعدٍ جديدٍ، وهو أصل الربا، والنوع الذي كان معروفاً في الجاهليّة.
حُكم ربا النسيئة
أجمع علماء المسلمين على تحريم ربا النسيئة، وقد كان معروفاً في الجاهليّة قبل أن يَرِد تحريمه في الشرع بقول الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا)؛ إذ كان الرجل يُعطي ماله لرجلٍ آخرٍ على أن يعيده بزيادةٍ مُعيّنةٍ بعد مدّةٍ مُعيّنةٍ، فتكون الزيادة مقابل المدّة، ومن أدلّة تحريم ربا النسيئة قول رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ*، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ*).
للمزيد من التفاصيل عن أنواع الربا الاطّلاع على مقالة: (( أنواع الربا ))
الأموال الربويّة والعِلّة فيها
قسّم العلماء الأموال الربويّة الستّة الوارد ذِكرها مُسبقاً إلى فئتَين؛ بالنظر إلى السبب في كلّ من الفئتَين، واتِّحاده في أصناف الفئة الواحدة، فكان التقسيم على النحو الآتي:
- الذهب والفضّة.
- القمح والشعير والتمر والملح.
وقد اختلف الفقهاء في عِلّة الربا، وبيان خِلافهم فيما يأتي:
المذهب | ربا الفضل | ربا النسيئة |
---|---|---|
الحنفي | الوزن مع وحدة الصنف | الوزن أو وحدة الصنف |
المالكي | الثَّمَنية* مع اتّحاد الصنف في الذهب والفضة، والادّخار والاقتيات* مع اتّحاد الصنف في القمح والشعير والتمر والملح | الثمنيّة في الذهب والفضة، وما كان مطعوماً في باقي الأصناف |
الشافعي | الثَّمَنية في الذهب والفضة، والإطعام في باقي الأصناف مع الاتّحاد في الصنف | الثمنيّة في الذهب والفضة، والإطعام في الأصناف الأخرى |
الحنبلي | الوزن مع اتّحاد الصنف | الوزن مع اتّحاد الصنف |
الأموال الربويّة والقياس عليها
اتّفق المسلمون على تحريم الربا في الأصناف الستّة عند اتّحاد الجنس؛ إذ يُشترَط في البيع إذا وقع بين أصناف الفئة الواحدة من جنسٍ واحدٍ التماثُل والتقابض، كذهبٍ بذهبٍ، أو تمرٍ بتمرٍ؛ فالجنس واحدٌ، والعِلّة واحدةٌ؛ فلا تجوز الزيادة في أحدهما على الآخر، أمّا إذا كان البيع بين أصناف الفئة الواحدة مع اختلاف الجنس، كذهبٍ بفضّةٍ، أو قمحٍ بشعيرٍ، فيُشترَط التقابُض؛ لاتِّحاد العِلّة دون التماثل؛ لاختلاف الجنس، وإذا كان البيع بين الفئة الأولى والثانية، كبيع الذهب بالقمح، أو التمر بالفضة؛ فلا يُشترَط التماثل ولا التقابض؛ لاختلاف الجنس، والعِلّة.
أمّا الأموال التي تحقّقت فيها عِلّة الربا من غير الاصناف الستّة، فقد أجمع الأئمّة الأربعة على تحريم الربا فيها؛ إذ إنّ الربا غير محصورٍ في الأصناف الستّة، واستدلّوا على قولهم بالأدلّة الآتية:
- تحريم الربا مُعلّلٌ وليس أمراً تعبُّدياً؛ فالتحريم في الأصناف الستّة ثبت بعِلّةٍ، والحُكم إن ثبت بعِلّةٍ ثبت ذاته لما يشاركه ويناظره؛ فالنظير يأخذ حُكم نظيره، كما أنّ القياس من الأدلّة الشرعيّة.
- ما رواه الإمام البخاريّ عن عبد الله بن عمر أنّه قال: (نَهَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ المُزَابَنَةِ: أنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إنْ كانَ نَخْلًا بتَمْرٍ كَيْلًا، وإنْ كانَ كَرْمًا أنْ يَبِيعَهُ بزَبِيبٍ كَيْلًا، وإنْ كانَ زَرْعًا، أنْ يَبِيعَهُ بكَيْلِ طَعَامٍ، ونَهَى عن ذلكَ كُلِّهِ)، فقد نهى رسول الله عن بيع العنب بالزبيب، وكلاهما من غير الأصناف الستّة؛ ممّا يعني أنّ الربا لا يُحصَر في الأصناف الستّة.
- ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة أنّه قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بَعَثَ أخَا بَنِي عَدِيٍّ الأنْصَارِيَّ، واسْتَعْمَلَهُ علَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ قالَ: لَا، واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا لَنَشْتَرِي الصَّاعَ بالصَّاعَيْنِ مِنَ الجَمْعِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تَفْعَلُوا، ولَكِنْ مِثْلًا بمِثْلٍ، أوْ بيعُوا هذا واشْتَرُوا بثَمَنِهِ مِن هذا، وكَذلكَ المِيزَانُ)، فقول رسول الله: "وكذلك الميزان" دلّ على أنّ كلّ ما يُوزَن ينطبق عليه الحُكم، وليست الأصناف الستّة فقط.
