كفارة إفطار رمضان للولادة
كفارة إفطار رمضان للولادة
الحمد لله الذي شرع الشرائع بفيض الحكمة تضفي صلاح الحال على العباد تتخللها رحمة الله في كل أمر، ولقد خلق الله المرأة فاقتضت حكمته أن يبتليها بالحيض، فشرع لها الفطر في رمضان، كما شرعه للمرأة بعد الولادة في النفاس حفاظاً على صحتها، فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، كما أنه رخص لها الفطر في أثناء الحمل وبعده في الرضاعة وأمرها بقضاء ما تفطره بأحكام عديدة.
أحكام الصيام في الحيض والنفاس
حرّم الله الصيام على الحائض والنفساء، وأوجب عليهما الفطر في رمضان؛ لأن خروج الدم يضعف بنية الجسد فهي تحتاج بذلك إلى الغذاء لتبقى بصحتها وعافيتها، وكما أن الصوم أشق على النفساء بسبب ما تعانيه من آلام المخاض والولادة، والاعتناء بطفلها بعد ولادته؛ فشرّع لهن الفطر رحمة ورأفة بهن، وأوجب الله عليهن قضاء ما قد أفطرنه في رمضان فيما بعد،
لقوله -تعالى-: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، وعد الحيض والنفاس مرضا، وقد قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- حينما سألتها امرأة: (كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ).
أحكام الصيام للحامل والمرضع
يجوز للمرأة الحامل أو المرضع أن تفطر في شهر رمضان المبارك، حتى لو لم تكونا مريضتين في أول الحمل وآخره، وفي أول الإرضاع وآخره؛ لأنهما يشق عليهما الصيام، فبالنسبة للحامل تزداد المشقة في الأشهر الأخيرة، فقد يؤثر صيامها على نمو الحمل إذا لم يتوفر الغذاء أو نقص.
فربما يضعف الحمل أو يُضمره، وكذلك بالنسبة للمرضع يقل لبنها إن صامت فيتضرر الطفل في نقص الغذاء؛ ولهذا رخّص الله لهما الفطر رحمة منه ومراعاة لحالهما، ولحالة الولد.
قضاء الصيام للحامل والمرضع
أوجب الله عز وجل قضاء الصيام على كل من رَخُص له الفطر إلا من أُصيب بمرضٍ يعجزه عن الصيام، وبما أن الحامل والمرضعِة أفطرتا لمجرد الراحة فقط فإنهما بذلك وجب عليهما القضاء لقوله تعالى: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
وقد اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أن الحامل والمرضع إن خافتا على نفسيهما وجب عليهما القضاء فقط، واختلفوا في الفدية؛ أنهما إن أفطرتا خوفا على الولد وجب القضاء والفدية، ولقد ذهب الشيخ صالح ابن العثيمين إلى القول بوجوب القضاء فقط دون الفدية في حال أفطرت المرأة الحامل أو المرضع خوفاً على نفسهما أو خوفاً على الجنين؛ لأنهما غاية ما يكونان كالمريض والمسافر، فيلزمهما القضاء فقط.
حكم تأخير القضاء
وقد أجمع العلماء -رحمهم الله- على وجوب قضاء الصوم، فيجب على المرأة أن تقضي الأيام التي أفطرتها بسبب الحيض أو النفاس، أو بسبب الحمل والإرضاع قبل دخول رمضانٍ آخر، و من أخّرت القضاء إلى ما بعد رمضان آخر لغير عذر شرعي، فعليها التوبة إلى الله -عز وجل- من ذلك مع القضاء، وإطعام مسكين عن كل يوم أفطرته، أما إن كان تأخير القضاء لعذرٍ شرعي فإن عليهما القضاء فقط دون الإطعام بعد البرء من المرض.