كفارة كشف ستر المسلم
كفارة كشف ستر المسلم
أمر الله بستر القلب عن المحرمات، فمن تستّر بالتقوى كان هذا طريقا له لستر بدنه وستر حُرمات الناس، والمؤمن يتحرى أمر الله في الستر حتى تصير صفة له، وقد وعد الله من تحلى بالستر بأعظم ثواب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الْمُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، مَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه بها كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ).
والفاسق يتحرى مواطن الغيبة بتتبع عورات الناس لفضحهم بلا خجل ولا وجل، ومن فضح مسلماً فضحه الله عز وجل، وقد توعد الله -عز وجل- من تتبع عورات الناس بأشد العقاب؛ لأن ما يقومون به ظلماً في حقوق الناس، ولكنه جعل التوبة لمن عزم عليها للتكفير عن ذنبه، فالله غفور رحيم يغفر الذنوب جميعاً.
التوبة من كشف عورات الناس
إن للتوبة من كشف غطاء الستر عن الناس أمور وضوابط مهمة، منها ما يأتي:
تخلي المذنب عن الصفات السيئة
إن التوبة لا تصح إلا بتخلي الإنسان عن الصفات التي جعلته يرتكب الذنوب، فصاحب الغيبة أو كاشف السر أو الذي يتجسس على حرمة الناس للفضول أو بقصد الضرر لا تصح توبته إلا بهجرة هذا الذنب العظيم الذي هو في الأصل مظلمة للغير.
الاستغفار من الذنب
متى تاب العاصي من ذنبه وجب عليه الاستغفار حتى تتم توبته ويقبل الله ذلك، لأن الاستغفار بمعنى طلب الرحمة والمغفرة بالخضوع، قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
تحلل الظالم من المظلوم
بعد أن يتوب المذنب توبةً نصوحاً يجب أن يتحلّل من مظلمته، وتحلّله يكون بطلب العفو من المظلوم إن علم، والأولى إعلامه، وإن لم يعلم فعليه أن يكتفي بالاستغفار له وهذا واجب عليه، وأن يذكره بمحاسنه في المواطن التي اغتابه فيها، فالحسنات يذهبن السيئات.
تكفير الذنوب بالصدقة
إن للصدقة فضلاً كبيراً في مغفرة الذنوب، فمن أراد أن يغفر الله له في كشفه ستر إخوته فليتصدق عنهم، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الصدقةُ تُطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ).
الإكثار من الطاعات وخاصة الصيام يكفّر الذنوب
قال الله -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات)، وأفضل العبادات في تكفير الذنوب للظالم الصيام، فقد قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: يقول الله -عز وجل-: (الصَّوْمُ لي وأنا أجْزِي به..)،
وقد قال بعض أهل العلم عن هذا الحديث: "أن تشريف الصوم هنا بأنه ليس فيه مقاصة يوم القيامة أي أن الإنسان إذا كان قد ظلم أحداً فإن هذا المظلوم يأخذ من حسناته يوم القيامة إلا الصوم فإن الله تعالى قد اختص به لنفسه فيتحمل الله عنه أي عن الظالم ما بقي من مظلمته ويبقى ثواب الصوم خالصاً له".