- قول الله -تعالى-: (وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، والربا في اللغة الزيادة، ممّا يعني تحريم كلّ زيادةٍ، إلّا ما ورد الإجماع على تخصيصه، واستثنائه من الحُكم.
موقف الإسلام من الربا
حرّم الإسلام الربا، ولم يقتصر تحريمه على الأمّة الإسلاميّة؛ إذ حرّمه الله على اليهود بقوله: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ كَثِيرًا*وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ)، كما أنّ العرب في الجاهليّة كانوا يعرفون الربا، وقد ذمّه اللهُ، ومدح الزكاة بقوله: (وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّـهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ)، ولِعَظم ضرره وإثمه، فقد حرّمه الله إلى يوم القيامة، وتوعّد آكِله في الكثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبويّة بضُروبٍ من الوعيد، والتي يُذكَر منها:
- قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
- قوله -تعالى-: (يَمْحَقُ اللَّـهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)، أي أنّ البركة تُنزَع من المال بسبب الربا، وسمّى الله آكل الربا (كَفاراً)؛ مبالغةً في قسوة آكل الربا على الطرف الآخر؛ باستغلال ظروفه لعجزه عن قضاء الدَين، بدلاً من مساعدته بتأخير قضاء الدين.
- قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ).
- ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله أنّه قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا)، فقد عدّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- آكل الربا من أهل الكبائر .
- ما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ آكِلَ الرِّبا، ومُوكِلَه وكاتبَه).
للمزيد من التفاصيل عن حكم الربا الاطّلاع على مقالة: (( حكم الربا في الاسلام ))
الحِكمة من تحريم الربا
تدور أوامر الله وأحكامه حول حِكَمٍ وغاياتٍ؛ ولذلك فإنّ على المسلم اتِّباع أوامره، والالتزام بها، ويُمكن القول بأنّ الحكمة من تحريم الربا تَكمُن في عدّة أمورٍ، يُذكَر منها:
- يؤدّي الربا إلى انعدام المشاريع الإنتاجيّة التي تعود بالنفع العام، فتتعطّل المواهب والعقول، ويقتصر تفكيرها على تحقيق المصلحة الفردية.
- يساعد الربا على تَكديس المال بأيدي المُرابين، وتحويل المجتمع إلى طبقاتٍ متفاوتةٍ مادّياً بشكلٍ ملحوظٍ، وهذا كُلّه يُوَلِّد البغضاء والضغينة في النفوس، وانقطاع المعروف والإحسان بين الناس.
- يُعَدّ الربا مُخالفاً لمَنهج الله؛ فقد حرّم الله الظلم؛ والربا كلّه ظلمٌ ، إذ لا يتساوى مَن يبيع درهماً بدرهمَين ليحصل على زيادة درهم من غير عملٍ ولا جهدٍ ولا تَعرُّضٍ لربحٍ وخسارةٍ، بينما غيره يعمل ويكدّ ويخشى الخسارة.
التوبة من الربا
يُعَدّ الربا من أعظم الذنوب؛ ولذلك لا بُدّ على العبد من المُسارعة إلى التوبة منه، فإن مَنّ الله على عبده المُرابي بالتوبة، وأراد التخلُّص من أموال الربا، فإنّ الأمر لا يخلو من حالتَين، هما:
- الحالة الاولى: إن لم يقبض المُرابي الربا بعد، وما زالت في ذِمم الناس؛ ففي هذه الحالة يسترجع رأس ماله دون أخذ الزيادة؛ لقوله -تعالى-: (وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)، فقوله -تعالى-: (لَا تَظْلِمُونَ)؛ أي في أخذ الربا، وقوله: (وَلَا تُظْلَمُونَ)؛ أي لا يُنقَص من حقّكم شيئاً، ولا يظلمكم من أخذ أموالكم.
- الحالة الثانية: أن يكون المُرابي قد قبض الربا، ولديه أموالٌ مُجتمعةٌ منه؛ ففي هذه الحالة عليه التوبة، والتوقُّف عن التعامل بالربا، ولا يُرجِع ما أخذه من الربا إلى من أخذها منهم؛ لأنّ ذلك يُعينهم على المُراباة مع غيره، ولا يتصرّف بالأموال الربويّة؛ لأنّها من كَسبٍ حرامٍ، إنّما يتخلّص منها بالصدقة ، والمشاريع الخيريّة.
الهامش
*مثلاً بمثلٍ يداً بيدٍ: التماثُل في الكمّية والوزن، والتقابُض حالاً.
*الثمنيّة: ما له قيمة، ويُمكن اكتنازه وادّخاره.
*الادّخار والاقتيات: الطعام المدّخر هو الطعام الذي لا يفسد بتخزينه لوقت الحاجة، أمّا الاقتيات فهو الطعام الأساسي الذي لا غِنى عنه.